العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى العام
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-05-2013 , 08:12 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : يوم أمس 04:48 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

افتراضي مطلوب ساحات ديموقراطية لحلّ الصّراعات



بقلم - د. علي محمد فخرو : السَّاحة التي تجري فيها النّزاعات المجتمعية، سواء أكانت سياسية أم غير ذلك، لا تقلُّ أهمية عن أسس ووسائل حلّ تلك النّزاعات، خصوصًا إذا أصبح العنف في المجتمعات التي تتمتع بوجود نظام ديموقراطي معقول، ليس فيه الكثير من الهنات والزّيف، ارتضت جميع مكوناتها أن تكون قاعات البرلمانات، المنتخبة انتخابًا ديموقراطيًا نزيهًا ليكون أعضاؤها معبّرين عن مختلف القوى والمصالح المجتمعية، أن تكون هي السّاحة الأساسيّة التي تجري فيها النّزاعات، ذلك أنه ومن خلال وظائفها التشريعية والرّقابية وقدرتها على المحاسبة تساعد تلك البرلمانات على حلّ النزاعات بصور متوازنة عادلة وعقلانية تراعي مصالح مختلف مكونات المجتمع.
أما المجتمعات التي تفتقر لوجود ساحات ديموقراطية، يثق الناس فيها ويلجؤون إليها عند الحاجة، فإن المواطنين مضطرون لاستعمال ساحات أخرى لحلّ النزاعات، سواء أكانت فيما بين قوى المجتمع أو بين المجتمع وسلطة حكم الدولة. ولعلُ أبرز ساحة يلجأ إليها المواطنون في هذه الحالة تتمثّل في الشوارع والأزقّة والسَّاحات العامة، وشتّان ما بين منابر البرلمانات أو قاعات اجتماعات القوى المتنازعة الهادئة المحكومة بالأخذ والعطاء والوصول إلى حلول وسط وبين منابر الشوارع الصّاخبة القابلة لانتظامها في دوَّامة العنف، بل وما أكثر وأبعد من العنف.
هل أن ذلك يعني أن وجود منابر البرلمانات هو ضمان لعدم لجوء المواطنين لمنابر وساحات أخرى؟ الجواب هو بالطبع كلا، ففي كل المجتمعات الديموقراطية يلجأ الناس بين الحين والآخر للشوارع ليتظاهروا وليحتُّجوا، وذلك عندما تفشل البرلمانات في حلّ النزاعات، خصوصًا ما بين سلطة الدولة ومواطنيها. ولعلّ أفضل مثال على ذلك احتجاجات الشوارع المستمرّة التي قام بها المواطنون السود الأمريكيون وأنصارهم عبر سنوات لإنهاء الظلم التاريخي الذي لحق بهم، وذلك عندما فشلت وجبنت مجالس البرلمانات ومجالس الشيوخ الأمريكية المتعاقبة عن إنهاء ذلك الظلم، حتى اضطرّ أحد قادة حراكات الاحتجاجات، راب براون لأن يعلن: إني أقول بأن العنف ضروري، إنه صفة أمريكية. إن العنف في الشوارع وغيرها هو في الواقع صفة كل المجتمعات التي تفتقر إلى وجود الساحة البرلمانية الديموقراطية الحقّة، غير المتواطئة مع أصحاب المصالح وسلطات القمع، والمدافعة عن مصالح عموم المواطنين. ومن هنا فأنه كلما اقترب النظام السياسي من الديموقراطية الشاملة العادلة تقلّصت في أرجائه ساحات النزاعات غير المنضبطة وغير الملتزمة بالسّلمية.
مناسبة هذا الحديث هو الاستمرار في الحاضر، وحتى بعد تفجرُّ ثورات وحراكات الربيع العربي، لتاريخ طويل من استهانة كل أنظمة الحكم العربية بمبدأ إيجاد ساحات مستقلّة موثوق بها من المواطن، وذلك من أجل حلّ النزاعات والصّراعات في المجتمعات التي تحكمها.
على مستوى الأفراد ومؤسسة العائلة أو جدت أنظمة الحكم على الأقل ساحة القضاء لحلّ النزاعات، لكنّها كعادتها سعت إلى الهيمنة على هذه الساحة بشتّى الطرق وأضعفت استقلاليتها ونزاهتها، وبالتالي ثقة المواطنين فيها.
لكن على مستوى نزاعات الجماعات، سواء لأسباب اقتصادية أو عرقية أو مذهبية أو قبلية أو غيرها، فإن نظام الحكم حاول دومًا ممارسة إدارة النزاعات والصّراعات بدلاً من حلّها حلاً عادلاً وجذريًا من خلال إزالة أسباب وجودها. وكانت إدارة أزمات الصّراعات تتمُ بأساليب أمنيّة باطشة أو بأساليب انتهازية تستغلُّ وتستعمل الصّراعات من أجل تثبيت وزيادة مصالح القائمين على أنظمة الحكم. كان مبدأ فرّق تسد هو الأشهر من بين تلك الأساليب.
ولأن إدارة النزاعات والصّراعات هو الأفضل لصالح أنظمة الحكم فكان يهمٌّها ألا توجد ساحة البرلمانات الديموقراطية النّزيهة للمساهمة في حلّ، وليس إدارة، الصّراعات. ولذا سعت عبر تاريخ طويل لأن تبقى المؤسسة البرلمانية ناقصة الديموقراطية، ضعيفة الاستقلالية، مليئة بالفساد والانتهازية. وفي نفس المستوى سعت أنظمة الحكم إلى منع وجود النقابات، وإذا وجدت على مضض كانت ضعيفة وفاسدة ومسروقة من قبل قيادات نفعية متواطئة مخادعة.
كان الهدف واضحًا: أن لا يجد المتنازعون والمتصارعون ملجأ غير ساحة الحكم وقوى الحكم، فيظلُ المجتمع بكامله مبتلعًا في جوف سلطة الدولة، يتغذّى بفتات ما تجود به سلطة الدولة.
إذا كانت أنظمة الحكم في كل بلاد العرب تريد ألا تواجه يوميًا ما تفرزه شوارع المدن وأزقّة القرى العربية فعليها أن تتوقّف نهائيًا عن تعطيل وجود ساحات مجتمعية ديموقراطية عادلة موثوق بها من مثل البرلمانات والنقابات وأشكال كثيرة من مؤسسات المجتمع المدني.
أما شباب ثورات وحراكات الربيع العربي فلا يحقُّ لأحد أن يلومهم إن ظلّوا يجوبون الشوارع طالما أن السَّاحات الديموقراطية السّلميّة الهادئة الموثوق بها، المطلوبة من أجل حل النزاعات والصّراعات، طالما أنها لم توجد بعد. نكرّر، نحن نتكلم عن حلّ الصراعات وليس إدارتها.
كاتب بحرينى

تعليق : فكرة مهمة من كاتب كبير و هي الفرق بين إدارة الصراع و حلة التي تستخدمها الانظمة الغير ديموقراطية للسيطرة على الشعوب .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :

الساعة الآن 09:45 PM