العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى العام
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-02-2018 , 10:12 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : 13-11-2024 07:43 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon29 المأزق الاقتصادي مابين توصيات البنك الدولي و الواقع المعاش



بسام البنمحمد

تعاني الكثير من الدول من الضغط غير المباشر الممارس عليها من قبل مؤسسات المال و الاقتصاد الدولية مثل البنك الدولي و صندوق النقد الدولي . تكون هذه الضغوط في الغالب على شكل تصنيف منخفض لعدد من المؤشرات الاقتصادية و المالية لهذه الدول و يتم اقتراح توصيات محددة من قبل هذه المؤسسات إن تم تطبيقها سيتحسن تصنيف الدولة و بالتالي سيتحسن اقتصادها بحسب زعمهم . لذلك تسعى العديد من الدول لتحسين اقتصادها عن طريق الأخذ بهذه التوصيات لتقفز إيجابيا في تصنيفها على المؤشرات الاقتصادية و المالية المرتبطة . لكن مشكلة هذه التوصيات أنها في أحسن الأحوال قائمة على افتراضات أكاديمية لا علاقة لها بواقع هذه الدولة أو تلك بشكل شامل و مباشر . هذا ما أكده الاقتصادي إيڤان سولتاس في دراسة معمقة نشرها في مايو 2016 على موقعه . حيث أكدت الدراسة القائمة على سؤال : هل يوجد رابط بين تقدم تصنيف الدول التي أخذت بتوصيات البنك الدولي في مؤشر أداء الأعمال (doing business index) و نموها الاقتصادي ؟ و استخلصت الدراسة أن الدول التي طبقت هذه التوصيات و ارتفع تصنيفها على مؤشر سهولة أداء الأعمال لم يتحسن اقتصادها و لم يتحسن المستوى المعيشي لمواطنيها سواء على المدى المتوسط أو حتى البعيد . هذا لا يعني أن تسهيل إجراءات أداء الأعمال لا يعد أمرا إيجابيا ، بل على العكس فهذه الإصلاحات لقطاع الأعمال تعد جاذبة للاستثمار الأجنبي و المحلي و تساهم بخلق بيئة تجارية جيدة و ضرورية . إنما النمو الاقتصادي للدول لا يرتبط بهذه الإجراءات فقط ، فمن الممكن أن تسهل إجراءات إصدار السجل التجاري لنشاط معين مثلا و لكن لا توجد قوى شرائية أو غيرها من الأسباب الأخرى و بالتالي لن ينمو الاقتصاد و لن يتحسن مستوى دخل الفرد بمجرد تسهيل الإجراءات ، إنما هي ضرورية بطبيعة الحال متى ما وجدت البيئة المتكاملة التي تساعد على إعطاء هذه الإصلاحات القيمة الحقيقية . بالمقابل ، فإن امتلاك القدرة على التصنيع المحلي عن طريق امتلاك تكنولوجيا و معرفة معينة أو ابتكارات مميزة ستنعكس بشكل حقيقي و إيجابي على النمو الاقتصادي . و هذا ما تطرق له الكاتب الشهير جاستن فوكس على موقع بلومبيرغ في مقالة مهمة نشرت بتاريخ 29 يناير 2018 . و ذكرنا فيها بمقولة غاري بيسانو بروفيسور إدارة الأعمال بجامعة هارفورد من أن "قدرات التصنيع تدعم النمو الاقتصادي". فالتركيز على الاستثمار في الخارج أو استيراد البضائع الرخيصة -حتى و إن دخلت في بعض الصناعات المحلية - قد تساهم في خلق وظائف محدودة على المدى القصير جلها ستكون للعمالة الأجنبية - لكنها في المقابل ستقلص من فرص نمو الاقتصاد المحلي على المدى المتوسط و البعيد لأنها ستعتمد على الخارج و ستفقد المعرفة و التكنولوجيا المطلوبة للتصنيع و الإنتاج المحلي ، و هي العناصر الرئيسيّة لاستدامة الاقتصاد و نموه الإيجابي . و هذا ما دفع إدارة ترامب مؤخراً لفرض ضريبة بنسبة 30% على الواردات من سلع الخلايا الشمسية لأمريكا لأنها تسبب أضرارا بالغة للصناعات الأمريكية و تحد من تطور التكنولوجيا المرتبطة بها محليا ، حتى و إن كان مثل هذا القرار سيؤثر على نسب خلق