العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الاسلامي
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-10-2019 , 09:19 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,358
أخر زيارة : يوم أمس 01:47 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon38 سيد قطب و الاستعلاء بالإيمان .. نقد موضوعى



ناجح ابراهيم

يعد الأستاذ سيد قطب من الأدباء المشهورين فى تاريخ مصر و هو صاحب أسلوب أدبى متميز ، و هو الذى اكتشف نجيب محفوظ و تنبأ بمستقبل أدبى باهر له ، و من أشهر كتبه «فى ظلال القرآن». سمى قطب كتابه «فى ظلال القرآن» و لم يسمه تفسير القرآن ، و لكن المصيبة الكبرى أن أكثر الجماعات التى تأثرت بالكتاب أخذت كل ما كتبه قطب على أنه قرآن منزل أو أحكام فقهية أو عقائدية متفق عليها أو مجمع عليها ، و يا ويل من يناقشها . فأخذوا ينزلون كلمات قطب على مجتمعهم و حكوماتهم و دولهم بطريقة خاطئة ، و يتعاملون معها تعامل المعصوم ، دون أن يفرقوا بين الإسلام المعصوم بقرآنه و سنة نبيه و بين الفكر الإسلامى غير المعصوم الذى يصدر من أى عالم أو مفكر يخطئ تارة و يصيب أخرى . و أصبح أكثر الحركيين الإسلاميين و جماعات العنف تأخذ أجزاء من كلام قطب و تستدل به على أخطر القضايا و أصعبها ، و التى قد يترتب عليها إراقة الدماء و مئات الضحايا دون أن يوجه نقد حقيقى لأفكاره و إذا تم ذلك من أحد شتموه و أهانوه و أهالوا عليه التراب ، و كأن كلامه لا يجوز لأحد مناقشته أو مخالفته . و إذا ناقشته تواجه بكلمات : أين أنت من الشهيد قطب ؟ هل ضحيت مثله ، هل بذلت بذله فإذا أعدتهم للقضية الفكرية عادوا إلى نفس المربع و هكذا ، و كأنهم أنزلوا كلماته العامة الفضفاضة منزلة الوحى المنزل الذى لا يجوز لأحد مناقشته ، بل إن الوحى يختلف الفقهاء و المفسرون فى شرح معانيه و تأويل كلماته . و الغريب أن معظم هؤلاء يعظم قطب تعظيما كبيرا لا يناله أحد من الأئمة الأربعة أو فقهاء الإسلام العظام المشهود لهم بالعلم و الفضل . و بعضهم يقدسه و يسخر من فقهاء الإسلام الأوائل ، فشكرى مصطفى و أتباعه كانوا يسخرون من العلامة ابن كثير و يقولون عنه «ابن قليل» و يسخرون من النووى باعتباره العدو الأول لهم و لفكرهم و خاصة فى كل ما كتبه فى باب «الإيمان» فى شرح صحيح مسلم . و قد تعلم شكرى مباشرة على يد المجموعة القطبية فى السجن الحربى و كان يكفر الشعب المصرى كله ، و كذلك أبو بكر البغدادى زعيم داعش استقى فكره الرئيسى من كتاب فى ظلال القرآن الذى قرأه عشرات المرات فى سجن «أبو غريب» ببغداد ، و تأثر به تأثرا شديدا و حاول تطبيق معظم أفكاره فى منظومته الداعشية . أطلق سيد قطب تعبير «الاستعلاء بالإيمان» كثيرا ، و هذا المصطلح غامض جدا و لم يستخدمه أحد من علماء المسلمين من قبل على الإطلاق ، و هل الإيمان يدعو للاستعلاء على الآخر غير المؤمن أو غير مسلم أم يدعو للتواضع للناس جميعا ، و الانكسار لرب الناس . و قد هالنى أن أكثر الشباب الذى يقرأ كتاب فى الظلال «يعجبه هذا المعنى و يروق له ، و يخلط بينه و بين الكبر على من يخالفه فى الدين أو الفكر أو الرأى بحجة الاستعلاء بالإيمان ، و يقع فى العلو المذموم على الناس و هو يظن أنه يرتفع بالإيمان . فبين الاعتزاز و الاستعلاء بالإيمان و العلو بالذات شعرة دقيقة لا يدركها إلا أولو البصائر و أصحاب القلوب الصافية النافية ، و حتى لفظة الاستعلاء هذه سيئة ، و الأفضل منها الاعتزاز بالدين و التمسك به . فقد استقبل رسول الله عدى بن حاتم الطائى فى بيته المتواضع و كان مسيحيا فأعطاه الوسادة الوحيدة فى بيته الشريف و جلس عليه السلام على الأرض و هو رئيس الدولة و خاتم المرسلين حتى قال عدى فى نفسه «ليس هذا بملك .. هذا نبى». و هذا الإطلاق المتكرر لمعنى الاستعلاء بالإيمان جعل الكبر يتلبس كل من تدين تدينا بسيطا بحيث يستطيل بذلك عل كل مخالفيه دون شعور بالذنب ، أو هو يظن أنه يحسن عملا ، و لا يدرك أنه وقع فى الكبر المذموم الذى نهت عنه كل الشرائع السماوية و منها الإسلام . مصطلح «الاستعلاء بالإيمان» غريب فى صكه ، فالاستعلاء مرفوض فى كل الشرائع حتى لو كان هذا الاستعلاء بالعلم أو الفقه أو الإيمان أو الصدقات أو الصلوات . فالإيمان يدعو صاحبه للتواضع و خفض الجناح ، و كلما زاد الإيمان فى قلب صاحبه ازداد خوفا من الله و انكسارا له سبحانه و تواضعا للناس ، و خوفا من عدم القبول عند الله . فالمؤمن لا يأمن مكر الله و إن كانت إحدى قدميه فى الجنة و الأخرى خارجها ، كما قال أبو بكر الصديق «رضى الله عنه» و هو من هو فى الفضل و التقوى و السبق : «لو كانت إحدى قدمى فى الجنة و الأخرى خارجها ما أمنت مكر الله» و كما فسر رسول الله «صلى الله عليه و سلم» قوله تعالى : «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَهُمْ إِلَىظ° رَبِهِمْ رَاجِعُونَ» فقد فهمتها عائشة بظاهر النص أنها تخص أهل المعصية الذين يشفقون على أنفسهم من المعاصى ، و لكن الرسول «صلى الله عليه و سلم» صوب لها ذلك بقوله : «لا يا بنت الصديق ، و لكنهم الذين يصومون و يصلون و يتصدقون و هم يخافون ألا يقبل منهم «أُولَظ°ئِكَ يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَ هُمْ لَهَا سَابِقُونَ». و هذا عمر بن الخطاب «رضى الله عنه» و زير رسول الله الثانى و المبشر بالجنة يخاف على نفسه من النفاق و لا يفكر إلا فى التواضع و ليس الاستعلاء بالإيمان . تعبير الاستعلاء بالإيمان دخيل على المنظومة الشرعية الإسلامية و مصطلحاتها التى صكها الصحابة و التابعون و الأئمة الأربعة و تلاميذهم الكبار من نور الوحى و ذكاء الفهم و ضياء البصيرة ، و كذلك أى مصطلح يقترب منه لم يدشنوه مثل «الاعتزاز بالإيمان أو الفخر بالإيمان» لأن الخلط الكبير سيحدث لا محالة فى نفس الشاب حديث التدين بين الاستعلاء بالإيمان و العلو بالذات . فبين الاستعلاء بالإيمان و العلو بالذات شعرة دقيقة قد تختلط على العلماء و الفقهاء مع أنفسهم و فى دواخلهم ، فضلا عن الشباب حديث التدين قليل العلم عديم الخبرة كثير الاندفاع المشحون بالحماسة دون التدقيق فى الفواصل بين الأمور التى هى أصلا من آفات القلوب و أمراضها . و الناس تسير إلى الله بقلوبها ، و الخلل يأتى فى البداية من القلب ثم ينطلق سريعا إلى الجوارح التى تتكبر على الخلائق تحت مظلة كاذبة هى الاستعلاء بالإيمان ، و تستطيل على الآخرين خاصة المختلفين معهم فى الدين أو العرق أو المذهب . و حينما تغمر الشاب الصغير كلمات الاستعلاء بالإيمان قد يرى نفسه فى لحظة خاطفة لنفسه و قلبه أفضل من الآخرين ، فيحتقر العصاة و لا يرحمهم و يقسو عليهم و يتمنى هلاكهم بدلا من هدايتهم ، و لا يتصور أن يكون يوما مثلهم . و قد تتلبسه حينها العصمة الكاذبة التى يغذيها معنى الاستعلاء بالإيمان ، و يدور حول ذاته أو جماعته و حزبه و هو يظن أنه يدور مع الشريعة و حولها ، و يغتر بنفسه و يحلق بذاته فوق الناس تباهيا و شموخا ظنا منه أنه بذلك يستعلى بإيمانه . و يحتقر الآخر و يزدريه ، و يعتقد فيه الباطل دوما و يعتقد فى نفسه و جماعته الحق المطلق و الحقيقة المطلقة و الصواب الأبدى ، انطلاقا من هذا المعنى . و لا يلوم نفسه أو جماعته على خطأ وقع فيه أو منهم بل يلوم الآخرين دوما ، لأن لديه الإيمان و لديهم الكفر , و لديه الحق و عندهم الباطل , و لديه اليقين و معهم الظن . و يظن دوما أن الله معه دون سواه , و أن الله وليه دون سواه , و أنه يحمل الحق الحصرى و أن الآخرين يدورون فى الباطل المطلق . فلا يعترف بنقص لديه و لا يعترف بصواب أو خير لدى غيره و يعتقد جازما القبول لكل ما صنعه من خير و لا يعيش أبدا بقلبه و جوارحه مع الصحابة الذين حكى عنهم ابن أبى مليكه قائلا فيما رواه البخارى عنه : «أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله كلهم كان يخشى النفاق على نفسه» رغم أنهم أكمل الأمة إيمانا و أكثرهم يقينا و أصفاهم قلوبا و أنقاهم نفوسا و يكفيهم صحبتهم رسول الله صلى عليه و سلم و شهودهم لوحى السماء و شهادة الرسول صلى الله عليه و سلم لهم .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 67 ( الأعضاء 0 والزوار 67)
 

أدوات الرقـابة :

الساعة الآن 04:27 AM