أحمد الصراف
درسونا و تعلمنا من أهالينا أن نكون مسلمين ، فأدينا الصلوات بعد أن عرفنا مواقيتها و طريقة أدائها ، و صمنا رمضان و التزمنا به . و عندما كبرنا علمونا أن نخرج الزكاة مما نكسب ، و أن نسعى إلى حج البيت ، كما تعلمنا السيرة و احترام الصحابة و توقير نساء بيت النبوة ، و اتباع الفتاوى ، و مساعدة الفقير ، و إطعام ابن السبيل ، و إيواء المحتاج ، و غير ذلك من دروس ، و لكن من الواضح أن جميع هذه الدروس الدينية لم تجعل من مسلمي الكويت على الأقل أفضل من غيرهم لاسيما في ما يتعلّق بالأخلاق و بطريقة التعامل مع الغير . فزيارة واحدة لمناطق مخيمات الربيع بعد انتهاء الموسم يمكن أن تعطينا فكرة عن مفهومنا كمسلمين عن النظافة و البيئة و حق الغير فيها . و ربما لا يلام مرتادو البر على ذلك فهي ليست من ثقافتهم ولم تدرس لهم . و لو قمنا بجولة في مناطق السكن التي كانت نموذجية لوجدنا مثلاً أن عشرات آلاف المواطنين «غشوا» الدولة و المجتمع بقيامهم فور إيصال التيار لمساكنهم الخاصة (الفيلا) بالتلاعب في مواصفاتها و تحويلها لتصبح مجموعة شقق تؤجر على الغير ، و لتكتظ شوارع المنطقة السكنية بسيارات لا مواقف لها و حركة مرور و مجار لا تتحمل عبء كل قاطني المنطقة ، و لكن الجميع يهرعون إلى المساجد فور رفع الأذان من دون أن تحاسبهم أنفسهم على تلاعبهم بقوانين البلاد . كما أنه من الصعب على الكثيرين الربط أو فهم التناقض بين قيامنا بأداء واجباتنا الدينية و رفضنا الإبلاغ عن وفيات الأسرة و الاستمرار في قبض الإعانة عنهم ، أو الطلب من طبيب لا ضمير له شهادة بوجود إعاقة لدى أحد أبنائنا ليكون لنا الحق في قبض إعانته من الشؤون . نعم ، الأغلبية ملتزمة دينياً ، و المساجد تمتلئ بالمصلين ، و التفاخر بالقيام بالحج في أوجه ، و لكن قلة فقط تكترث بأين توقف مركبتها قبل أو بعد أو أثناء الصلاة ، فما علاقة المرور بالصلاة ؟ كما أن الذي حج خمس مرات لا يرى سوءاً مثلاً في الاستعانة بنواب «الخدمات» لقضاء حوائجه و التوسط لرفع علامات ابنه الكسول ، و إسقاط مخالفات المرور عن السائق ، فجميع هذه الأمور لا علاقة لها بعباداتنا . كما أن النائب بنفس القدر لا يشعر بأن ما يقوم به غير أخلاقي ، فهو يفرج كربة مواطن و يساعد غيره و لا يرى ضرر ذلك لا على الوطن و لا على بقية المواطنين ، فعندما يرفع الأذان يحرص على أن يكون في الصفوف الأمامية . هذا الانفصال التام لدى الكثيرين بين الواجبات الدينية و متطلبات المعيشة و لجوء البعض للغش و ارتكاب المخالفات هو نتيجة طبيعية لفشل التعليم الديني الذي خصص له الوقت الأكبر مقارنة بالمواد الأخرى . نعم ، لقد فشلت وزارة التربية على مدى نصف القرن الأخير في أن تجعل من الكويتي العادي الذي يمارس طقوسه الدينية بطريقة تقليدية مواطناً صالحاً . و لا يجب هنا الاكتفاء بتحميل الحكومة المسؤولية و أنها التي عقدت المعاملات فاضطر المواطن إلى اللجوء للنائب ، فالكثير من تصرفات المواطنين اللاأخلاقية لا علاقة للحكومة بها كمخالفات المرور ، و قلة الأدب في التعامل مع المقيم ، و تقسيم الفلل لشقق ، و غير ذلك الكثير . نعم ، نحن بحاجة أكبر لأن ندرس القيم و الأخلاق من أن ندرس أي مواد أخرى .
تعليق : ليس في الكويت فقط بل كل دول الخليج و الدول العربية مثل ما نفس التصرفات موجودة عند الجميع و الدليل الأخر التخلف الحضاري اللي جزء كبير منه التخلف الاخلاقي .