العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > منتدى بلادي قطر
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-11-2015 , 01:29 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,361
أخر زيارة : اليوم 12:53 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon29 عجز الموازنة مال عمك لا يهمك



أحمد بن عبدالله السليطي

يتحدث الكثير من العامة هذه الأيام عن العجز المتوقع في ميزانية الدولة للعام المالي القادم ٢٠١٦م ، و لكي نكون منصفين في تقييم الوضع العام علينا أن نرى الأمور بمنظور مختلف عن التقييم التلقائي ، خصوصاً أن هناك توقعا بالعجز في الميزانية و لكن يقابله توقع بالنمو في الاقتصاد الوطني . و لكي نعرف و نفهم ما إذا كان هذا العجز المالي سيؤثر في نمو الاقتصاد أم لا يجب علينا أولاً أن نعرف من هو اللاعب الرئيسي في الاقتصاد حتى نقدر العجز بقدره و لا نأخذه بحجم أكبر من مستواه الطبيعي ، و في نفس الوقت – إذا أردنا أن نكون منصفين - يجب ألا يكون لدينا نوع من المكابرة و عدم قراءة الواقع بصورة صحيحة و إلا سنجد أنفسنا في موقف لا نحسد عليه . من المعروف للجميع أن الدول التي تستنزف طاقاتها و مواردها في الصرف على البنية التحتية تعاني الكثير من المصاعب في سنوات مالية لاحقة نتيجة لسوء تقدير الموازنات و التخبط في إدارة تلك المشاريع ، و كذلك لعدم القدرة على الالتزام بالوفاء بمتطلبات المصاريف التشغيلية عندما ينتهي المشروع و تبقى مصاريف تشغيله . هناك نماذج عالمية اضطرت للصرف الزائد عن اللزوم من أجل مواجهة التزامات دولية كبيرة و هي تعاني الأمرين من الناحية المالية اليوم ، و منهم من قارب على وضع الإفلاس و ينتظر المساعدات من الآخرين ، و لنا في البرازيل و اليونان عبرة في ما قد يصيبنا نحن لتشابه الحالة في وجود حدث رياضي كبير مع اختلاف بعض المشاكل الاقتصادية بيننا و بينهم ، حيث إن اليونان استضافت أولمبياد ٢٠٠٤م و البرازيل استضافت كأس العالم ٢٠١٤م و تستضيف أولمبياد ٢٠١٦م ، الأولى أفلست و ديونها تصل إلى٤٠٠ مليار دولار ، و الثانية بدأ اقتصادها بالانكماش بعد أن انتقل الضرر من عجز الموازنة إلى الاقتصاد الكلي و بدأت في بيع منشآتها الرياضية الخاصة بكرة القدم ، و ينتظرها وضع اقتصادي أصعب بعد أولمبياد ٢٠١٦م و هي التي حالياً تصنف سابع أكبر اقتصاد في العالم .. كل ذلك حدث لهما بسبب تجاوزهما الميزانيات المرصودة للصرف على البنية التحتية الرياضية بمراحل كبيرة . تنظيم بطولة كأس العالم عندنا يتطلب الكثير من أوجه الصرف «المباشر» على الملاعب و «غير المباشر» على البنية التحتية و لا نستطيع أن نغفل ما قد يؤثره ذلك الحدث من تأثير إيجابي قوي على الاقتصاد الوطني ، كون هذا الحدث سيزيد من أوجه الصرف في السوق المحلي من قبل الدولة و بالتالي انتعاش الاقتصاد و نموه ، و لكن تبقى مشكلتنا المزمنة هي إدارة ذلك الصرف . بما أن الحكومة هي اللاعب الرئيسي و يكاد يكون الوحيد في الاقتصاد المحلي فإنه من الواجب الانتباه و بقوة للنواحي الإدارية في المشاريع الكبرى المرتبطة بصورة «مباشرة» و «غير مباشرة» بأوجه الصرف بصورة عامة ، أو بتنظيم كأس العالم ، لأنه إذا بدأ اللاعب الرئيسي و الوحيد في الاقتصاد بالعجز و الاستدانة فإن النتيجة الحتمية هي انكماش الاقتصاد و تضرر رفاهية المواطن . لا أظن أننا نحتاج أن نقلق على موارد الميزانية لأننا في وضع مالي قوي و لله الحمد و لكن