عصام أمان الله بخاري
في أي ساعة يحضر مديرك إلى العمل ؟ متى يغادر مكتبه ؟ أعرف مسؤولاً سعودياً كان يحضر إلى مكتبه الساعة السادسة و النصف صباحاً و كان أفضل وقت للاجتماع معه هو ذلك الوقت حيث لا يزال الذهن صافياً و النفسية نقية لم تتلوث بهموم و ضغوط الأعمال اليومية .. مقالة اليوم تجيب عن السؤال كم ساعة يعمل المدير ؟ أذكر في إحدى المقابلات التلفازية مع الرئيس الأميركي جورج بوش الابن أنه سُئل : « ما هو أكبر عمل يستهلك وقتك كرئيس للولايات المتحدة الأميركية ؟ »، فأجاب بوش الابن : « التفكير في القرارات التي يجب أن اتخذها و ماذا سيترتب عليها ؟ ». في الواقع إن هذه الإجابة تلخص كثيراً من أعمال القائد أو المدير . و لتقريب الصورة فلو فكرنا بجسم الإنسان فالدماغ يشكل اثنين بالمئة فقط من وزن الجسم الإجمالي و لكنه بالمقابل يستهلك ما يقارب عشرين بالمئة من إجمالي الطاقة التي يحتاجها الجسم .. و في مقالة منشورة بمجلة بريزيدنت اليابانية بتاريخ 18/4/2018م يتحدث رئيس جامعة إي بي يو (ديجوتشي هيروأكي) عن صديق له في سن الشباب يرأس شركة في اليابان و يتحدث للملأ دوماً أنه لا يعمل سوى ثلاث ساعات يومياً . و عند سؤاله عن السبب يجيب بأن الإنسان إذا ما أراد العمل بتركيز و استخدام كافة قدراته الدماغية فلن يستطيع فعل ذلك أكثر من ثلاث ساعات في اليوم فقط . و عندما سُئل هذا المدير الشاب عما يفعله في باقي ساعات الدوام ؟ أجاب بقوله أدور على الموظفين و استمتع بالتواصل معهم و تحفيزهم .. بغض النظر عما إذا كنا نتفق أو نختلف في الرأي كقراء مع هذا المدير الشاب ، فهذا الرقم ليس بعيداً عن نتائج دراسة قام بها موقع vouchercloud.com عام 2017م على 1989 موظفاً رسمياً في بريطانيا حول إنتاجيتهم في العمل ، حيث توصل الباحثون إلى أن العامل البريطاني في المعدل لا يعمل بإنتاجية يومياً سوى ساعتين و ثلاث و خمسين دقيقة قبل وقت الغداء . أما النتائج الصاعقة فكانت كيف يقضي الموظفون في بريطانيا بقية الأوقات يومياً و التي جاءت كما يلي حسب طول مدة النشاط : قراءة المواقع الإخبارية ساعة و خمس دقائق ، متابعة تحديثات مواقع التواصل الاجتماعي 44 دقيقة ، مناقشة الزملاء في قضايا خارج نطاق العمل 40 دقيقة ، البحث عن وظائف أخرى 26 دقيقة ، تدخين السجائر 23 دقيقة ، التحدث هاتفياً مع العائلة و الزملاء 18 دقيقة ، إعداد القهوة و المشروبات الحارة 17 دقيقة بالإضافة لنشاطات أخرى . لاحظ هنا أن الأرقام تتحدث عن الموظفين في بريطانيا , و تمنيت لو أرى دراسة مشابهة عن حال الموظفين في السعودية و العالم العربي .. الجدير بالذكر أن السويد قررت تبني مبدأ التركيز على الإنتاجية بدل الكمية في ساعات العمل فقررت تخفيض ساعات الدوام الرسمي اليومي إلى ست ساعات لتتيح للموظفين فرصة الاستمتاع بحياتهم في ممارسة الهوايات و تعزيز العلاقات الإنسانية .. و أعود للسؤال في بداية المقالة حول عدد ساعات عمل المدير و التي أراها لا ترتبط برقم معين بل بإنجاز المهمة . و أذكر هنا رئيس مجلس إدارة شركة طيران عربية كبرى أصدر قراراً بمنع صرف خارج الدوام على المديرين في الدرجة التنفيذية حيث إن طبيعة عملهم لا يجب أن ترتبط بهذه المكافآت . و كانت النتيجة بدء صرف هذه المخصصات للموظفين في الدرجات الكادحة و الذين كانوا يحرمون من هذه المكافأة لأن البند لم يكن يكفي في الماضي .. و باختصار ، المدير مهمته التفكير بتحقيق رؤية المؤسسة و أهدافها و تيسير العمل و حل مشكلات الموظفين ، و يحتاج الأمر إلى ذكاء و حكمة في كيفية توزيع ساعات العمل بين نشاطات تتطلب تركيزاً ذهنياً و نشاطات تتطلب التواصل مع الموظفين و الأفراد و الجهات الأخرى ذات العلاقة ..