سامي النصف
يعتبر الطيران الوسيلة الآمن في النقل لسبب بسيط هو انه لا يوجد في قاموس علومه ما يسمى بتسجيل حوادثه «ضد مجهول» بل تتم معرفة الفاعل في كل مرة للمحاسبة ، و الاهم لتعلم الدروس ، و سد الثغرات ، و منع الحوادث اللاحقة ، لذا فهناك ما يسمى بـ «التقرير الاولي السريع» الذي يتم خلال ايام قليلة متى ما توافرت الادلة و القرائن كحال قراءة مؤشرات و مسجلات الصندوق الاسود و فحص جسد الطائرة و اجساد الضحايا الذي ينفي او يثبت نظرية الانفجار و مكانه ، ثم يتلو ذلك خلال فترات تمتد لسنوات صدور «التقرير الرسمي النهائي» الذي يشارك في كتابته المحققون الفنيون و الجنائيون و المحامون ، و خير مثال للمهنية و الاحتراف حادث «الجيرمن ونغ» شهر مارس الماضي حيث اعلنت سلطات التحقيق و حتى الشركة المالكة الالمانية خلال ايام قليلة انتحار مساعد الطيران و لم تواصل الانكار و طلب انتظار صدور التقرير النهائي . حادث الطائرة الروسية في سيناء هو الاسهل في التحقيق و في سرعة اصدار التقرير الاولي , حيث وجد مع لحظة وقوع الحادث الصندوق الاسود و اجزاء الطائرة و اجساد الضحايا ، حيث لم يختفوا في اعماق المحيطات الزرقاء او قمم الجبال البيضاء ، لذا لم يكن من المهنية على الاطلاق طلب سلطات الطيران المصرية انتظار صدور التقرير النهائي الذي قد ينتهى منه خلال سنوات و كان من الافضل في ظل توافر الحقائق اصدار «تقرير اولي متفق عليه» يقر بوجود قنبلة بالطائرة ، فإنكار ذلك الامر يعني اما لوم الشركة الصانعة عبر ادعاء تفكك جسد الطائرة بالجو دون دليل او لوم شركة الطيران و دون دليل كذلك عبر ادعاء وجود اخطاء بالصيانة او خطأ الطيار ، او الخيار الثالث و هو الحلم بأن تسجل الحادثة «ضد مجهول» و هذا مستحيل . ان النقطة المهمة التي كان على السلطات المصرية ان تركز عليها بدلا من الانكار المتواصل الذي اضر بمصداقيتها و مهنيتها و شكك في رغبتها في الاصلاح هو البحث عن مكان زرع القنبلة لا انكار وجودها ، و من ثم جعل مطار شرم الشيخ «احد» الاماكن المحتملة و ليس الوحيد ، فحجم القنبلة الذي اقرت به الجهة الفاعلة (داعش) لا يؤهل لاسقاط الطائرة اذا ما زرع في العفش او حتى في خلف كابينة الركاب كما ادعى بعض خبراء الطيران الدوليين (!) ، حيث ان خلف كابينة الركاب هو المكان الآمن و الاقل ضررا الذي توضع به اي قنبلة تكتشف بالطائرة او ما تسميه الشركات الصانعة Bomb Least Risk-Location . لذا فالاحتمال المنطقي ان القنبلة زرعت بشكل فني و مختص و دقيق قرب الذيل و هو امر صعب اذا لم نقل مستحيل ان يتم خلال دقائق الترانزيت القليلة في مطار شرم الشيخ في عز النهار و بوجود رجال الامن و عمال العفش و المهندسين و الفنيين .. الخ ، و الاسهل من ذلك ان يتم زرعها خلال مبيت الطائرة دون حراسة في مطار آخر او خلال فترة الصيانة المطولة ان تمت قبيل رحلتها لشرم ! آخر محطة : 1 ـ ادعت «داعش» كاذبة ان الطائرة اسقطت بصاروخ ، لذا فمن يقل انها لم تكذب ثانية عندما ادعت انها زرعت القنبلة في مطار شرم كي تغطي على زرعها في مكان آخر و لضرب الاقتصاد المصري ، فلماذا تكشف عن مكان و تفاصيل القنبلة و هي القادرة على تكرار التجربة ؟ و لماذا قامت الدول ذات الاجهزة الاستخبارية و التنصتية بارسال طائراتها لملئها بالركاب من مطار شرم لو كانت تعتقد حقا باختراقه من قبل داعش ؟ و لم ترسل ركابها برا للقاهرة او حتى تطلب من مصر استبدال كامل الطاقم الامني و الفني لمطار شرم و لها الحق في ذلك ؟! 2 ـ طائرة الايرباص المنكوبة تستخدم تقنية التحليق بالكيبل او السلك او ما يسمى Fly By Wire حيث تترجم الكمبيوترات حركة الطيار الى اوامر للاسلاك كي تحرك دفة الذيل ، لذا يحتاج الامر الى مختصين و فنيي طيران و متفجرات و خبراء لمعرفة المكان الامثل و الاخطر كي يقوم تفجير صغير بتدمير كبير يدل عليه فصل الذيل كاملا و سقوطه بعيدا عن الطائرة !
تعليق : فعلا" تحليل في العمق لخبير طيران معروف الأستاذ سامي النصف و مقال تثقيفي للقارئ حتى يفهم الطريقة الصح للتعامل مع حوادث الطيران و يبين مهنية البلد الذي يحدث فيها هذا الشي . للاسف الإدارة المصرية فشلت فشل ذريع في التعامل مع الحادثة و اضرت بسمعة بلدها حسب تحليل الكاتب و هو تحليل منطقي و محترف .