نعاني من سوء إدارة المصروفات ، و هذا هو سبب العجز الحقيقي و الذي سيؤثر على النمو الاقتصادي مستقبلاً و ليس فقط انخفاض أسعار النفط كما نظن . و حتى لا يكون كلامي مجرد موضوع إنشائي سآخذ نموذج سوء الإدارة في أحد المشاريع العامة و هو مشروع مستشفى سدرة و الذي يعتبر أحد أكبر مشاريع الدولة ، و كيف أن تلك القرارات الإدارية المرتجلة تؤثر بصورة مباشرة في العجز في ميزانية الدولة لا بل و تؤثر أيضا على مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن . تم توقيع عقد تصميم و بناء مركز سدرة الطبي عام ٢٠٠٨م بين مؤسسة قطر و تحالف شركتين : إسبانية و قبرصية ، و تم إسناد إدارة المشروع إلى شركة استاد المملوكة مناصفة بين قطر للبترول و مؤسسة قطر . قيمة المشروع بالكامل تزيد على حوالي 10 مليار ريال قطري و كان من المفترض و حسب العقد تسليم المشروع في ديسمبر ٢٠١٢م ، و لكن ذلك لم يحدث كالعادة و هي ليست أول حالة تأخير نعيشها ، فأغلب مشاريع الدولة تأخرت «متأخرة أو ستتأخر». الطامة الكبرى التي حدثت في مشروع مركز سدرة الطبي أن إدارة شركة «استاد» (شركة حكومية) قامت في يوليو ٢٠١٤م بإلغاء عقد المقاول و سحب الضمان البنكي ضد الشركة الاسبانية و الذي يساوي أكثر من ثلاثة مليارات ريال قطري . لنرى كيف سيؤثر بطريقة غير مباشرة قرار شركة «استاد» الارتجالي في عجز الميزانية القادم و ما هو حجم المشاكل التي أفرزها ذلك القرار الذي أُتخذ دون دراسة عواقب الأمور . أولاً : الدولة تعاني من نقص في تلبية الخدمات الطبية و عدد سكان الدولة أكبر بكثير من عدد المستشفيات و الأسرة الموجودة ، هم يؤخرون ما هو متأخر أصلاً و علينا نحن الانتظار . ثانياً : يوجد خلف المقاول الرئيسي حوالي ٢٣٠٠ مقاول من الباطن ليس لديهم الحق القانوني في التعامل مع المقاول الجديد إلا بموافقة الشركة الاسبانية و التي طبعاً لم توافق على ذلك و إلا سوف تسحب ما لديها من ضمانات بنكية على مقاولي الباطن . ثالثاً : الشركة الاسبانية ترفض تسليم المخططات و الرسومات إلا بعد الانتهاء من التنازع و التحكيم المنصوص عليه في العقد و الذي يجب أن يكون في مدينة لندن و الذي لن ينتهي قبل سنتين على أقل تقدير . رابعاً : المقاول الجديد يدعي أن ما بقي للإنجاز هو ٣٠٪ من العمل في حين أن الشركة الاسبانية و هي شركة مدرجة في بورصة لندن ، تدعي بإعلان رسمي على موقعها الإلكتروني للمساهمين في لندن أن ما بقي للإنجاز هو ٥٪ فقط و هذا يعني أن هناك ما قيمته ٢٥٪ من قيمة المشروع سيتم دفعها مرة أخرى ، يعني ٢٥٪ من 10 مليار ريال قطري و هو 5 ,2 مليار ريال ستكون إضافية على تكلفة المشروع . خامساً : تدعي الشركة الاسبانية أن سبب التأخير هو كثرة التغيرات التي طرأت على المشروع و بعلم شركة استاد و في النهاية لم يستمع لها أحد و تم اتخاذ قرار إنهاء التعاقد معها . سادساً : التعويضات التي تطلبها الشركة الاسبانية تتجاوز سبعة مليارات ريال حيث ما أعلمه أن مقاولا واحدا من مقاولي الباطن يطلب تعويض ٤٠٠ مليون ريال . سابعاً : موظفو و أطباء مستشفى سدرة الذين تم التعاقد معهم تحولوا إلى بطالة مقنعة لأن ليس لديهم مكان يعملون فيه ، و مستشفيات الدولة الأخرى لا تستوعبهم و صرف رواتبهم و سكنهم مستمر . ثامناً : الأجهزة الطبية التي تم توريدها قبل ثلاث سنوات تقادمت و تهالكت محاسبياً و منها ما يتم البحث عن التخلص منه الآن لصالح جهات محلية و شراء أجهزة أحدث بتكاليف جديدة . هذه بعض