العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الثقافي
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-05-2018 , 02:02 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : 13-11-2024 07:43 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon38 برنارد لويس و الاستشراق و الإسلاموفوبيا



رضوان السيد

مات برنارد لويس أخيراً عن مائة عامٍ و زيادة . و خلال السنوات الخمس الأخيرة ما كتب شيئاً جديداً ، لكنه جدد طباعة كثيرٍ من كتبه ، و بخاصة تلك الكتيبات التي أصدرها بعد عام 2001 . برنارد لويس سبق أن عمل مع المخابرات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية باعتباره خبيراً في شؤون الشرق الأوسط . و البريطانيون هم الذين نصحوا الأميركيين به خلال عملهم على الحرب الباردة الثقافية في الستينات , إذ ما كان عندهم أحد في خبرته في الإسلاميات الكلاسيكية ، و التي أراد الأميركيون استخدامها أيضاً في مصارعة الشيوعية . و لأن الدول الكبرى كانت تحتاج إلى أفكار استراتيجية تتحول بعد الدرس و الاختبار إلى «سياسات»، فقد وجدوه مفيداً لهذه الناحية . أما هو فقد اعتبر نفسه منذ البداية خبير أقليات إذا صحَّ التعبير . و قد حضر عمله للدكتوراه عن الإسماعيلية خلال الحرب الثانية ، و هم الأقلية التي أمكن لها بحُسن التنظيم و سريته أن تُنشئ دولة كبرى هي الدولة الفاطمية ، التي صارعت الإسلام السني طوال مائتي عام . أما في السياسات الحديثة ، فقد اعتبر لويس الأتراك في التاريخ و في الحاضر ، هم القلة المختارة التي يمكن للغربيين التعاون معها في عالم الشرق الحديث . و لذلك , فإن كتابه الثالث (كتابه الثاني بعد الحشاشين كان : العرب في التاريخ) موضوعه : تركيا الحديثة . فتركيا العثمانية رغم صراعها الطويل مع الأوروبيين ظلت أقل تعصباً من العرب «صُناع الإسلام»، و أقل تعقيداً من الإيرانيين الذين اجتمعت فيهم الخصوصيتان المشكلتان : النعرة القومية العريقة و التشيع الذي يخدم القومية ، لكنه رغم إغراءاته الباطنية لا يستطيع إقناع الجمهور المسلم الذي صارت أكثريته سنية منذ القرن الثاني عشر الميلادي . في الوقت الذي عاد فيه هاملتون غب من هارفارد إلى بريطانيا ، غادر لويس جامعة لندن و قبل كرسياً لدراسات التاريخ الإسلامي بجامعة برنستون . و منذ ذلك الحين التف من حوله شبان كثيرون تحت اسم دراسات الإسلام الجديدة ، و تحت اسم الدراسات الشرق أوسطية . و قد قال لي عندما قابلتُه في عُمان عام 2008 ، إن أول رئيسٍ أميركي قابله كان ريتشارد نيكسون , و ما أحبَه لأنه كان مُعادياً للسامية ! و قلتُ له : لكنه هو الذي جلب هنري كيسنجر للإدارة ، و كيسنجر كان شديد الاحترام لك و قيل إنه كان يستشيرك ! ثم لماذا اخترتَ الإعلان عن صهيونيتك إبان ذلك الوقت ، هل بسبب هزيمة العرب عام 1967 ؟ قال : أنت تسميها صهيونية شأن صاحبكم إدوارد سعيد و أنا من عائلة يهودية غير متدينة ، و قد اعتبرتُ إسرائيل شأن تركيا دولة رائدة للحداثة و الديمقراطية . لكنني ما تحزبتُ لها عام 1967 إنما بعد عام 1973 ، حين استظهرتُ أن هناك أخطاراً حقيقية على الكيان و الدولة . كل الشعوب الإسلامية الواقعة تحت وطأة الهوية و الخصوصية بسبب مشكلات الاستعمار ، يمكن مفاوضتُها و مساومتُها و التوفيق بين الإسلام و الحداثة عندها إلاّ الشعوب العربية ، أو ما تسمونها أنتم : الأمة العربية ، فدعاة مشروع الدين و الدولة في عالم الشرق الوسيط و الحديث إنشاءً و تطويراً هم العرب ، و المساومة «التاريخية» معهم على هذين الأمرين غير ممكنة ، حتى لو بدوا جامدين و متشرذمين و خاضعين . انظر إلى صلابة السلفيات رغم أن العالم كله ضدها! و لذلك فقد فكرتُ قديماً بالأتراك كأصدقاء للغرب و لحلف الأطلسي . و فكرتُ في الإسرائيليين باعتبارهم ممثلين لحضارة الغرب و سياساته في المنطقة . بل إنني فكرتُ لأربع أو خمس سنوات في المسيحيين اللبنانيين و في الأكراد . و قلتُ له : ألم تفكر مرة في إمكان مصادقة الأكثريات بعد الاستقلالات و انتصار أفكار التحرر و الديمقراطية ؟ قال : لا لم أفكر و ما كان لذلك داعٍ أو مسوغ ، ألا ترى أنني كتبتُ في الخمسينات و الستينات عن الشيوعية و الإسلام باعتبارهما فكرتين أو ايديولوجيتين شموليتين يمكن أن تتحالفا ؟! و قلتُ له (و هذا كله على التلفزيون العُماني): أريد أن أعودَ إلى رهانكَ على الأتراك و أين صار بعد ظهور إردوغان و نزعته الإسلاموية ؟ لكن قبل ذلك : كيف توصلْتَ إلى المقولات الواردة في دراستك أواخر الثمانينات عن جذور الغضب الإسلامي ، و التي صارت أساساً في مقولة هنتنغتون عن صدام الحضارات ؟ و قال : أنا من القلة الذين لم يخلطوا بين طبيعة الإسلام - كما فعل هنتنغتون - و التطورات التاريخية . فليست هناك طبيعة عنيفة للإسلام أو لأي دين آخر . لكن إكراهات التاريخ و تطوراته هي التي تنصر هذا الميل أو ذاك أو هذا التيار أو ذاك . و القومية اللابسة لبوس الفصام مع الآخرين أو لبوس الدين هي فكرة شريرة ، سواء حملتها الأقليات مثل اليهود و الأكراد و الأرمن , أم حملتها شعوب كبرى مثل العرب و الإيرانيين و الهنود و الصينيين . و لو بقي قيادُ ما يسمى بالإمبريالية في أيدي البريطانيين لما توترت القوميات و الهويات في آسيا و أفريقيا ، بحيث خربت العالم بعد التخريب القومي النازي . الأميركيون تسلموا القياد و القيادة و هم لا يحسنون الاستعمار . هم يجربون كل شيء حتى يصلوا إلى الممارسة الصحيحة أو الملائمة ، لكنهم عندما يصلون لذلك يكون الخراب قد وقع و لا يمكن إصلاحه . انظر إلى ما يحدث في العراق الآن (2008)! قلتُ في «جذور الغضب» و في الكتب اللاحقة إن الأزمنة الحديثة أطلّت على المسلمين و هم تحت وطأة الاستعمار ، و يكرهون الفشل الذين هم فيه بسبب الغلبة الغربية و يحسدون الغرب على نجاحاته ، و ينسبون فشلهم إلى تلك النجاحات . و لذلك ظهرت بينهم و بخاصة العرب نزعات التشدد و الانتحارية . عندما كتب هنتنغتون مقالته في خريف عام 1993 و طورها إلى كتاب عام 1996 ، و استشهد بي و بغيري جادلْتُه دون أن أستطيعَ إقناعه . و قد دأبتُ بعد ذلك على الضرب على الوتر نفسه : التطورات التاريخية و ليس طبيعة الدين ، و ضرورات الإصلاح بداخل الإسلام الحديث و ليس اتهام الموروث كل الوقت كما فعل مفكروكم اليساريون ! و أعترف بأنني لم أنتظر ذلك كله أو لم أتوقّعه ، و أنا خائف من المستقبل على الغرب في الشرق ، و على الشرق في الشرق ، و على إسرائيل التي لم تعد رائدة . و قد سقط رهاني على الأتراك و ما توقعتُ دولة دينية في إيران ، بل حسبتُ أنه ستكون هناك محاولات لذلك فيما بين السعودية و مصر و باكستان . و الغرب الأميركي عينهُ على هذه التطورات , لذلك هناك المزيد من الحروب التي ستحدث بحيث لا يعود التمييزُ ممكناً بين الفعل ورد الفعل . و ستتدخل أطراف كبرى و وسطى و في حسبانها أنها تدافع بذلك عن نفسها . أما أوروبا ربة هذه الحضارة فقد صارت عاجزة ، و هي كما سماها رامسفيلد : قارة قديمة . فخسارة العالم الكبرى اليوم هي في خسارة أوروبا . و قلت : إذا كنتَ تعتبر تأثيرك ضئيلاً أو متضائلاً في السياسيات و الاستراتيجيات ، فماذا عن الاستشراق الجديد ، و ماذا عن الإسلاموفوبيا ؟ قال : ما عاد هناك استشراق ، و ما اعتمد العالم الغربي و العالم بعامة أبداً على رؤى المستشرقين في معرفة العرب و الإسلام بخلاف ما زعمه سعيد . و لست مسؤولاً بالطبع عن نزعات التفكيك و النفي التي تسود الدراسات عن القرآن و الإسلام ، فأنا مستشرق كلاسيكي و هذه هي كتبي في التاريخ الإسلامي ، و لا شيء فيها مما قاله وانسبورو و كرون و كوك . و أنا أقل مسؤولية بالطبع عن الإسلاموفوبيا ، فتأثيري هو في الأوساط الأكاديمية ، و الإسلاموفوبيا شعبوية تبسيطية تخيف كل العقلاء ، بقدر ما تخيفكم أنتم المسلمين الأصوليات العنيفة في دينكم ! بموت برنارد لويس ينتهي الاستشراق الكلاسيكي الذي صرنا ننعاه كلما مات أحد كبار دارسيه مثل هاملتون غب و مونتغومري وات . و بسبب الثورات في العلوم الاجتماعية و الإنسانويات ظهرت التفكيكيات و ظهر المراجعون الجدد و أصوليو ما بعد الحداثة . و في عالم التفكيك هذا انتشرت القطائع و العصبيات و الحروب الدونكيشوتية القاتلة التي يتنافس الأميركيون و الروس على إثارتها ثم على محاولات إخمادها . هل يكون الاختلال في الدراسات الأكاديمية متوازياً مع الاختلال في سياسات الدول و ممارساتها ؟ قد يكون ذلك و قد لا يكون ، إنما هذا هو الذي حصل , و على طريقة ابن خلدون نستشهد بقوله تعالى : «وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ».

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
برنارد لويس بحوث و حكايا و أساطير البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 26-05-2018 02:42 PM
برنارد لويس إلى الجحيم ! البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 23-05-2018 03:40 PM
تفاصيل مخطط "برنارد لويس" لتفتيت العالم العربي و الإسلامي البرواز و الصورة منتدى الاخبار العربية و العالمية 0 17-09-2017 02:11 PM
"برنار لويس مهندس سايكس بيكو 2" كتاب يكشف مخطط الصهيونية البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 30-01-2013 06:37 PM


الساعة الآن 03:20 AM