العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الثقافي
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-07-2016 , 04:26 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,361
أخر زيارة : اليوم 12:53 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon37 المجمع العلمي المصري



مصطفى الفقي

اختلفت الآراء حول الأثر الذى خلفته الحملة الفرنسية على «مصر» و انقسم المؤرخون فريقين : فريق يرى أنها كانت «حملة تنويرية» أدت إلى نقلة نوعية لـ«مصر» و انتشلتها من ظلمات العصور الوسطى حيث يسيطر «المماليك» و «العثمانيون» على مقاليد الحكم و مقادير الحياة فى «مصر»، و مازلت أتذكر مقالًا شهيرًا لأستاذ الفلسفة الراحل د. فؤاد زكريا كان عنوانه «دهاء التاريخ» و فيه يعقد ذلك الفيلسوف المصرى مقارنة تاريخية بين حملة «نابليون» على «مصر» و حملة «عبدالناصر» إلى «اليمن» ليتأكد من سياسة «ازدواج المعايير» على المستوى الثقافى و «الكيل بمكيالين» عند التأريخ السياسى ، فقد قلنا فى «حرب اليمن» إن الجيش المصرى ذهب إلى هناك فى مهمة قومية من أجل تنوير «اليمن» و نقلها من العصور الوسطى إلى القرن العشرين ، و قال «نابليون» أيضًا إنه أتى بحملة ثقافية فيها جيش من العلماء لتنوير «مصر» و نقلها من ظلمات التاريخ إلى بدايات القرن التاسع عشر و فى ظنى أن كلتا المقولتين صحيحة جزئيًّا ، و لكنهما لا تخلوان من دوافع سياسية و مصالح إقليمية و مكاسب استراتيجية . كانت هذه مقدمة ضرورية إذا أردنا الحديث عن «المجمع العلمى المصرى» باعتباره واحدًا من ثمرات «حملة نابليون» و الآثار الثقافية العميقة لها فى «مصر»، فإذا كان كتاب «وصف مصر» من العلامات البارزة فى تشخيص «مصر» أرضًا و شعبًا و موارد طبيعية و بشرية ، فإننا نحسب أن «المجمع العلمى المصرى» هو الصرح الثقافى الذى يجسد الآثار الفكرية للحملة الفرنسية فقد أنشأه «نابليون» و تنقل «المجمع» من مقر إلى آخر عبر السنين و ظل صامدًا أمام الأهواء و الأنواء حتى جرى إحراق مبناه فى «ميدان التحرير» إبان فوضى الأحداث الدامية التى أعقبت ثورة 25 يناير 2011 ، و كان الجغرافى المصرى العظيم د. سليمان حزين قد نقل إلى «المجمع» مجموعة من الخرائط النادرة للمحافظة عليها بسبب تغيير مقر «الجمعية الجغرافية» منذ عقود قليلة و لكن النيران الآثمة أتت على جزء كبير من المقتنيات النادرة للمجمع ، سواء من كتب أو مخطوطات أو خرائط يتصل بعضها بالحدود المصرية فى فترات مختلفة من تاريخ هذا الوطن و ذلك يضع علامة استفهام كبيرة أمام دوافع الحريق و ملابساته ، لأن تلك الخرائط النادرة هى وثائق يصعب تكرارها أو الحصول على بديل لها , و أنا أحسب أن حرق «المجمع العلمى المصرى» هو واحد من الجرائم السوداء التى جرى اقترافها فى حق الحضارة المصرية و ثقافة الشعب و تراثه العظيم ، وقد حاول «أمير الشارقة» ذلك العربى العاشق لـ«مصر» الذى جعل من إمارته واحة ثقافية فى كل الأوقات ، لقد حاول تعويض بعض ما احترق من كتب و مخطوطات و وثائق و لكن تبقى الخسارة فادحة و الجريمة نكراء ، و مازلت أتذكر أن الرئيس الأسبق للمجمع