[البرواز و الصورة]

احمد منصور

إنشاء 44 مدينة جديدة.. والتنفيذ فورا» كان هذا هو العنوان الرئيسي لصحيفة الأهرام الرسمية المصرية يوم الأحد الماضي 12 مايو، حينما قرأته باللون الأحمر وبأكبر بنط على صدر الصفحة الأولى أدركت إلى أي مدى وصل حال مستنقع الصحافة المصرية الآسن سواء في الصحافة الرسمية أو غير الرسمية وهو امتداد لحالة الإنحطاط التي يعيشها الإعلام المصري بأجهزته المختلفة ، هل يعلم الشعب المصري أنه لم يتم بناء أي مدينة جديدة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك طيلة ثلاثين عاما من الحكم الفاسد إلا مجمعات رجال الأعمال الذين امتصوا دماء الشعب وخيراته وقسموه إلى نصفين نصف يعيش في المجمعات المحاطة بالأسوار في تلك المدن وقسم يعيش خارجها ؟ وهل يعلم الشعب المصري أن كل هذه المدن الجديدة مثل العبور والشروق والعاشر من رمضان و6 أكتوبر والقاهرة الجديدة والسادات وغيرها وضعت خططها في عهد الرئيس السادات وكان المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة الأسبق هو المهندس الحقيقي الذي وضع مخططات هذه المدن ؟ وهل يعلم الشعب المصري أن كثيرا من هذه المدن لم يتم الانتهاء من كامل بنيتها التحتية ، وليس لها مواصلات عامة فاعلة إلى الآن وأن الطرق المؤدية لها عبارة عن اختناقات مرورية على مدار الساعة ؟ وأن نسبة الأشغال في بعض هذه المدن قليلة بسبب عدم تنميتها أو وجود مخططات واضحة لها ؟ كيف يتم خداعنا وبيع الوهم لنا في عنوان كبير في صحيفة كانت محترمة ولازالت تمول من أموال الشعب ومن دمائه ، ويتقاضى الصحفيون الذين يعملون بها رواتبهم من جيوب الشعب المصري وعرقه وكفاحه ثم تواصل التدليس والتهليس علينا وتعيدنا إلى الأكاذيب والتضليل الإعلامي الذي كان يمارس في عهد المخلوع مبارك وكأن كل الذي تغير هو الأسماء الموجودة على الترويسة الرئيسية للصفحة الأولى ، هل يمكن لبلد مثل مصر بوضعها الاقتصادي المزري والديون الهائلة التي تدين بها الحكومة وعجز الموازنة الذي بلغ 200 مليار جنيه تمثل 11,5 % من الناتج القومي للبلاد و الوضع السياسي الضبابي الذي نعيشه والمخاوف من انقطاع الكهرباء في الصيف والأزمات المختلفة التي تعانيها البلاد في البنية الأساسية للمدن القائمة أن تنشئ 44 مدينة جديدة وفورا" ؟ !!! ما هذا الاستهبال والاستعباط والاستغباء والاستحمار الذي يمارسه صحفيون مدلسون مفلسون على الشعب الذي يتقاضون رواتبهم من جيوب أبنائه ؟ وبغض النظر عن التدليس في متن الخبر هل يعتقد بعض أساتذة التضليل الإعلامي الذين يديرون «الأهرام» أن مثل هذه العناوين المخادعة والكاذبة يمكن أن تنطلي على الشعب الذي أصبح يعرف الغث من السمين ولم يعد أحد يستطيع أن يعيده للوراء من صناع الأكاذيب ومروجي الإشاعات الذين يتقاضون رواتبهم من أموال الشعب ؟ كم عدد المجلات الفاشلة التي تصدرها مؤسسة الأهرام ؟ وماهي المبالغ التي تنفقها من أموال الشعب على هذه الإصدارات ؟ وما هي مؤهلات القائمين عليها وخبراتهم ؟ وما هي علاقات كثير منهم بالنظام السابق الذي أسقطه الشعب والذين يذرفون الدموع على أطلاله بينما يأكلون من جيوب الشعب الذي أسقطه ؟ وما هو حجم مبيعات هذه الإصدارات وحجم العائد المالي من ورائها ؟ ولماذا لا يتم إغلاق كل المجلات الهابطة لغة وصحافة وأداء وتوزيعا في هذه المؤسسة وغيرها واستثمار هذه الأموال في تعليم الصحفيين المضللين الذين يعملون بها معنى الصدق والأمانة واحترام الشعب والاحتراف المهني أو المجيء بجيل جديد وتعليمهم أصول المهنة لأن هؤلاء لا أمل فيهم ولا رجاء ويحسن بهم أن يعملوا في مهن أخرى تليق بثقافتهم الهابطة ؟ ألا يعلم هؤلاء أن عصر التدليس قد انتهى وأن كل أفاق وكاذب ومدلس على الشعب لن يتقاضي قرشا واحدا من جيوب الشعب ، إن بناء مدينة واحدة من هذه المدن الأربع والأربعين التي أشارت إليها الصحيفة التي كانت محترمة والهابطة توزيعا ومبيعا ومهنية بحاجة إلى عشرات المليارات من الجنيهات التي لا ندري من أين ستأتي بها الحكومة فورا حتى تبدأ ، وبحاجة إلى عشرات الموافقات من كافة الأجهزة والوزرات و المؤسسات لاسيما جهاز أراضي الدولة الذي يكاد يسبب شللا في اي تنمية ؟ فمتى تحترم هذه الصحف عقل القارئ المصري وثقافته ؟