العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الثقافي
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-12-2016 , 04:51 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,358
أخر زيارة : اليوم 01:50 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon37 عن «جورج طرابيشى»



عمار علي حسن

فى السادس عشر من مارس الماضى حط المفكر و الناقد و المترجم الكبير جورج طرابيشى رحاله الأخير بعد سير طويل تنقل فيه بين اعتقادات و تصورات و مهن و أماكن و ألوان شتى من المعرفة و اهتمامات متعددة فى القراءة و التأمل و الكتابة . فقد مر «طرابيشى» على أيديولوجيات شتى بدأت بالقومية ثم الماركسية لينتهى فى الليبرالية ، و تنقل بين أماكن عدة حيث ولد فى حلب من أعمال سوريا عام 1939 ، ليرحل إلى لبنان التى لم تلبث أن انفجرت فى حرب أهلية ضروس , فتركها و استقر به المقام فى فرنسا . و نهل «طرابيشى» من علوم مختلفة حيث درس الفلسفة و علم النفس و اللغة العربية و التربية و الأدب و مقارنة الأديان و التاريخ ، و تتابعت فى حياته اهتمامات كثيرة ، إذ بدأ ناقداً أدبياً بلغت براعته فى هذا المسار أن كتب له نجيب محفوظ رداً على كتاب «طرابيشى» عنه : «بصراحة أعترف لك بصدق بصيرتك و قوة استدلالك ، و لك أن تنشر عنى بأن تفسيرك للأعمال التى عرضتها هو أصدق التفاسير بالنسبة لمؤلفها». و فى ركاب النقد ترجم كتباً مهمة لفرويد و هيجل و سارتر و سيمون دى بوفوار و برهييه و جارودى و غيرهم ، ليستقر به المقام ناقداً عميقاً لمشروع المغربى محمد عابد الجابرى «نقد العقل العربى». و طيلة هذه الرحلة تنقل أيضاً بين أطر تحليلية عدة ، تتابعت من الفكر القومى إلى الثورى فالوجودية ، ثم الماركسية و بعدها التحليل النفسى ، ليستقر به المقام فى الإبستمولوجيا ، و على التوازى زاوج «طرابيشى» بين الانشغال بعطاء التراث العربى الإسلامى فى الفقه و علم الكلام و البلاغة و الأدب و التفسير و التصوف و التاريخ و خصائص المجتمع ، و بين الاهتمام بما أنتجه العقل الأوروبى الحديث و المعاصر فى النقد و الفلسفة . أما عن المهن فقد عمل مديراً لإذاعة دمشق بين عامى 1963 و 1964 ، و رئيساً لتحرير مجلة «دراسات عربية» بين 1972 و 1984 ، ثم محرراً رئيسياً لمجلة «الوحدة» بين 1984 و 1989 ، ليتفرغ بعدها للكتابة . و حتى فى القراءة ، انتقل «طرابيشى» بين مرحلتين : الأولى كان يقرأ فيها ليحكم على ما يقرأه و هذا من فعل الناقد ، و الثانية كان يقرأ ليعرف أكثر ، و هذا من تصرف العالم ، و هنا يقول : «من قبل ما كنت أقرأ - و القراءة هوايتى الكبرى - إلا مع أو ضد .. و من بعد صرت أقرأ بعيداً عن هم المع أو الضد .. من قبل كنت أقرأ لأحكم و من بعد صرت أقرأ لأعرف .. من قبل كنت أرد كل ما أقرأه إلى ما أعرفه .. و من بعد صرت أنطلق مع كل ما أقرأه إلى ما لا أعرفه». و فى كل هذه المراحل ، فى القراءة و التأمل و الكتابة ، كان «طرابيشى» يؤمن بأن النقد فريضة واجبة ، ففى نظره «العقل لا يكون عقلاً إلاّ إذا كان نقدياً» و ربما هذا هو الذى جعله دائم الترحال و الانتقال بين الأفكار و الأطر و التصورات و البلدان و الكتب ، فالنقد كان هو القيمة المركزية لدى «طرابيشى» لدرجة أن هناك من أراد أن يجرده ، ظلماً و عدواناً ، من وجود مشروع فكرى خاص به فوصفه بأنه «ناقد النقد» فحسب ، و هذه قراءة مبتسرة و متعجلة و مغرضة و مبتعدة عن التأنى و الحكم العادل المجرد عن الهوى على منجز فكرى ثرى . فـ«طرابيشى» فى ترحاله الدائم ، و كراهيته الركون إلى أمر ، و الركود عند شىء ، أنجز مؤلفات عميقة و متنوعة مثل «سارتر و الماركسية» و «الماركسية و الأيديولوجيا» و «المثقفون العرب و التراث : التحليل النفسى لعصاب جماعى» و «الماركسية و المسألة القومية» و «مذبحة التراث فى الثقافة العربية المعاصرة» و «مصائر الفلسفة بين المسيحية و الإسلام» و «النزاع الصينى السوفيتى» و «الاستراتيجية الطبقية للثورة» و «النظرية القومية و الدولة القطرية» و «شرق و غرب ، رجولة و أنوثة : دراسة فى أزمة الجنس و الحضارة فى الرواية العربية» و «عقدة أوديب فى الرواية العربية» و «الرجولة وأيديولوجيا الرجولة فى الرواية العربية» و «الله فى رحلة نجيب محفوظ الرمزية» و «لعبة الحلم و الواقع : دراسة فى أدب توفيق الحكيم» و «الأدب من الداخل» و «رمزية المرأة فى الرواية العربية» و «أنثى ضد الأنوثة : دراسة فى أدب نوال السعداوى» و «معجم الفلاسفة» و «من النهضة إلى الردة» و «هرطقات» فى جزءين : الأول عن «الديمقراطية و العلمانية و الحداثة و الممانعة العربية» و الثانى عن «العلمانية كإشكالية إسلامية إسلامية» ثم كتاب «المعجزة أو سبات العقل فى الإسلام» و أخيراً خمسة مجلدات فى الرد على «الجابرى» تحت عنوان «نقد نقد العقل العربى» كان آخرها «من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث». كان أهم سؤال طرحه «طرابيشى» : «هل العقل العربى الإسلامى قد استقال بفعل عيب ذاتى أم بتأثير خارجى ؟» و كانت إجابته الناصعة هى أن «الآليات التى أدت إلى استقالة العقل و غروبه فى الحضارة هى آليات داخلية نابعة من انكفاء ذاتى و من انكماش لهذا العقل على نفسه و ليس من غزوة خارجية». و هو فى هذا يرد على مسار استغلظ فى تاريخنا الفكرى يرتكن إلى أن كل ما جرى لنا هو بفعل تآمر الآخر علينا ، و هو تصور ازداد غلظة و استحكاماً مع اندلاع الاحتجاجات و الانتفاضات و الثورات فى بعض البلدان العربية ، إذ لم تلتفت السلطة و مثقفوها و إعلامها إلى الحقيقة ، بل راحت تعمى عليها لتعزو ما جرى إلى خطط وضعت وراء البحار لتفكيك بلادنا ، و ليس إلى توحش الفساد ، و تجذر الاستبداد ، و غياب أى أمل فى الإصلاح السياسى و الاجتماعى . لهذا كان من الطبيعى أن يرى «طرابيشى» أن «كل حديث عن الإصلاح السياسى مع الإبقاء على المنظومة المعرفية القديمة و المفاهيم التقليدية ، إنما هو نقش على ماء»، ففى هذه المنظومة نفسها يسكن المرض ، و لا سبيل إلى الشفاء إلا بتفكيكها و التخلص من أى حمولات ثقيلة بها تشد إلى الوراء ، و طالما نحن نجيب عن أسئلة حاضرنا بمقولات من القرون الغابرة كانت فى أساسها إجابة عن أسئلة طرحها من عاشوا فى زمان بعيد فلن نتقدم إلى الأمام ، و هذا هو بيت الداء الذى يضع «طرابيشى» يده عليه فيقول : «ثقافتنا هى انغلاق على مفاهيم من عصور سابقة كانت فعالة آنذاك لكنها اليوم بلا أدنى فعالية ، نحن نريد أن نجيب عن أسئلة الأبناء بأجوبة الأجداد». و يرفض «طرابيشى» أن تقام ديمقراطية شكلية كما أنه لا يستلب حيال الديمقراطية السياسية باعتبارها الخلاص ، ففى الوقت الذى يرى أن «كبرى مشكلات العالم العربى أننا اختصرنا الديمقراطية إلى أحد مظاهرها و هو صندوق الاقتراع» يطالب بإطلاق الحريات فى الفكر و الدين و القيم الاجتماعية ، باعتبار هذا هو الأساس الذى تنبنى عليه الديمقراطية السياسية إن كانت هناك إرادة حقيقية فى إقامتها على نحو سليم ، و هنا يقول : «مجتمع يريد الديمقراطية فى السياسة و لا يريدها فى الفكر و لا على الأخص فى الدين ، هو مجتمع يستسهل الديمقراطية و يختزلها فى آن معاً». لقد أخلص «طرابيشى» للانفتاح على الحداثة دون أن ينحى التراث جانباً ، إنما طالب بمساءلته دوماً و نقده طيلة الوقت عبر استنطاقه بأجوبة جديدة على أسئلة مغايرة لتلك التى طرحها الأقدمون ، و صياغته فى إشكاليات معاصرة تمس ما نعيشه و نكابده من مشكلات ، و هذا لن يتم إلا بالاستمرار فى النقد . و هاجم «طرابيشى» المثقفين العرب و رآهم عصابيين و نكوصيين و مرتدين عن النهضة ، و حملهم جزءاً من مسئولية ركود الزمن العربى ليصبح كالقدر المستعصى على التحكم به ، و بذا ظل هو كمثقف مغاير ، معنياً طيلة الوقت ببناء حصن إبستمولوجى داخل العقل العربى الإسلامى ، ليزيد من مكنته على التفاعل الخلاق مع العالم المعاصر الذى يعلى من قيمة و قامة العقل و الأنسنة و التسامح .

تعليق : قراءة كتب المفكر طرابيشي انارة فكرية لا تقدر بثمن و بداية للولوج إلى عالم الفكر و الثقافة على اساس متين من الفهم و القدرة على التحليل و المقارنة . و رأيي لأي شخص يحب أن يقراء له أن يبداء معه من البداية بالتدرج الزمني لاصدار كتبه لانه تنقل بين افكار و قناعات كثيرة نتيجة التجارب الشخصية و الاطلاع حتى يفهم لماذا قال ما قال ؟ و لماذا غير قناعته ؟ طبعا" أنا قصدي هنا بكتبه هو الكتب اللي الفها و ليس ترجمها . الترجمة مش مشكلة تقدر تختار ما تحب بدون ترتيب زمني .


 
قديم 20-06-2019 , 02:34 PM   مشاركة رقم 2
المدير العام
 
الصورة الرمزية One More Night
تاريخ التسجيل : Oct 2012
رقم العضوية : 1
المشاركات : 131
أخر زيارة : يوم أمس 02:18 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : One More Night غير متواجد حالياً

افتراضي رد : عن «جورج طرابيشى»

نداء إلى كل عربي مخلص للعرب و عزتهم أن يقراء هذا المقال و يفهمه و شكرا" . و بدوري اشكر الكاتب نيابة عن الجميع عن هذا المقال الجامع النافع الذي وضع خطة الطريق للنهوض الحضاري لأمة العرب و الله ولي التوفيق .


توقيع : One More Night
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 169 ( الأعضاء 0 والزوار 169)
 

أدوات الرقـابة :

الساعة الآن 03:33 PM