الدكتور «إبراهيم حافظ» قد علم بمأساة الحريق و هو على فراش الموت فعجل الخبر بوفاته حيث جاوز المائة من عمره ، و جدير بالذكر أن شخصيات كبيرة قد توافدت على رئاسة ذلك الصرح الثقافى الفريد كان آخرهم الجراح المصرى الراحل د. إبراهيم بدران . إننى أكتب هذه السطور لكى ألفت النظر إلى أهمية ما نعانى منه من استهداف لأعمدة الدولة المصرية سياسية و اقتصادية و ثقافية ، لأن «الكنانة» تملك من المقومات ما لا يملكه غيرها من صروح شامخة فى المجالات المختلفة ، بدءًا من «الأهرام» و «أبوالهول» و «المعابد» مرورًا بـ«قناة السويس» و صولًا إلى «المساجد» و «الكنائس» حتى «مكتبة الإسكندرية» و «المجمع العلمى المصرى» و غيرها من مظاهر التراث الحضارى لهذا البلد العريق ، و أنا أتمنى أن نعيد النظر فى قيمة ما نملك ، و أن نكون حراسًا يقظين لكل ما لدينا من مقومات ، و أن نترفع عن حالة الغفلة و التقاعس و اللامبالاة التى تجتاحنا و لا تجعلنا نقدر قيمة ما لدينا ، فلا نعرف كيف نحافظ عليه ، و نرقى به ، و نجعله رمزًا للماضى و الحاضر و المستقبل ، و لعلى أطرح هنا وصايا ثلاثة : الأولى : ضرورة الربط بين المواقع الثقافية المهمة و الأجيال الجديدة من شبابنا حتى لا تبدو تلك المؤسسات الفكرية الكبرى كأنها بقايا تاريخية محنطة ليس لها قيمة كبيرة و لا مكانة فريدة ، كما أننى أتطلع إلى ربط تلك المؤسسات الثقافية الكبرى بالجامعات و مراكز البحث العلمى الأدبية و العلمية . الثانية : إن الدول تفاخر بما تملك من مقومات ثقافية و منارات علمية و لذلك فإنه من غير المقبول أو المعقول أن تمر جريمة حرق «المجمع العلمى المصرى» بلا عقاب رادع ، دون انتباه شديد و يقظة دائمة! حتى لا يتكرر ذلك الحادث المأساوى الذى يقترن فى ذهنى بـ«حريق الأوبرا المصرية» عام 1971 . الثالثة : إننى أهيب برجال الأعمال و فيهم مفكرون و مثقفون أن يتبنوا بقوة دعم المنارات الثقافية و المؤسسات الفكرية فى البلاد لأنها فى مجملها قاطرة تشد المجتمع إلى الأمام فضلًا عن أنها «جسور حربة» نحو المستقبل و مراكز لتفريخ العلماء و إنتاج المفكرين و الدفع بقادة الاستنارة ، فى ظل ظروف صعبة ، و تحديات عاتية ، و مشكلات لا تنتهى . تحية لـ«المجمع العلمى المصرى» و القائمين عليه ، و دعوة مخلصة للارتفاع به و الارتقاء بشأنه حتى نكون محلا للاحترام و مركزًا للاهتمام و مصدرًا للتنوير .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإعجاز العلمي و خطورته على الإيمان البرواز و الصورة المنتدى الاسلامي 0 10-08-2019 03:52 PM
إيهاب توفيق يغني للسيسي ويربك التليفزيون المصري 25 يناير 2014 مجدي الحفناوي منتدى الطرب و الفن 0 25-01-2014 04:41 PM
الجزيرة تقاضي التلفزيون المصري بسبب إذاعة لقاء غانا البرواز و الصورة منتدى الاخبار العربية و العالمية 0 16-10-2013 08:33 PM
صحيفة «الأهرام» تبيع الوهم للشعب المصري! البرواز و الصورة المنتدى العام 0 25-06-2013 04:06 PM
إعادة افتتاح المجمع العلمي في القاهرة البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 30-03-2013 08:37 AM


الساعة الآن 01:45 PM