سامي النصف
إشكالات الأوطان أقرب لأمراض الإنسان لا يمكن علاجها دون التشخيص الصحيح لها من قبل الساسة و المفكرين و الاعلاميين و المنظرين و المثقفين و حتى المواطنين ، و واضح أن إشكالات الوطن العربي التي بدأت قبل مائة عام سبب بقائها و تفاقمها الرئيسي و لربما الوحيد هو التشخيص الخطأ المتجذر و المتكرر في الثقافة العربية المتوارثة . و للتبسيط .. لو قام الشخص «أ» و تعدى على الشخص «ب» و حدث بينهما عراك ثم تم سؤال شاهد أو مفكر أو منظر ينتمي لأمم الأرض الأخرى عن توصيفه لما حدث لأجاب بدقة بأن «أ» تعدى على «ب» في المقابل لو تم سؤال من ينتمي إلى أمتنا و ثقافتنا السائدة لأجاب ـ لا فض فوه ـ بأن هناك خناقة بين «أ» و «ب» أي انه يقفز دون دقة إلى النتائج دون البحث عن الاسباب و يساوي بحكمه غير العادل بين المتعدي و المتعدى عليه ، و بالطبع تشخيص خطأ كهذا كما يحدث دائما لا يؤدي بالتبعية إلى العلاج الناجع و يمكن لنا أن نقيس هذا بما يحدث هذه الايام باليمن على سبيل المثال لا الحصر ! لقد غفرت دول الخليج و على رأسها السعودية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح تآمره أعوام 90 - 91 و طمعه في الأراضي الخليجية بالتواطؤ مع المقبور صدام حسين و تم توفير حصانة له من الغضب الشعبي ضده و لم تمس ملياراته أو يحاسب على قتله الرئيسين الحمدي و الغشمي كي يصل إلى الحكم ، و تدميره اليمن بالحروب الاهلية المتتالية ، كما غفرت السعودية للحوثيين هجومهم مدفوع الثمن من القذافي عام 2009 على حدودها و منحتهم الفرصة كاملة للجلوس على طاولة مفاوضات الحوار الوطني الذي رعته الدول الخليجية و مع ذلك قام صالح و الحوثيون بالانقلاب على الحوار و احتلوا بقوة السلاح صنعاء و عزلوا القيادة الشرعية المنتخبة و بدأوا بإطلاق التصريحات الفارغة بالتعدي و الاحتلال ضد السعودية ، و قاموا بالهجوم على عدن حيث جرت المعارك على تخومها لا تخوم صنعاء مما يوضح بشكل جلي من المتعدي و من المتعدى عليه فهل يجوز بعد ذلك مساواة الجناة ممثلين بصالح و القيادة الحوثية بالمجني عليهم ممثلين بالشرعية المنتخبة و خلفها التحالف العربي ؟! آخر محطة : (1) - و يبلغ التضليل مداه عندما يتم التباكي على الاضرار المدعاة التي قيل إنها لحقت بضريح مؤسس الحركة الحوثية حسين الحوثي بصعدة و لا يتحدث أحد عن أن الرئيس علي صالح هو من قتل حسين الحوثي المتباكى على قبره عام 2004 و لم يسلم جثمانه لأهله إلا بعد سقوط طاغية اليمن عام 2013 . (2) - و قبل ذلك دمر اليمن عبر 6 حروب عبثية قامت بين صالح و الحوثيين ادعى صالح خلالها أن الحوثيين «عملاء» للقوى الخارجية لا أصدقاء ، و ادعى بالمقابل الحوثيون ان صالح «عميل»ـ لا صديق ـ لقوى الاستكبار العالمية فبأي خانة سيضع التاريخ تحالف صالح - الحوثيين الحالي ؟ هل في خانة تحالف العملاء أم في خانة خيانة الأوطان و بيع الدماء المسفوكة لأجل الأموال للقيادات و الموت الرخيص للأتباع السذج ؟ و لا عزاء بعد ذلك .. للأغبياء ! (3) - سيصمد وقف إطلاق النار باليمن الى حين فقط سيتزود خلالها صالح و الحوثيون بالسلاح الوفير و الذخائر و المعدات عبر حدود اليمن و خاصة ليلا لذا على طائرات التحالف و قبلها عمليات الرصد على الأرض أن تستمر وألا يتم الاعتماد على صور الاقمار الصناعية الخادعة التي أبقت في السابق حرب الخليج الاولى مستمرة لـ ثماني سنوات !