العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى العام
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-08-2013 , 06:58 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : 13-11-2024 07:43 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon29 لماذا أصبحنا طيورا خشبية لا نقوى على الطيران ؟!



د.شاكر النابلسي

في كتابنا السابق «الطائر الخشبي , 1988» قلنا أن الطالب العربي لا يقوى اليوم على الطيران (العمل) بعد تخرجه لأنه لم يزود بالعلم الذي يمكنه من التحليق والإبداع والانتاج.

فلماذا أصبحنا طيوراً خشبية لا نقوى على الطيران ؟!

فالبداية الحقيقية لأي مشروع اصلاحي سياسي لا بُدَّ أن تكون انطلاقاً من التعليم ومن المناهج التعليمية السائدة الآن في العالم العربي. وعلينا أن نتذكر جيداً أن مطلب تغيير مناهج التعليم أو بالأحرى إصلاح مناهج التعليم العربية كان مطلباً عربياً منذ نصف قرن وبعد الاستقلال مباشرة ، قبل أن يكون مطلباً أميركياً أو غربياً بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 . فقد كنا نحن العرب في أمس الحاجة إلى تغيير المناهج الدراسية تغييراً جذرياً نحو الحداثة التعليمية ونحو الحداثة العلمية أيضاً. وأن الطالب العربي الذي يتخرّج من الجامعة العربية اليوم هو طائر خشبي لا يقوى على الطيران ، لأنه لم يزود بالعلم الذي يمكّنه من التحلّيق والابداع والانتاج في مجتمعه. وقد قلت هذا في كتابي المذكور ، وقاله غيري وقبلي تربويون عرب متعددون. فقد قاله جميل صليبا في كتابه «مستقبل التربية في العالم العربي، 1967»، وقاله سليمان نسيم في كتابه «صياغة التعليم المصري الحديث : دور القوى السياسية والاجتماعية والفكرية ، 1984»، وقاله سعيد اسماعيل علي في كتابه «الفكر التربوي العربي الحديـث ، 1987»، وقاله توما خوري في كتابه «المناهج التربوية ، 1983»، وقاله آخرون.

والدليل على كل ذلك التخلف :

1- أن مناهج التعليم العربية المتخلفة عن العصر وعن متطلبات العصر لم تُخرّج ما نحتاج اليه من أيدي عاملة ومن عقول فاعلة.

2- أن من أراد النبوغ في فرع من فروع العلم والمعرفة لم يجد سبيلاً إلى ذلك غير مدارس الغرب ، وجامعاته ، ومناهجه التعليمية.

3- هذه الجمـوع الهائلـة من ملايين الأميين الثقافيين المنتشرين في شرق العالم العربي وغربه.

4- والدليل الرابع على ذلك هذه الملايين من العاطلين عن العمل (بلغت نسبة البطالة في العالم العربي في المتوسط 20-30 بالمائة) والذين يحملون شهادات مدرسية وجامعية لا قيمة لها في سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي.

5- والدليل الخامس على ذلك هذا التخلف الاقتصادي والاجتماعي والعلمي الذي نعيشه في العالم العربي والذي سببه تخلف مناهجنا التعليمية.

