12-05-2015 , 12:13 PM | مشاركة رقم 1 |
إداري
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : يوم أمس 04:48 PM
الدولة : قطر
|
التدين الحقيقي و التدين المزيف
جاء رجل ليزكى شاهداً عند عمر بن الخطاب رضى الله عنه و يشهد له بالصلاح . و من خلال مقام الإحسان يرتقى الإنسان روحيّاً و خُلقيّاً فلا يحتاج إلى رادع أو رقيب من الخارج حيث استنار الضمير و القلب بنور الله سبحانه و تعالى و أضحت النفس لا ترى فاعلاً و لا مؤثراً فى هذا الكون إلا الله فأصبح الإنسان يعبد الله سبحانه و تعالى و كأنه واقف حقيقة بين يديه . روى البزار فى مسنده عن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم لقى رجلاً يقال له «حارثة» فى بعض سكك المدينة فقال : «كيف أصبحت يا حارثة ؟» قال : أصبحت مؤمناً حقاً قال : «إن لكل إيمان حقيقة فما حقيقة إيمانك ؟» قال : عزفت نفسى عن الدنيا فأظمأت نهارى و أسهرت ليلى و كأنى بعرش ربى بارزاً و كأنى بأهل الجنة فى الجنة يتنعمون فيها و كأنى بأهل النار فى النار يُعذَّبون . فقال النبى صلى الله عليه وسلم : «أصبت فالزم ، مؤمن نور الله قلبه». اقرأ معى هذه الكلمات و تصور أخى الكريم مجتمعاً غالب رجاله و نسائه و شبابه و شيوخه على هذه الشاكلة من التحلى بمقام الإحسان و مكارم الأخلاق ثم أخبرنى عن الأمانة فيه ، و عن النظافة فيه ، و عن النظام فيه ، و عن الدقة و الإتقان فيه ، و عن شوارعه و مبانيه ، و عن العلم و التعليم فيه ، و عن التطور و الرقى فيه ، و عن ظاهره و باطنه ، و عن كل كبيرة و صغيرة فيه ، ثم ابحث عن تعبير وافٍ عن تلكم الحالة الراقية سترى أنها كلمة واحدة هى : الحضارة الروحية فى أسمى و أرقى معانيها و قد طبعت المجتمع و العالم بأسره بطابع الإحسان و الإتقان فى كل شىء . عن أنس بن مالك قال : عمِّى أنس بن النضر - سُمِّيت به - لم يشهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبُر عليه فقال : أول مشهد قد شهده رسول الله صلى الله عليه و سلم غبتُ عنه !! أما و الله لئن أرانى الله مشهداً مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم ليَرَيَنَّ اللهُ ما أصنع . قال : فهاب أن يقول غيرها فشهد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أُحُد من العام المقبل فاستقبله سعد بن معاذ فقال له أنس : يا أبا عمرو إلى أين ؟ قال : واهاً لريح الجنة !! أجدها دون أُحُد . فقاتل حتى قُتل فوُجِدَ فى جسده بضعٌ و ثمانون من بين ضربة و طعنة و رمية ، قالت عمَّتِى الرُّبَيِّعُ بنت النضر : فما عَرَفت أخى إلاَّ ببنانه . و نزلت هذه الآية : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [سورة الأحزاب: 23] . إنه الصدق مع الله و الصدق مع النفس , قال الشيخ عبدالقادر الجيلانى - رحمه الله : بَنَيْتُ أمرى على الصدق و ذلك أنى خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم فأعطتنى أُمِّى أربعين ديناراً و عاهدتنى على الصدق و لمَّا وصلنا أرض (هَمْدَان) خرج علينا عرب فأخذوا القافلة فمرَّ واحد منهم وقال : ما معك ؟ قلت : أربعون ديناراً فظنَّ أنى أهزأ به فتركنى ، فرآنى رجل آخر فقال : ما معك ؟ فأخبرته فأخذنى إلى أميرهم فسألنى فأخبرته ، فقال : ما حملك على الصدق ؟ قلت : عاهدَتْنى أُمِّى على الصدق فأخاف أن أخون عهدها ، فصاح باكياً و قال : أنت تخاف أن تخون عهد أُمِّك و أنا لا أخاف أن أخون عهد الله !! ثم أمر بردِّ ما أخذوه من القافلة و قال : أنا تائب لله على يديك فقال مَنْ معه : أنت كبيرنا فى قطع الطريق و أنت اليوم كبيرنا فى التوبة فتابوا جميعاً ببركة الصدق و سببه . أين نحن الآن من تلكم المعانى السامية و الآداب الراقية و قد اكتفينا فى ديننا بثوب و لحية و عذبة و عمامة و ترديد آيات و أحاديث و شعارات لم نعلم عنها غير الحروف و الرسوم و الأشكال .