من المشاكل التي نجمت عن قرار شركة استاد «الحكومية» بإلغاء عقد مقاول مركز سدرة الطبي و تحميل ميزانية الدولة أكثر من 9,5 مليار ريال إضافية ، زيادة على قيمة المشروع الأصلية 10 مليار ريال . إذن من الواضح أن المشكلة لن تتوقف عند وجود عجز مالي فقط بسبب سوء إدارة مشاريع الدولة بل ستمتد المشكلة الى التأثير السلبي المباشر على الخدمات ، و هذا هو الخطر من عدم معرفة ما هو السبب الحقيقي لأي عجز ينتج في الموازنة و تستمر المكابرة أن انخفاض أسعار النفط هو السبب ، و بالتالي ينتقل الضرر من مجرد عجز مالي إلى ترد في الخدمات و منها إلى انكماش في الاقتصاد بدلاً من النمو . أعرف أن «الخبراء» سيقولون إن حالة اليونان و البرازيل و وضعهم الاقتصادي يختلف عن دولة قطر و بالتالي المقارنة غير صحيحة و ذلك طبعاً للدفاع عن الوضع القائم ، و أن الأمور تحت السيطرة و لكني أذكر أن اليونان و البرازيل لم يحتاجا إلى إنشاء مطارات و موانئ بحرية و طرق و مستشفيات و شبكة مترو و فنادق و مدارس و مناطق خدمات لوجيستية لاستضافة كأس العالم و الأولمبياد ، بل كل احتياجاتهم كانت البنية التحتية الرياضية و مع ذلك تعرضوا إلى العجز المالي في ميزانياتهم وصل بهم إلى حد الافلاس و انكماش الاقتصاد ، لأنهم تعدوا بكثير الميزانيات المرصودة للصرف على أحداثهم الرياضية . كذلك اقتصاد اليونان و البرازيل ليس اقتصادا رعويا و لا يعتمد على لاعب رئيسي واحد في تكوينه بل هو اقتصاد حر و مدعوم من عدة قطاعات ، فالبرازيل على سبيل المثال كان التضخم فيها بداية التسعينيات أكثر من ٢٠٠٠٪‏ و مع ادخال الكثير من الإصلاحات الاقتصادية و ضبط معايير الاداء حقق اقتصادها أكبر و أسرع معدلات نمو في العالم من عام ٢٠٠٠م و حتى ٢٠١٢م ليصلوا إلى سادس أكبر اقتصاد في العالم متخطين بريطانيا . و في عام ٢٠١٣م بدأت أزمتهم الاقتصادية لأسباب كثيرة منها تجاوز الصرف على مشاريع كأس العالم و الأولمبياد . أما نحن فعلينا إنشاء كل ذلك و هذا أمر يصب في صالح الاقتصاد الوطني كما ذكرت أعلاه عن ايجابيات وجود كأس العالم عندنا ، و لكن للأسف جميع القطاعات عندنا من مطار و ميناء و شبكة طرق و مستشفيات و مدارس و شبكة المترو و المناطق اللوجيستية و حتى أسواق الفرجان تعدت الميزانيات المرصودة لها بمستويات كبيرة جداً ، و إذا استمرت إدارة المشاريع بأسلوب «مال عمك لا يهمك» كما وضحت عن ذلك بإسهاب في مقالي السابق عن «أشغال» و اليوم أخذت مشروع سدرة نموذجاً ، فإن تلك النعمة ستتحول إلى نقمة و لا أعتقد أن حل الاقتراض الداخلي و الخارجي لمواجهة العجز سيكون كافياً ، أو حتى دراسة فرض زيادة على رسوم الخدمات وفقاً لمذكرة الأمين العام لمجلس الوزراء التي صدرت الإسبوع الماضي ستكون هي المنقذ للوضع الذي تتجه إليه الميزانية . و حتى لا ننتقل إلى الحلول الأخرى و التي بلا شك هي أكثر إزعاجا و خطورة على الميزانية و نصبح مثل اليونان و البرازيل يجب علينا أن نراجع هيكلية إداء الحكومة ، كما ذكرت في مقال «أشغال» و ذلك بخلق «وحدة الإنجاز» التي يجب ألا تضم أيا من الوزراء أو المسؤولين الحاليين و التي سيكون مناطا بها مراقبة أداء مشاريع القوانين و مشاريع البنية التحتية و إعطاء الرأي الآخر ، بدلاً من اكتشاف ذلك في عجز الموازنة و اقتراح حلول سيئة جداً و خطيرة على اقتصاد البلد و رفاهية المواطن .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 

أدوات الرقـابة :

الساعة الآن 09:18 PM