هناء حجازي
واحدة من أعظم الروايات التي كُتبت في القرن العشرين ، كتبها الروائي الأمريكي إف. سكات فيتزجيرالد عام 1925، و هي رواية تتحدث عن الزمن الذي كُتبت فيه . حين قرأت العمل شعرت بأنني أقرأ أحد أعظم الأعمال الرومانسية الخالدة ، و أن غاتسبي يجب أن يتم ذِكره كما يُذكر روميو أو قيس أو أي مجنون آخر عاش للحب و مات بسببه . و على الرغم من أنني قد شاهدت الفيلم الذي جسد فيه شخصية غاتسبي ليوناردو دي كابريو ، لكن ذلك لم يقلل من إحساسي بالرواية و معايشتي أحداثها . تذكرت ولدي الذي أعطاني نصيحة حين أخبرته بخيبة أملي حين شاهدت فيلم أكل ، صلاة ، حب ، بعد أن قرأت الكتاب أنني يجب أن أشاهد الفيلم أولا قبل القراءة حتى لا تُفسِد القراءةُ متعةَ المشاهدة ، لكنني بعد تجربة الأمرين أدركت أنني أُفضِل الأدب ، أفضل أن تفسد القراءة متعة المشاهدة على أن تفسد المشاهدة متعة القراءة . و على كل حال الفيلم كان عظيما أيضا . الرواية ليست عملا رومانسيا بحتا لأنها تتحدث عن أكثر من قصة الحب ، هي تصور عصرا بأكمله ، تصور طبيعة العلاقات في ذلك العصر . و إذا فكرت قليلا تجد أن تلك الطبيعة قائمة منذ زمن بعيد و لا تزال قائمة حتى وقتنا الآن ، بعد ما يقرب من مرور 100 سنة على صدور الرواية ، تستطيع بكل سهولة أن تطبق الشخصيات في الرواية على الناس الذين تشاهدهم في الحياة . الحكاية في النهاية حكاية فقير و غنية ، حكاية تفاني الفقير في حُب صادَفَه في يوم من الأيام ، حب فتاة كانت تمثل له عالما آخر ، عالما بعيدا و فاتنا ، أحبته و أعطته من وقتها و حين غادر نسيته بعد وقت قصير و تزوجت شخصا ثريا . بينما هو غاتسي الذي لم يكن عظيما بعد ، عَمِل كل ما يستطيع كي يصبح غنيا كي ينتمي إلى الطبقة ذاتها ، التي كان يعرف أنه يجب أن ينتمي إليها كي يستطيع الفوز بفتاته ، حتى لو كان معنى ذلك تكوين ثروة بطرق غير شرعية . و حين عاد بحث عنها في كل مكان ، سكن قصرا مقابلا لبيتها و أقام حفلات صاخبة مفتوحة يأتي إليها كل الناس من دون دعوات ، على أمل أن يراها أمامه في يوم من الأيام . هذا الجزء الرومانسي من الرواية . أما الجزء الآخر ، الجزء الذي ترى فيه كيف تتصرف تلك الطبقة الثرية أمام الحب و الزواج و التضحيات ، فهو الذي يجعل الرواية عملا عظيما لأنه يصور الأمور كما تحدث ، لا يهجو فيتزجيرالد تلك الطبقة ، لا يلومها ، و لا يحاول تشويهها ، هو يخبرك أن هذه طبيعة الأشياء فقط ، هذه الطبقة لا تهتم . لا تقصد الإساءة بشكل متعمد لكنها ليس لديها هذا الإحساس المفرط تجاه المشاعر ، لا تشعر بالتزام يملي عليها أن تغير تصرفاتها أو سلوكاتها أمام حب عظيم أو تضحية عظيمة . و مثل كل قصص الحب ليست القصة عن الحب فقط ، بل عن الحب و كل الأشياء الأخرى .
تعليق : الأدب بكل فنونه و فهمه يجب أن يكون جزء من المنهج الدراسي حتى تفهم الناس كيف تستمتع فيه و تستوعب دروسه .