محمد علي الحسيني
قد يستغرب الکثيرون کيف أن نظام ولاية الفقيه في إيران الذي يعاني من أوضاع اقتصادية بالغة السوء يقوم في هذه الفترة و تحديدا من جانب مكتب الولي الفقيه خامنئي بتخصيص مليار دينار عراقي (750 ألف دولار) لمن يؤسس محطة تلفزيونية أرضية و ثلاثة مليارات دينار (مليونا دولار) لكل من يطلق فضائية جديدة سنويا ، و قد تم وضع شروط محددة لمن يقوم بهذا العمل من العراقيين بحيث يجعلوا کل همهم في مهمتهم هذه لکن إذا عرف السبب بطل العجب . الساحة العراقية و لأسباب مختلفة تشکل أهمية و اعتبارا خاصا لنظام ولاية الفقيه و تشکل حاليا المفتاح الرئيسي الأهم في فتح أقفال بوابات الدول الأخرى في المنطقة ، ذلك أن الساحة العراقية تتمتع بخصائص و مميزات تجعلها أهم و أجدى من غيرها لهذا النظام و من أهم هذه الخصائص : أولا ـ أکثرية الشعب العراقي من الشيعة العرب و في حال نجاح مخطط النظام بالتمويه عليهم و کسبهم الى جانبه فإنه تکون لديه قوة عسکرية ضاربة کبيرة جدا . ثانيا ـ العراق يتمتع بخيرات و موارد إقتصادية هائلة و من الممکن جدا توظيفها لصالح المخططات المختلفة للنظام في المنطقة و العالم . ثالثا ـ موقع العراق الاستراتيجي الذي يطل على أکثر من دولة خاصة على الكويت و السعودية و الاردن و يجعل منه منفذا للتوسع و بسط الهيمنة و النفوذ على دول عربية أخرى . رابعا ـ هناك في العراق ميليشيات مسلحة تم إعدادها و تعبئتها و لعبت دورا ملفتا للنظر لصالح المخططات الايرانية و ان الطموح يتجه الى جعلها قوة ضاربة و فاتحة لدول أخرى أمام الهيمنة و النفوذ الايراني ، خصوصا ان زعيم منظمة بدر الموالي لإيران قلبا و قالبا قد صرح مؤخرا بأن الميليشيات الشيعية مستعدة لتقاتل في سوريا و اليمن و البحرين و السعودية و أي مکان آخر من أجل خدمة الأهداف الإيرانية . لکن نعود مرة أخرى لبداية الموضوع ما هو السر الذي يقف وراء هذه الحملة الإعلامية المفاجئة التي يقوم بها مکتب الولي الفقيه نفسه في العراق من أجل فتح قنوات تلفزيونية أرضية و فضائية ؟ الإجابة على هذا السؤال يقود بالضرورة لإلقاء نظرة على الأوضاع التي مر بها العراق و لا سيما خلال الاشهر المنصرمة حيث شهد تصاعد الوعي الفکري و السياسي و الديني لدى الشعب العراقي عموما و الشيعة منهم خصوصا تجاه خطورة و مشبوهية الدور الإيراني في العراق و هو أمر فاجأ النظام الإيراني تماما کما کان الأمر مع عملية "عاصفة الحزم" المبارکة التي أربکت و أذهلت قادة النظام الإيراني و دفعتهم إلى إطلاق تصريحات تتسم بالانفعالية و التشنج و کما يبدو فإن نظام ولاية الفقيه الذي يمر بأوضاع حرجة و قلقة في سوريا فإنه يرى في تضعضع دوره و نفوذه في العراق بداية النهاية الحتمية له في المنطقة ، و لذلك فإنه قد شرع في هذه الحملة الإعلامية الخبيثة و المشبوهة من کل جوانبها. هذه الحملة الإعلامية المشبوهة التي تهدف للحد من حالة التراجع و الانکسار الفکري و السياسي داخل العراق من خلال مضاعفة نشر سموم الأفکار الطائفية داخل العراق بإنابة عناصر عراقية مشبوهة تقوم بأداء هذه المهمة اللاإسلامية و اللاوطنية و اللاعربية في سبيل قلب الحقائق و ترويج أخبار و أمور تموه على الشيعة العرب في العراق خصوصا و المنطقة عموما من أجل تشويه الواقع و تزييف الحقائق ، و قطعا فإن على العراقيين و لا سيما الشيعة منهم و عموم الشيعة العرب أن ينتبهوا لهذه الحملة المبيتة و الخبيثة و أن لا يروا بعين واحدة و لا يسمعوا بأذن واحدة و وجوب أن ينتبهوا للأخبار و يدققوا بها کي لا يصيبوا قوما بجهالة لأن هذه الحملة هي بالأساس حملة تتسم بالنفاق و الدجل و تنطبق عليها الآية الکريمة من سورة الحجرات (يا أيها الذين آمنوا إن جاءکم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) و إننا لعلى ثقة کاملة من أن الشعب العراقي خصوصا و الشيعة العرب عموما سيردون الصاع صاعين بعون الله لنظام الدجل و الکذب و کما سيردون کيدهم إلى نحرهم فهم سيردون أيضا بضاعتهم الکاسدة إليهم .