فما هو الدور العربي في إصلاح التعليم العربي والذي هو أساس كل إصلاح ؟ وهو الآن ملجأنا في أيام الشدة كما قال أرسطو. فالإصلاح السياسي على وجه الخصوص لن يتم إلا بإصلاح التعليم أولاً. فالأحرار هم المتعلمون والعبيد هم الجهلة. ومن المدرسة تبدأ الحرية والديمقراطية وليس من باب البرلمانات ومجالس الأمة والشعب. الدور العربي يتركز في فهم أهمية التعليم وليس التلقين كما سبق وقال وزير التربية السعودي السابق محمد الرشيد من أن «أسلوب التلقين الببغائي لم نجن منه إلا الحنظل ، فلا بُدَّ من هجره وأن الحكمة ليست مقصورة علينا.» كما علينا أن نفهم جيداً أن التعليم ليس شهادات ودبلومات ودرجات علمية فقط ، ولكنه عملية تنموية مستمرة اثناء الدراسة وبعدها وحتى الممات. كما يتركز هذا الدور على الانفتاح التعليمي الحداثي الذي يتلخص في فتح أبواب التعليم أمام كل العلوم ومصادرها بدون استثناء ، وعدم تدخل الايديولوجيات المختلفة في مناهج التعليم أو التأثير عليه ، أو فرض أيديولوجيا الدولة مهما كانت كما سبق واقترح جميل صليبا في العام 1967 في كتابه «مستقبل التربية في العالم العربي ، ص263» وقبل الحادي عشر من سبتمبر 2001 بأربعة وثلاثين سنة.

وهذا هو سرُّ تقدم التعليم في الدول المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية كاليابان مثالاً لا حصراً حيث من المحظور إقامة أية صلة بين الأحزاب وبين مناهج التعليم.

كما أن الدور العربي ينسحب على نشر التعليم التكنولوجي أو ما يُسمّى بالتربية التكنولوجية. ولعل الطلب الكبير على الشباب الهنود دون الباكستانيين الغارقين في التعليم التقليدي للعمل في الخارج وخاصة في أميركا حيث أصبح وطنهم الثاني «وادي السيلكون»، في ولاية كاليفورنيا كان سببه الرئيسي اعتماد الهند للتعليم التكنولوجي وتدريسه بشكل واسع ، حيث انشأت الهند عشرين جامعة متخصصة في علوم الكومبيوتر فقط , وهو ما جعل الطلب كبيراً لتوظيف الشباب الهندي في الخارج ، في حين ظل الشباب الباكستاني الغارق في التعليم التقليدي فريسة البطالة.

أما الدور الأميركي - إذا كان هناك دور حقاً - فيتلخّص بشدة في :

1- قيام أميركا بدعم الدول العربية التي تضع استراتيجية حديثة ومعاصرة لتطوير التعليم والتربية العربية من أجل تأهيل (مواطنين لا رعايا) بالمال والتقنيات والمرشدين والمعلمين والخبراء وكل ما يلزم لعملية التطوير التربوي والتعليمي في هذه الدول. وربط المساعدات الخارجية الأميركية بكل أشكالها بمدى تحقيق وتطبيق هذه الاستراتيجيات التربوية والتعليمية.

2- منح عدد كبير من المنح الدراسية العلمية والاقتصادية والانسانية لأبناء الدول التي تتبنى الاستراتيجيات الحديثة في التعليم والتربية.

3- عدم الاقتصار على المنح الدراسية في شؤون الأمن والعسكرتاريا فقط كما كانت تفعل أميركا في الماضي مع الدول العربية الصديقة والحليفة.

فبهذه الوسائل لا بقوة السلاح تستطيع أميركا أن تهيئ التربة الصالحة للزرع والنْبت الديمقراطي في العالم العربي. وهو وضع يختلف عما ساد في اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية بعد الحرب العالمية الثانية. حيث لم تكن في كتب التعليم ووسائل التعليم في هذه البلدان نصوص مقتطفة من كتب التراث كُتبت بسبب نزاعات جرت قبل أكثر من 1500 سنة ، وتستخدم اليوم لنفس أغراض الخلاف ، علماً بان العالم اليوم ليس عالم الأمس ، ولا الخلافات هي نفسها في ذلك الزمان. وهو ما فعلته وطبّقته مصر بحكمة في مناهجها التعليمية في 1979 بعد معاهدة كامب ديفيد. فالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في العالم العربي أساسه الإصلاح التربوي والتعليمي. والاصلاح التربوي والتعليمي لن يتم إلا بالطرق التعليمية والتربوية الحديثة بكل ما يعنيه هذا المصطلح.

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :

الساعة الآن 01:29 PM