الوظائف على المدى القصير . فالأكيد هو أننا عندما نملك التكنولوجيا فإننا نملك اقتصادنا بأيدينا ، فنضمن نموه و استدامته على عكس امتلاكنا لسلعة - النفط مثلا - سعرها متذبذب و لا نتحكم فيه و قيمتها وقتية و مرتبطة بسرعة أو بطء تطور التكنولوجيا و مدى ارتباط الدول الصناعية عليها . فنحن نصدر هذه السلعة لكي نشتري التكنولوجيا و كافة احتياجاتنا تقريبا و عند نفادها أو تقلص قيمتها سوف نعاني كثيراً لكي نوفر الأساسيات . إنما عندما نمتلك التكنولوجيا / المعرفة المطلوبة فإننا نصنع و ننتج و نصدر و نساهم بنمو و تطور الاقتصاد العالمي و لا نعيش على تطور العالم و نستورد منهم كل حاجاتنا . فالعالم يتغير من حولنا و ما اعتدنا عليه سابقا لم يعد يصلح للحاضر و لا للمستقبل ، فمثلا القطاع المالي يمر بمرحلة انتقالية تنقله من البيئة التقليدية بأدواتها (المصارف و البنوك) إلى عصر blockchain و Fintech الذي يلغي دور الوسيط في المعاملات المالية و كذلك قطاع الاتصالات حيث لم يعد للرسائل النصية أو المكالمات الصوتية أرباح كالسابق بسبب دخول تكنولوجيا جديدة أقل كلفة و غيرها من قطاعات تأثرت سلباً بسبب ظهور تكنولوجيا قلبت الموازين تعتمد على المعرفة و يستفيد منها أصحاب المعرفة في تطوير هذه القطاعات القديمة أو خلق قطاعات جديدة من خلال استفادتهم من التكنولوجيا لزعزعة الوضع الراهن و إحلال واقع جديد مكانه يعرف ب disruptive business models . و هنا تكمن الأسئلة المهمة : كيف لنا أن نمتلك التكنولوجيا المطلوبة ؟ و فِي أي المجالات ؟ و كيف لنا أن نتميز و نتفوق فيها لكي نكون ضمن أفضل من يمتلكها و الأكثر تنافسية ؟ فالاعتماد على خطط وطنية شاملة و واضحة لتطوير التعليم و التدريب و امتلاك المهارات و التأهيل المهني و العلمي و ارتباطها بالبنية التحتية و الانظمة و التشريعات المساندة عناصر أساسية لتشكيل مستقبلنا و جعله أكثر قوة و استدامة . إنما هذه العناصر يجب أن تكون ضمن خطة واضحة و مدروسة تحدد مسبقًا المجالات التي يجب أن نطور فيها قدراتنا و نعد أبناءنا علميا و مهنيا و أن يكونوا نواة التطور و التفوق في هذه المجالات لكي نعتمد على أنفسنا و لا نستورد التكنولوجيا إنما ننتجها بأنفسنا و نستعملها في التصنيع و التصدير . و هذا أمر قد يأخذ سنوات طويلة إلى أن نخرج أجيالا متفوقة علمياً و قادرة على الابتكار و صنع التكنولوجيا المطلوبة بدرجة تنافسية و لكنه بالتأكيد أمر يستحق العمل من أجله بكل جهد و أن نسخر كافة إمكانياتنا لتحقيقه لأنه مرتبط بمستقبلنا و قدرتنا على التطور و النمو . إنما من الممكن كخطوة مبدئية - تتماشا مع الخطط و البرامج متوسطة و بعيدة المدى - أن نعمل على توفير البيئة الشاملة الأنسب لجذب أفضل العقول و المبادرات لكي تتخذ من البحرين منصة لها و بذلك نساهم بتوطين التكنولوجيا و تطوير الصناعات المحلية و قدراتها التنافسية إلى أن ننهض بباقي المجالات و تكون من صنع أبناء البلد بالكامل . و مثل هذا التوجه سيكون أجدى من تنفيذ توصيات البنك الدولي أو حتى توصيات صندوق النقد الدولي الداعية لتبني سياسات تقشفية و التي اعترف الصندوق نفسه بأنها سياسات خاطئة ، أضرارها أكثر بكثير من أي منافع و أنهم في الصندوق لم يدركوا إلا متأخراً حجم الضرر الذي سببته للدول التي تبنت توصياتهم و منها اليونان !

تعليق : مقال مهم جدا" يوضح مفاهيم اقتصادية يجب أن يعرفها الجميع حتى توضح الصورة للتخطيط السليم .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

أدوات الرقـابة :

الساعة الآن 11:28 PM