محمد الباهلي
إلى جانب السياسات العدوانية ذات الجذور التاريخية العميقة من الكراهية للعرب و التي جعلتها إيران نهجاً ثابتاً و مستمراً منذ الدولة الصفوية ، حرصت إيران دائماً على تمييز نفسها عن العرب و الإسلام السني ، النهج الذي بلغ ذروته مع ملحمة الفردوسي الشهيرة «الشاهنامة» التي كرس أغلب أبياتها لشتم العرب و تمجيد الفرس . و هي كراهية تكرسها أيضاً سياسة إيران التعليمية الحالية و التي تمارس من خلالها أكبر عملية تضليل و تزوير و تشويه منظمة للحقائق الخاصة بالعرب ضمن أهداف ثورة الخميني ذات النزعة الاستعلائية التوسعية ، حيث يتخرج الطالب الإيراني مشحوناً ضد العرب لا يعرف عنهم سوى أنهم أعداء و غزاة . و قد بينت الدراسات ذات الصلة أن مناهج التعليم الإيرانية و بدلاً من أن تعلم الطالب قيم الحوار و التعايش و حسن الجوار , تجعله يتبنى موقفاً عدائياً من العرب كما تسعى لطمس التاريخ العربي و معالم الشخصية العربية و لترسيخ ثقافة الحقد في عقل الطالب الإيراني تجاه العرب . و من ذلك ما خلصت إليه نتائج دراسة قام بها رئيس وحدة الدراسات الإيرانية في مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية الدكتور نبيل العتوم تحت عنوان «صورة العرب في الكتب الإيرانية .. دراسة استقصائية علمية» و شملت الدراسة تحليل كتب المناهج في المراحل المختلفة للتعليم الرسمي . و يتضح أن هذه المناهج وضعت لترسيخ المخططات الإيرانية الصفوية في المنطقة و الرامية لطمس هوية الإنسان العربي و العمل على خلق و إدامة حالة الصراع بين الطرفين . و تبعاً للدراسة فإن هذه المناهج تصنف العرب على أنهم قبائل همجية و قُطاع طرق يحتقرون المرأة ، و يتصفون بالكذب ، و لا يملكون أياً من مقومات الحضارة . و بالمقابل تصور الفرس من منظور التفوق العرقي على أنهم «شعب آري نقي الدم» استطاع بهمته و طموحه تأسيس حضارة رائدة و التفوق على غيره من الشعوب المحيطة و التفرد بريادته و تقدمه و تطوره . و بطبيعة الحال فإن هذه المناهج لا تسعى لخلق حالة من التعاون أو التعايش بين العرب و الإيرانيين بل لخلق حالة من التعبئة ضد العربي و زرع صورة سلبية حوله في ذهن الطالب الإيراني ، عبر إظهاره بلباس رث كحداد أو كراعي أغنام ، أو كشخص جبان و ضيق الأفق و مشوش الشكل و الفكر و متأمر على آل البيت ! بل أكثر من ذلك فإن هذه المناهج تضع الطالب في حالة مفاضلة من خلال البعد المذهبي كما تضع الكعبة المشرفة مقابل النجف ، و تصور الفرس على أنهم حمام الاستقرار و الهدوء و السلام و الأمن في المنطقة ، أما العرب فتصورهم كمخربين يسعون لتكريس الفوضى و عدم الاستقرار . و عن دور العرب في التاريخ الإسلامي فإن المناهج الإيرانية تصوره على أنه دور ثانوي ليس ذي صلة واصلة بهذا التاريخ و ذلك بتجاهل أي ذكر للعرب في مجريات الدعوة الإسلامية ، و تصوير الفتوحات الإسلامية على أنها احتلال و هجمة عسكرية و القول بأن الفاتحين العرب كانوا مجرد غزاة طامعين ! و كما تقوم هذه المناهج على خلط للحقائق التاريخية و الجغرافية بالأساطير و الأهداف الفارسية ، فهي تعكس روحاً توسعية واضحة إذ تصر على استخدام تسمية «الخليج الفارسي» و على ما تعتبره «حقوقاً تاريخية» لإيران في الجوار الجغرافي تجب استعادتها للوطن الأم ! و حسب دراسة الدكتور نبيل العتوم فإن المناهج الإيرانية تسعى لإيجاد أطر إقليمية بديلة للإطار العربي , حيث تحاول كتب الجغرافيا تأسيس مثل هذه الذهنية بتغييب الإطار العربي و طمس هويته و إدخال هوية إقليمية جديدة باسم «الشرق الأوسط الجديد» و الذي كان أول من تحدث عنه شيمون بيريز في كتابه الصادر بنفس العنوان .
تعليق : للاسف عقلية مريضة لكن الأمل في حاجتين : الأولى , تغيير هذا النظام المتخلف العدواني بنظام علماني أكثر عقلانية . ثانيا" , رص العرب صفوفهم و الاعتماد على النفس حتى نكسب احترام الجميع ايران و غيرها .