04-07-2014 , 02:01 AM | مشاركة رقم 1 |
إداري
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : 13-11-2024 07:43 PM
الدولة : قطر
|
توباد العشاق
في تراثنا العربي يعد "قيس وليلى" نموذج الحب الأبرز ، و جبل التوباد في الأفلاج قبلة العشاق الأعظم والأضخم - وفيه قال قيس حين رآه بعد طول غياب : أما المقابل الغربي لقصة قيس وليلى فهما "روميو وجولييت" وإن رجح معظم المؤرخين أنها غير حقيقية - ولم تظهر للوجود لولا الأديب الانجليزي شكسبير..فحين كتب شكسبير مسرحيته المشهورة روميو وجولييت اختار مدينة فيرونا (في شمال ايطاليا) مسرحاً لأحداثها في القرن السادس عشر. و مهما كان غرض شكسبير من اختياره لتلك المدينة فقد جلب لأهلها خيراً كثيراً - وصداعاً لابد منه لسلطات فيرونا . فقد كان لرومانسية الرواية وقع عميق على الضمير الغربي . وأصبح العامة يؤمنون بصحة أحداثها ووجود أبطالها .. وخلال الأربعمئة عام الماضية عرضت "روميو وجولييت" كمسرحية في العديد من عواصم العالم وأنتجت كأفلام مرات عديدة وتحولت من رواية أدبية إلى معالم حقيقية تجسدت في فيرونا الصغيرة ! و يبدو أن الوضع الذي تعيشه مدينة فيرونا من جراء انتساب روميو وجولييت إليها أكثر إثارة من الحبكة التي ابتدعها شكسبير نفسه ؛ فمنذ تسعين عاما او تزيد والمدينة تستقطب أعداداً هائلة من السياح العاشقين والمراهقين الحالمين لزيارة المواقع التي قابل فيها روميو جولييت أو البيوت التي آويا إليها بعيداً عن الأعين (!). و منذ عقد الثلاثينيات أخذت تتدفق على المدينة آلاف الرسائل العاطفية التي يبدي فيها أصحابها تعاطفهم مع العاشقين (ومعظمها مكتوب بلغات أصحابها الأصلية) ، ويبلغ معدلها 3 آلاف رسالة في العام . وكثيراً ما يكون الغرض من تلك الرسائل التوسط بين روميو وجولييت في حين أن هناك رسائل تكتفي بإبداء التعاطف والنصح أو تعنيف والديْ العاشقين على تشددهما "غير المقبول".. وبالطبع لا ينسى كاتبو الرسائل أن يختموها بالإلحاح على روميو وجولييت للرد على رسائلهم شخصياً .. ويصلهم الرد فعلاً !!؟ فمنذ أن بدأت الخطابات تتوالى على مدينة فيرونا التقط خبراء السياحة بحاستهم القوية بوادر ازدهار سياحي . واستغلت سلطات فيرونا الأسطورة الشكسبيرية لتنظيم زيارات وبيع تذكارات ذات علاقة . واليوم أصبح من أهم معالم المدينة متحف خاص يحتفظ برسائل المعجبين بعد أن يحولها البريد إلى مكتب خاص يرد عليها باسم روميو وجولييت . و في متحف الأسطورة الشكسبيرية توجد صور و انتيكات و رسائل يدعي القائمون عليها بأنها من بقايا المقتنيات الحقيقية للعاشقين .. بل بلغ الأمر ببعض أهالي فيرونا حد تصديق الكذبة (التي بلوروها بأنفسهم) وأصبحوا على قناعة بأن روميو وجولييت شخصيتان حقيقيتان صاغهما شكسبير بأسلوبه المميز..و سواء أكانت القصة حقيقية أو مختلقة فقد تحولت المدينة اليوم الى توباد العاشقين في العالم الغربي..وأجهشت للتوباد حين رأيته وكبّر للرحمن حين رآني وأذرفت دمع العين لمّا عرفته ونادى بأعلى صوته فدعاني * نقلا عن "الرياض" السعودية |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |