العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > منتدى الرأي و الرأي الأخر
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-01-2013 , 02:53 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : يوم أمس 10:04 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

افتراضي حافظ الأسد وأدونيس .. أقنعة متعدّدة وسياسة واحدة!

بقلم / جهاد فاضل :

إذا كان الرئيس الراحل حافظ الأسد هو "القوميسير" الأول للطائفة العلوية في السياسة في العصر الحديث، فإن الشاعر السوري علي أحمد سعيد الملقب بـ "بأدونيس" هو "القوميسير" الأول لهذه الطائفة في المجال الثقافي، وهو مجال لا يقلّ خطورة عن المجال السياسي.
صحيح أن الأدوار التي اضطلع بها حافظ الأسد في السياسة قد غيّرت وجه سوريا القومي العربي ووجّهت أقسى الضربات لحركة المقاومة الفلسطينية، وهذا ما لا يُمكن لكل مجهودات أدونيس الثقافيّة والفكريّة أن تقترب مما أنجزه حافظ الأسد، ولكن علينا ألاّ نستهين بما فعله أدونيس فيما ندب نفسه له. فقد ندب هذه النفس لغرض واحد وحيد هو هدم مقوّمات الثقافة العربية من دين وعقيدة وأدب وشعر وتراث وتاريخ، وتسفيه وتحقير كل ما حققه العرب والمسلمون عبر تاريخهم الطويل. بدأ بأطروحة دكتوراه قدّمها في جامعة اليسوعيين في بيروت عن "الثابت والمتحوّل" في التراث العربي، قسّم فيها التراث إلى قسمين: قسم ثابت، أي متخلف وجامد ورجعي، حشر فيه كل أدباء ومفكري أهل السنّة، وعلى رأسهم الغزالي، وقسم آخر سّماه المتحوّل ضمّ إليه كل الأدباء والمفكرين من الشيعة والخوارج والنصارى والصابئة واليهود وذوي الأصول الفارسيّة خصوصًا، والأجنبية عمومًا، معتبرًا أن هؤلاء وحدهم هم نقطة الضوء في ليل طويل اسمه الإسلام والحضارة العربيّة، أي أنه اعتمد أسلوب الذبح على الهويّة قبل أن يشيع هذا الأسلوب في عصرنا الراهن بزمن طويل.

دخل إلى دائرة العلم بأسلوب غير علمي، متأبّطاً أحقاد 1200 سنة من الصراع المعروف في التاريخ، بدلاً من أن يدخله باحثًا نزيهًا مجرّدًا عاملاً على تخفيف تناقضاته، أو ساعيًا لطيّ صفحة تلك التناقضات. وكان مما فعله سواء في هذا الكتاب، أو في كتب أخرى له، وكذلك في مجلات بلا حصر أنشأها على مدار حياته وما زال يُنشئها إلى اليوم هو أنه قسّم التراث العربي إلى تراثات عدّة مختلفة، متناقضة، متصادمة، ليُوحي للقارئ من خلال ذلك أن ما يُسمّى بالأمة سواء عربيّة أو إسلاميّة، لم تكن يومًا أمّة واحدة، ولن تكون أبدًا لا في الحاضر ولا في المستقبل.. ولم يقف عند مثل هذه الأفكار والآراء التي ردّ عليها باحثون كُثر أثبتوا فسادها وتهافتها، بل تجاوزها إلى ما يطعن في تاريخ العرب وعظمة الدول التي يضمّها هذا التاريخ، ففي السنوات العشر الأخيرة أصدر ثلاثة مجلدات ضخمة أطلق عليها عنوان (الكتاب) - وهو عنوان له أهدافه منه، والأهداف معروفة - جمع فيها كل عيوب العرب ومثالبهم، وعيوب الفئات الحاكمة من عباسيين وغير عباسيين، ليُؤكّد في هذه المجلدات أن العرب أشرار بالفطرة، وفاسدون بالجبلّة، وأن تاريخهم هو تاريخ الدم والقتل والسحل والمظالم والآلام والدموع وشتّى أنواع المفاسد والاضطهادات. وضع هذه المجلدات الثلاثة على لسان أعظم شاعر عربي في التاريخ المتنبي الذي كانت عروبته ناصعة كالشمس. استخدم هذا الشاعر أسوأ استخدام، جعل منه قناعًا ليُوحي للقارئ أن المتنبي يُشاركه رأيه في العرب، بل إنه سبقه إلى هذا الرأي، وأراد ضمنًا أن يُوظّفه في معركته ضدّ أهل السنّة على أساس أن المتنبي شيعي المذهب. في حين المُنقّب في سيرة المتنبي وفي شعره لا يجد للمتنبي من مذاهب سوى مذهبه في الشعر وفي السعي إلى السلطة وفي ذمّ التقاعس الذي لمسه في أهل زمانه لاستعادة مكانتهم التي كانت تأفل في ذلك الوقت.

على أن أدونيس لم يكتفِ بكل هذا الذي فعله والذي أشرنا إليه، وهو خطير، بل مدّ يده أيضًا إلى السياسة بمعناها المباشر، فانتسب في شبابه إلى الحزب السوري القومي دون أن يتركه أو يترك خطّه المعادي للعروبة إلى اليوم. وعلى مدار أكثر من نصف قرن كانت سياسة الكيد للعرب، والتعاون مع أعدائهم، هي سياسته. في مؤتمر عُقد في غرناطة سنة ١٩٩٤ وشارك فيه كتّاب عرب ويهود، أعلن أدونيس فيه يهوديّته، أي اعترافه بالدولة العبريّة اعترافًا صريحًا وعلنيًّا معًا، ولكنه مختلف في العلنية مع "القوميسير" السياسي الآخر لطائفته. فهو حينًا يُمارس التقية، وحينًا آخر يدعها جانبًا. ولكن ما لا يدعه جانبًا هو موقفه الثابت، وغير المتحوّل، من العروبة والإسلام. فهما عدوّان إستراتيجيان عنده كما عند "القوميسير" الآخر سواء بسواء.

قد يثور سؤال عن العلاقة التي كانت تربط بين أدونيس والرئيس الراحل حافظ الأسد. الواقع أن العلاقات بينهما لم تكن جيّدة على الدوام. فأدونيس في اللقاءات التي جمعته بحافظ الأسد كان يُلحّ على مزيد من "سورنة" سوريّة، أي على خطوات سياسيّة ملموسة من شأنها تقوية الأقليّات السوريّة وتعزيز هويّة سوريّة الثقافيّة الخاصة والوصول إلى ما يُمكن اعتباره تأسيسًا لدولة سوريّة قرمطيّة جديدة، وهو ما لم يكن يُوافق عليه حافظ الأسد نظرًا لخطورته ولنتائجه الكارثيّة على مجمل مشروعه، فقد كان من رأيه أن هناك أساليب كثيرة تُؤدّي إلى هذا الغرض غير أسلوب المواجهات الفجّة مع الأكثريّة.

ولكن القائدين العلويين، السياسي والثقافي، لم يصلا إلى ما وصلا إليه، لو لم يلجآ إلى شتّى أنواع الأقنعة التي سهّلت مرورهما على ما لا يُحصى من الحواجز. لجأ حافظ الأسد إلى قناع العلمانيّة، وإلى قناع البعثيّة. ووصل به الأمر، أكثر من مرّة، إلى إعلان إسلامه. قال صراحة وفي لقاء عام إنه اعتنق الإسلام فلماذا يثور السوريون المسلمون، في حماه وفي غير حماه، بوجهه؟ وعندما تُوفّيت والدته وأقام لها مجلس عزاء في القرداحة، وتقدّم رئيس المجلس الشيعي الأعلى في لبنان محمد مهدي شمس الدين ليسأله: هل يصلّي عليها؟ أجابه: لقد كانت الوالدة على المذهب الشافعي!

ومن حقّ أدونيس أيضًا أن يقول: ما كان أكثر أقنعتي. استخدمتُ من الأقنعة ما لم يستخدم أحد قبلي. قلتُ إني قومي سوري، وقلت إني حداثي مع الحداثة والحريّة والإبداع، ووصل بي الأمر إلى حدّ إعلان ماركسيّتي.

ألم تُخصّص لي وكالة "نوفوستي" زمن الاتحاد السوفييتي والحرب الباردة عددًا خاصًّا من أعدادها صنّفتني فيه كمفكّر وفيلسوف ماركسي؟ بل ألم أُدافع عن الإسلام عندما أجد نفسي في محافل وملتقيات مضطرًّا لمثل هذا الدفاع؟ أليست التقية مبثوثة في جيناتي؟ وهل هناك شكّ في أن المبثوث الأول هو العداء ليعرب وقريش؟ ألا أكون والحالة هذه وفيًّا لما تلقيته منذ الصغر، ولما ورثته ولما سأُورّثه لأبنائي وأحفادي من بعدي؟ وهل يُمكن أن ينُسب هذا البيت لأحد سواي:
«قد ينبتُ المرعى على دمن الثرى
وتبقى حزازات الصدور كما هي»!.
عندما بدأت الحرب السوريّة الحاليّة قبل ثمانية عشر شهرًا، كان لأدونيس موقف لافت. كتب أكثر من مقال في الصحافة اللبنانيّة قال فيها إنه يتوقع أن تكون الحرب بين النظام السوري وخصومه حربًا ضارية نظرًا للأحقاد المتراكمة بين الفريقين. وقد ثبت توقّعه هذا بالفعل لأنه يعرف، وهو العلوي، أن ما كان، كان اغتصابًا للتاريخ وللحقيقة ولطبائع الأمور. ولكنه في هذه المقالات التي نشرها، دافع عن حقوق "الأقليات" معتبرًا "أن من حق العلوي والسرياني والصابئي وسائر الأقليات أن يصلوا إلى أعلى المناصب في الدولة".

هذا صحيح من حيث المبدأ، ولكن في دولة ديموقراطية متحضّرة تسود فيها مبادئ حقوق الإنسان والمواطنة وتكافؤ الفرص. ولكن ماذا عن حقوق الأكثرية؟ هل يجوز لبلد عدد مسلميه عشرين مليونًا أن يحكمه "أقلوي" طالع من طائفة لا يتجاوز عدد أفرادها المليون والنصف، وفي أسس عقيدتها وموروثاتها وثقافتها عداء مُفرط لهذه الأكثرية، تأكّد وشاع وذاع وجرى تطبيقه على أوسع نطاق خلال نصف قرن فقدت خلاله سوريا نفسها وشخصيّتها، ومُورس عليها من أساليب الخداع والتمويه والالتباس والانحراف ما لا مزيد عليه؟.

اليوم يوم آخر. تنهض سوريا الأمويين والعرب من قبرها الذي عاشت فيه بالقهر والرعب والخوف والظلم نصف قرن، وتستقبل الشمس حرّة وتخلع عنها ما ألبسوها إياه بالزيف والتزوير، وتسقط الأقنعة جميعها، ويعود الكلام طلقًا بلا مواربة، وتسقط لغة الجفر وسائر لغات "القوميسيارية" والدعاة المتأخّرين!.
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إردوغان و الأسد : حسابات خاطئة و تقديرات غير صحيحة ! البرواز و الصورة المنتدى العام 0 26-08-2016 12:17 AM


الساعة الآن 07:34 PM