د.صنهات بن بدر العتيبي
سؤال كبـير يثور كلما اهتـزت الأرض في إيران واهتـزت معها الأبراج العالية في دول الخليج العربي: هل دول الخليج العربي تـقف اليوم على صفيح ساخن في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والعلاقات مع شعوبها؟ وهل النـذير العريان يستطيع أن يُسمع القوم أم أن على قلوب أقـفالها؟
على المستوى الاقتصادي تعاني دول الخليج من أزمة اقتصادية مختلفة عن كل ما يواجه الاقتصادات الأخرى ومختصرها يقول أن ارتباط الاقتصادات الخليجية بالنـفط ومن ثم باقتصادات الدول المستهلكة أنـتج مشكلة لا فكاك منها. وغرابة هذه المشكلة أنها تجرد دول الخليج من القدرة على صياغة قراراتها الاقتصادية وتجعلها دائما تقف بانـتظار ما يدور في اقتصاد أميركا والصين ومنطقة اليورو ومنطقة البسفور؟!
علاوة على ذلك مازالت الاقتصادات الخليجية تعتمد على النـفط بشكل كبـير جدا في بناء بنيتها الاقتصادية كمن يمشي على عكاز واحد في سباق ماراثون! اليوم أصبحت مسألة نـفاد النفط أو استبداله مسألة حتمية بفضل الانجازات العلمية في صناعات بديلة والنفط الصخري والنفط النباتي والنفط الذي ليس نفطا (الطاقة الشمسية)! عندما تحدث واقعة الاستبدال سيتبـين مقدار الظلام الذي يحيط بمستـقبل الاقتصادات الخليجية مادام أنها غارقة إلى الشوشة! في الترف والمباهاة والتطاول بالأبراج!
من الناحية الثـقافية والاجتماعية يلاحظ أن أغلب الدول الخليجية تعيش حالة من الملهاة التي لا تـتناسب البتة مع حالة المأساة في الدول المجاورة أو القريبة منها بدءا من العراق إلى اليمن إلى سوريا إلى الصومال ولن ننسى سوريا! مهرجانات سينمائية يأتي خلفها مهرجانات شعبـية ثم يعقبها مهرجانات غـنائية الخ وكلها تدور حول الشهوات وتـنأى عن القدرات فتـتربى أجيال طائشة لا تقدر حجم المؤامرة التي ترسم لهذه المنطقة ولا تستطيع أن تواجه التحدات بما يناسبها من قوة وعزيمة وإصرار!
ومن المشاكل الاجتماعية العويصة في بعض الدول الخليجية تـزايد نسبة الشباب مع تـقلص الفرص الوظيفية لأن الاقـتصاد منهوب ما يشير إلى أزمة بطالة قد تكون أزمة البطالة في أوروبا مقابلها مجرد مزحة بسيطة! وفي دول أخرى توجد مشكلة اخـتلال التعداد السكاني لصالح الوافدين من أصقاع الأرض حيث تـتجاوز نسبتهم الـ 50 % وهؤلاء يمثلون قدرات مؤقـتة لبناء اقتصادات الدول الخليجية التي تطمح أن يكون بناؤها قوياً وصلباً ومستمراً ولكن هيهات! الوافدون الذين لا توجد لهم جذور في هذه الأرض سوف يغادرونها حتما مع أول (صفارة إنذار) ولا أحد سيلومهم!
ثم نأتي إلى حالة الانـفصال بين بعض الدول الخليجية وشعوبها وهي حالة ملحوظة رغم عدم وجود بوادر ربيع خليجي لكن هذا يحدث بسبب ظروف أخرى! توجد في بعض دول الخليج حالة هروب من الواقع السياسي ومعها فصل قسري بين ما تريد الشعوب من حرية وتعددية وشـفافية ومساءلة وبين الواقع السياسي الذي هو في غالبه يقوم على البطش والمغالبة والاستبداد ومنهجية الفساد وفلسفة (لا أريكم إلا ما أرى)!
في البعد السياسي أصبح البعبع الإيراني واقعا مشاهدا لا ينكره إلا شريك معه! يضاف إلى ذلك قوة التحالف بين إيران ودول قوية ومنـتجة لأسلحة تدميرية مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية وكلها على أتم الاستعداد لجعل إيران أقوى دول المنطقة وبمراحل عديدة! إنها حالة قادمة من الطغيان الإيراني ولن يواجهها إلا حالة مأساوية من الخضوع الخليجي وسترون! كل ذلك يتحقق مع وجود غزل واضح بين إيران وإسرائيل لتـنـفيذ بعض الأجندات المتعلقة بالثورة السورية المجيدة وترتب على ذلك تعزز علاقة إيران مع أميركا والغرب رغم ادعاءات الضغط والمقاطعة والحرب الإعلامية، فكلام الليل يمحوه النهار؟!
إيران استعادت اليوم فكرة «تصدير الثورة» من جديد وموازين القوى العسكرية مقابل دول الخليج وعشر دول أخرى مثلها هي لصالح إيران فمن يستطيع الوقوف في وجه الطموحات الإيرانية وقد اكـتسحت أفريقيا السوداء وشرق أسيا الصفراء وبعض الدول العربـية في شمال أفريقيا خاصة الجزائر، قل لي بربك من؟!
دول الخليج تعاني من موقف سياسي (مضروب)! ووعي سياسي مشوه وهيكل اقتصادي أعرج وهش وتركيـبة اجتماعية أكثر هشاشة من بـيت العنكبوت ما يجعل هذه الدول تعيش على كف عفريت بل على صفيح ساخن تزيده لواهيب الصيف حرارة فلا يكون مجال للجلوس والراحة والأفلام السينمائية! ومشكلة دول الخليج العويصة أن حليفها (الأميركي) والذي ربطت مصيرها بمزاجه وقراراته يعد لها يوما أسود عندما يستـغـني عن النـفط ثم يطلق عليها النمر الصفوي الذي يربـيه الآن ويـبـيع سلاحا على الطرفين..؟!
تعليق : مقال في منتهى الاهمية و على طريقة اللهم أني بلغت اللهم فاشهد . الغفلة اللي احنا سايرين فيها شي مدهش و النخبة صوتها غير مسموع من قبل اصحاب القرار ؟ الوقت مش في صالحنا و كل يوم محسوب علينا و إلا راح نعض اصابع الندم و لن يغفر التاريخ و الاجيال الحاضرة و القادمة لأي تفريط من قبل حكومتنا الحالية . لا احد يطالب بتغيير جذري , فقط مساحة للحركة حتى تقدر الشعوب تعويض مافات و استغلال هذة الميزة النسبية التي وفرت الاستقرار لحد الان و هي ميزة وجود النفط مع حفظ المقام و الاحترام لجميع القادة . الامور تمشي بسرعة مذهلة و نحن بنيان هش جدا" فكريا" و اجتماعيا" ؟ مرحلة البناء راح تكون طويلة و شاقة و أي تأخير راح يكون ثمنة باهظ على الجميع فهل يسمع صوتنا اصحاب القرار ؟