سامي النصف
كان الانتصار الباهر و التضحيات الجسيمة التي قدمها الاتحاد السوفييتي إبان الحرب الكونية الثانية ضد القوات النازية التي سامت شعوب دول غرب أوروبا العذاب سببا رئيسيا في وجود أحزاب ماركسية قوية في دول غرب أوروبا كحال إيطاليا و فرنسا و إسبانيا و اليونان و البرتغال بعد ان تحولت دول شرق أوروبا للشيوعية ، حتى أصبح البعض منها كالحال في إيطاليا و فرنسا قاب قوسين أو أدنى من المشاركة الشيوعية في الحكم . بدأت في الستينيات قوى دولية بالتعاون مع السلطات الأمنية مع بعض الدول الغربية بتطبيق نظرية «العمل من خلال خطة العدو» اي خلق قوى متطرفة تدعي الماركسية ثم دفعها للقيام بعمليات إرهابية كبرى مثل التفجير بالأماكن المزدحمة و الاغتيالات و الخطف كحال خطف رئيس الوزراء الإيطالي الدو مورو و قتله من قبل منظمة الألوية الحمراء التي تدعي الماركسية قبل إشراكه الشيوعيين معه بالحكم و تأجيج مظاهرات طلابية تدعي اليسارية عام 1968 في باريس التي دفعت الرئيس ديغول للاستقالة من منصبه عام 1969 و كان احد الداعين لانسحاب فرنسا من حلف شمال الاطلسي . و قد استخدمت الخطة نفسها و في الحقبة الزمنية نفسها في منطقة الشرق الأوسط حيث تم طبخ عدة انقلابات عسكرية في العراق 1968 و ليبيا 1969 و سورية و السودان 1970 و ترك لأنظمتها ادعاء اليسارية و القومية و القرب من الاتحاد السوفييتي ثم القيام بكل الموبقات من قتل و تعذيب و فساد مالي و شن حروب خاسرة كي تنتقل كراهية شعوبها لها الى ما تدعيه من أفكار و ما تحمله من شعارات و لم يكن الاتحاد السوفييتي راضيا على الإطلاق عمن يدعون التحالف معه و صداقته و هم ينكلون و يعدمون الشيوعيين في بلدانهم و البلدان الأخرى ، كانقلاب صدام على الشيوعيين عام 1978 و إصداره حكم الإعدام على من ينتمي للحزب الشيوعي العراقي ، و مثله دخول جيش الاسد الى لبنان عام 1976 لمحاربة القوى الفلسطينية و اليسارية و الماركسية المسماة بالقوى الوطنية لصالح القوى اليمينية اللبنانية المتحالفة مع اسرائيل ، و مثل ذلك قيام القذافي في يوليو 1971 بإفشال انقلاب هاشم عطا الماركسي على النميري عبر إنزال طائرة الركاب البريطانية التي تقل قادة الانقلاب كأبوبكر نور ورفاقه القادمين من لندن الى الخرطوم لدعم الانقلاب الذي أعلن باسمهم ، كما زرعت مخابرات صدام قنبلة بطائرة القيادات الشيوعية السودانية التي توجهت من بغداد للخرطوم فانفجرت بالجو و قتل ركابها ، و جميعها من أعمال من يدعي صداقة الاتحاد السوفييتي بالعلن و يعمل على تدميره بالسر ، و اذا كان هذا فعل الصديق و الحليف فماذا يفعل العدو ؟! و الأرجح ان نهج «العمل من خلال خطة العدو» قد امتد في الثمانينيات و التسعينيات و ما بعدها حتى يومنا هذا للحركات الإسلامية بكل توجهاتها و مذاهبها و قبلها التنظيمات الفلسطينية حيث تسابقوا على القيام بالأعمال الإرهابية الشنيعة التي تنفر الناس منهم و من القضايا التي يتبنونها و الشعارات التي يرفعونها و لازالت تنظيمات مثل القاعدة و داعش و أنصار الله و غيرها تدمر الدول الاسلامية تحت رايات الاسلام .. و يا لها من خطة ذكية ناجحة تعتمد على ان شعوبنا الساذجة تصدق ما تسمع من أكاذيب و تكذب ما ترى من حقائق ! آخر محطة : (1) تنقل قيادات داعش هذه الأيام بين العراق و سورية و ليبيا يذكرنا بتنقل قيادات تنظيم بونضال المشبوه سابقا بين بغداد و دمشق و طرابلس رغم دعاوى العداء بينهم إلا انهم كانوا جميعا يوفرون له الأموال و الجوازات لعملائه للقيام بالعمليات الإرهابية الشنيعة باسم القضية الفلسطينية لتدميرها! (2) في كتاب صدر قبل أشهر لنائب الرئيس السوري فاروق الشرع تطرق ضمنه لقضية الإرهابي نزار هنداوي الذي شوه سمعة الفلسطينيين و العرب عندما أعطى زوجته الايرلندية الحامل منه شنطة قبل سفرها بالطائرة كان يفترض ان تنفجر فوق لندن فتقتل 375 راكبا بالطائرة و مئات الأبرياء على الأرض ، و يعترف الشرع بأن نزار و هو أردني من أصل فلسطيني رفضت السلطات الأردنية منحه جواز سفر بسبب عمالة والده للموساد ، و يرى الشرع ان نزار كذلك إلا انه يقر بأن السلطات السورية منحته جواز سفر سوريا ديبلوماسيا لتسهيل دخوله الى لندن للقيام بعمليته المكشوفة . (3) مثل ذلك عملية بونضال في محاولة قتل السفير الاسرائيلي في لندن صيف 1982 م و التي مهدت لغزو اسرائيل للبنان و كانت اسرائيل تبحث عن الذريعة فوفرها بونضال .