[البرواز و الصورة]

منذ القدم و الإنسان يحاول أن يتميّز عمن حوله مرّة بتسريحة شعره و مرة بملابسه أو لازمة كلامية و مرة أخرى بعطر خاص و مختلف يعرفه الناس بمجرّد أن يشموا رائحته . و عادة ما ترتبط العطور في الأذهان بالموضة و الجمال و الراحة و الرومانسية و هو ما جعل لها مكانة خاصة في قلوب الرجال و النساء على حد سواء . و في البداية حاول الإنسان محاكاة روائح الطبيعة قبل أن يسير عبر درب الإبداع و يبدأ في ابتكار روائح جديدة بمزج العديد من المكونات بعضها طبيعي و بعضها صنعه بنفسه وصولا لمئات الأنواع و الأشكال و الأحجام من العطور التي لم يعد أحد يستغني عنها في العصر الحديث . و استخدمت العطور كذلك في الطقوس الدينية و قدّم الفراعنة قرابين من الزيوت العطرية و المراهم و لجأوا إليها في أثناء التحنيط الشهير ، و يقال إنه في اليونان شاع استخدام العطور حتى تم تحريم استخدامه على غير الحلاقين و النساء حرصا على أن تظل متوافرة للأغراض الدينية . و في الإسلام، أعلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من قيمة العطر و النظافة الشخصية بقوله في حديث شريف : حبب إليَّ من دنياكم النساء و الطيب و جعلت قرة عيني في الصلاة" صدق الرسول الكريم (ص)

لكن هل سألت نفسك قبلا : كيف تصنع هذه العطور ؟
تستخدم في صناعة العطور المكونات الطبيعية مثل الزهور و الأعشاب و التوابل و الفواكه و الخشب و الجذور إضافة للمركبات الكيميائية مثل الراتنجات و الكحول و البتروكيماويات و الحيوانات أيضا تمد صناعة العطور ببعض المكونات ، فالمسك يأتي من ذكور الغزلان و العنبر يستخرج من الحوت و غالبا ما تستخدم مواد حيوانية أخرى كمثبتات حتى لا تتبخر العطور بسرعة و تدوم رائحتها فترة أطول . و أحيانا ما يستخدم الكحول و الماء أيضا لتخفيف المكونات لصناعة "ماء تواليت" بدلا العطر . و لأن الزيوت المستخلصة من الأزهار و النباتات تكون أسعارها غالية للغاية حيث يكلف إنتاج أوقية واحدة من العطر كميات هائلة من الأزهار ظهرت الحاجة للاعتماد على الزيوت الصناعية مع نسبة من زيت الأزهار . و بعد سنوات من البحث و التقدم التكنولوجي أصبح بإمكان الكيميائيين تركيب زيوت صناعية تطابق تماما الزيوت الطبيعية .

و تصنف العطور بصفة عامة إلى

زيوت طبيعية عطرية : و هي التي تستخرج من النباتات و إفرازات الحيوانات و هي الأفضل على الإطلاق و الأكثر ثباتا و الأطول عمرا . و تنقسم وفق حالتها إلى : طيّار ، سائل ، راتنج . و تستخرج من الأزهار و النباتات بعدة طرق مثل التقطير بالبخار ، الاستخلاص بالمذيبات بطريقة التشريب ، و النقع ، كما يستخدم ثاني أكسيد الكربون السائل أيضا في عمليات الاستخلاص . و تذاب أغلب العطور في مادة الإيثانول عدا الثمينة بالتأكيد .
المركّبات الصناعية : و هي مواد ذات روائح مميزة تنتج بخامات طبيعية أو صناعية و أسعارها ليست مرتفعة مثل الزيوت الطبيعية و أصبح بالإمكان إطالة تأثيرها و مدتها بوسائل عديدة .
مستخلصات حيوانية : مرتفعة الثمن لكن لها فائدة كبيرة في صناعة العطر حيث تمنحه الاستمرارية و الدوام .
أشباه الراتنجات : و يدخل في نطاقها العنبر و البنزوين و غيرها و أسعارها ليست مرتفعة و تستخدم في الغالب كمثبتات للرائحة . و يتكون العطر في العادة من العديد من المواد التي قد تصل إلى أكثر من 100 مكوّن حسب جودته و ثباته و الثمن الذي سيتم طرحه به في الأسواق . و يضم العطر عادة 3 نوتات .
نوتات المقدمة : تحوي الرائحة التي تكون أول ما يطالع أنوفنا عندما نشم العطر و تترك الانطباع الأولي عنه و لا تكون ثابتة في العادة و دورها التمهيد لنوتات القلب كالمقدمة الموسيقية التي تمهد للحن العظيم .
نوتات القلب : هو جوهر العطر و سر قوته و نقطة تميزه و اللحن الكبير الذي جرى الإعداد له بنوتة المقدمة الآن حان وقت انطلاقه بمنتهى القوة ليسلب ألباب الناس و يعلقهم به .
نوتات القاعدة : بعد أن يدوّي اللحن العظيم يأتي دور اللحن الثابت المتكرر الذي سيترك الانطباع النهائي على الجلد و في الروح أيضًا و تكون مكوناته قوية و ثابتة . و في العصر الحديث أصبحت هناك ماكينات و آلات عملاقة و على أعلى مستوى لصناعة أنواع العطور المختلفة و منح الإنسان متعة لا تنتهي .