فسأله عمر فقال له : أوَ تعرفه ؟ قال الرجل : نعم قال عمر : لعلك جاره الذى يرى مدخله و مخرجه ؟ قال الرجل : لا قال : لعلك صحبته فى السفر الذى يُعرف به أخلاق الرجال ؟ قال الرجل : لا قال : لعلك عاملته بالدرهم و الدينار الذى يُعرف به ورع الرجال ؟ قال الرجل : لا فقال عمر : لعلك رأيته فى المسجد قائماً يصلى يهز رأسه بالقرآن و يركع مرة و يسجد أخرى ؟ قال الرجل : نعم فقال له عمر : اذهب فإنك لا تعرفه لله درُّ الفاروق حيث لخَّص لنا بهذه الكلمات البسيطة حلولاً شافية لمشكلات التدين فى عصرنا الحاضر حيث تعد أكثر مشكلات التدين فى العصر الحاضر هى إشكالية الصراع بين الجوهر الروحى و الخلقى الذى يمثل حقيقة الإسلام و جوهره ، و بين القشرة الشكلية الخارجية التى تصلح أمارة و علامة فقط على أن هذا الإنسان ينتمى إلى ذلك الدين و يمارس تلك الشعائر . و الإشكالية فى ذلك الصراع أنَّ الإسلام فى حقيقته و جوهره علاقة روحية راقية بين العبد و ربه يقدم الإنسان فيها بما أدرك و اعتقد من قدرة الله المطلقة على الخلق و الإيجاد و الإماتة و الإحياء و ما يراه فى نفسه من ضعف و فقر و احتياج إلى تلك القدرة أسمى معانى الدينونية و العبودية و الخضوع لله رب العالمين ، و قد علَّمنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم أن الدين له ثلاث مراتب : 1- الإسلام بشعائره الظاهرة من صلاة و صيام و زكاة و حج قبلها النطق بالشهادتين . 2- و المقام الثانى مقام الاعتقاد الجازم بالله و الملائكة و الكتاب و النبيين و اليوم الآخر و بالقدر خيره و شره . 3- ثم يأتى المقام الأعلى و هو مقام الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . |
12-05-2015 , 08:25 PM | مشاركة رقم 2 | ||
نجمة القطرية
تاريخ التسجيل : Jan 2014
رقم العضوية : 37
المشاركات : 2,453
أخر زيارة : 14-07-2016 12:01 AM
الدولة : وطني الذي أعشقه .
|
رد : التدين الحقيقي و التدين المزيف
مقالة في منتهى الروعة تصف حقيقة التدين كما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم والأروع اختصار المعنى الحقيقي للتدين والأخلاق التي كان يتميز بها المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام بهذه الكلمات : اقتباس :
ثم ابحث عن تعبير وافٍ عن تلكم الحالة الراقية سترى أنها كلمة واحدة هى : الحضارة الروحية فى أسمى و أرقى معانيها و قد طبعت المجتمع و العالم بأسره بطابع الإحسان و الإتقان فى كل شىء
حتى صار الغالب عليه هو المظهر وليس الجوهر إلا من رحم الله وهم قليل كل الشكر أستاذ برواز على روعة الانتقاء والطرح .
|
||
12-05-2015 , 08:58 PM | مشاركة رقم 3 |
إداري
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : يوم أمس 04:48 PM
الدولة : قطر
|
رد : التدين الحقيقي و التدين المزيف
للاسف غلب على وعي الناس التمسك بالشكل فوق الجوهر بسبب سوء التعليم و عدم كفاءة من تصدي لنشر الدين الذي غلب علية السطحية و القشور مثل اللحية و الثوب القصير و صار بهذا الشكل شيخ يعظ الناس و هو في حقيقة الامر انسان بسيط في فكرة و تعليمة . شوية احاديث يرددونها بدون ادراك أو وعي و يمكن حتى في غير مكانها ؟ و النتيجة مثل ما أنتي شايفة هذا التفكير الوحشي البعيد عن رحمة الاسلام و تسامحة أو أي قيمة انسانية ينتشر في كل الوطن العربي بعد أن رفعت عن الناس القضبة الامنية الحديدية و يدمر الاوطان و النسيج المجتمعي . و أنا هنا اتكلم عن الجميع شيعة و سنة , نسأل الله السلامة , سعدت بمرورك و دمتي بود ... |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 21 ( الأعضاء 0 والزوار 21) | |