
 محمد ال الشيخ
يذكر الباحث المصري الموسوعي «أحمد سعد زايد» أنه اطلع على كتاب باللغة  الإنجليزية عن (الإعجاز العلمي في الهندوسية)، و أن مؤلفه ، أو مؤلفيه ،  يسيرون في الخط نفسه الذي يسير فيه من يدعون أن ثمة بعض الحقائق العلمية  التي اكتشفتها الديانة الهندوسية قبل الغرب ، و هذا ما سبقهم المتأسلمون إليه  سواء في القرآن أو السنة ، و تنبأ بها ثم أتى العلم اليوم ليثبتها .  المتأسلمون المسيسون هؤلاء و معهم الهندوس المسيسون أيضًا ، هم إما أنهم  يبحثون عن المال ، أو عن الشهرة ، و اللعب على ضعفاء العقول المؤمنين بأن  الإيمان و العلم صنوان لا يفترقان ، و هذا هراء محض و لعب على الذقون ، و له  انعكاسات مضرة غاية الضرر بالإسلام . فالله جل و علا بعث محمدًا - صلى الله  عليه و سلم - بالقرآن ليكون (هدى للمتقين)، و غايته الأولى إرشاد البشر لعبادة  الله وحده دون سواه ، و لم يكن كتابًا في الطب أو الفلك أو الكيمياء أو  الفيزياء أو الرياضيات ، فمهمة الأديان بمختلف أنواعها المسائل الدينية  و إخلاص الله بالعبادة . فمعجزة القرآن - مثلاً - لغته و بلاغته التي (أعجزت)  معاصريه ، و لم يتضمن هذا الكتاب الكريم (معجزات) أخرى ، و ليست تلك الخزعبلات  التي ألحقها بعض الدجالين ببعض آيات القرآن إلا وهم و تهيؤات . و في تقديري أن  هذا العبث يضر بالإسلام أكثر مما يفيده ، فالمكتشفات العلمية هي في الغالب  الأعم مجرد نظريات ، و هذه النظريات ليست بالضرورة قطعية ، و إنما تتطور و يجري  تصحيحها بشكل دائم ، بل و ربما قد تكون خاطئة ، و تأتي نظرية علمية ثانية  تنسفها ، و السؤال : إذا اعتبرنا أن هذه النظرية العلمية (قد) سبق بها الإسلام  العلم التجريبي الحديث كما يزعمون ، ثم اتضح أن هذه التجربة خاطئة ، أو  ناقصة ، فإن المنطق الذي يفرضه السياق أن الآية هي الأخرى خاطئة أيضًا ، و هذا  ما يزلزل أسس الإيمان لدى الشباب . و القضية تصبح أخطر ، و ربما تكون  لها آثار سلبية خطيرة ، عندما يقحمون السنة النبوية الشريفة في الموضوع , و السبب أن أغلب هذه الأحاديث من أحاديث الآحاد ، أو أن في سندها علة من علل  السند ، و معروف لدى المحدثين و الفقهاء أن أحاديث الأحاد ظنية الثبوت ، و ليست  يقينية الثبوت ، أي أن صحتها ليست قطعية ، الأمر الذي يجعلها لا ترقى إلى  مستوى القطع ، كالآيات القرآنية ، و هنا المشكلة . فقد يستدل أحد المهتمين أو  على الأصح (المتاجرون) بهذه الشؤون بحديث و يستدلون به على نظرية حديثة ،  اكتشفها البحث العلمي , ثم يكتشفون أن هذه النظرية برمتها و استدلالاتها  خاطئة ، فهل نخطئ هذا الحديث ، أم أن نعود لنخطئ النظرية الفاسدة ؟.. و الأمر  الأدهى و الأمر عندما يأتي نص هو بمقاييس أهل الحديث يعتبر صحيحًا ، لكن  التجربة أثبتت أنه خاطئ مثل حديث السبع تمرات التي أورده البخاري في  صحيحه . فهذا الحديث يقول بالنص : (عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :  من أكل حين يصبح سبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم و لا سحر) حديث رقم  356 في الكتاب الخامس و الستين ، هذا الحديث - بلا شك - حديث لا يمكن أن يصدر  عن الرسول لأن التجربة البسيطة تثبت بطلانه . و كذلك حديث شرب بول الإبل الذي  لم يكترث به الأحناف . كل  ما أريد أن أقوله هنا أننا يجب أن ننأى بالقضايا الإيمانية التي يقوم  عليها الدين ، عن مسائل العلم التجريبي الذي هو دائمًا و أبدًا محل قبول و رفض  و تصحيح و تمحيص .
تعليق : كلام منطقي و معقول