مشاري الذايدي
جريمة مزدوجة في أقل من أسبوع هتكت بها «داعش» أقدس العلاقات الإنسانية . ابن يقتل أباه و صبي يقتل خاله الذي رباه . أعلن في الرياض أول من أمس إقدام المراهق الداعشي عبد الله فهد الرشيد على قتل خاله العقيد الذي يعمل في وزارة الداخلية - ليس المباحث على فكرة - قبل حلول وقت آخر إفطار بشهر رمضان ليلة عيد الفطر ، ليقوم بعدها بتفجير سيارة عند إحدى نقاط التفتيش على طريق الحائر جنوب الرياض ليهلك مراهق «داعش» و يصاب اثنان من رجال الأمن . قبل ذلك فجر الثلاثاء الماضي أعلنت الداخلية السعودية عن مقتل إرهابي بعد اشتباك مع قوات الأمن في مدينة خميس مشيط جنوب السعودية ، وكان والده ضمن فرقة الأمن ليقنع ولده بالتسليم و ترك الشر و لكنه عاجل والده بسلاح الغدر و قتله . هذا ذكرني بحادثة بشعة حصلت أيضًا قبل أعوام حيث قام صبيان إرهابيان بـ«ذبح» خالهما الضابط الأمني في مزرعته بالقصيم وسط السعودية و حز رأسه . هذه «الاستباحة» هي الخطر و الوباء و الوبيل الذي ينتج عنه افتراس أقدس العلاقات ، فمن يقتل والده و خاله و يحتز رؤوس قرابته يهون عليه استباحة مجتمعه كله ناهيك عن استباحة الدولة بل و من يحسن له و يقدم السند و الملجأ الكريم كما يفعل دواعش بريطانيا و أوروبا المهاجرون . إذا سقطت الحرمة في الضمير توقع كل شيء ، هم ينظرون لهذه البشاعة و هذا الهتك العميق ، العميق جدًا لأرقى العلاقات و أقدس المعاني . هناك كتاب اسمه «إدارة التوحش» عرف منذ سنوات لمؤلف مجهول اسمه أبو بكر الناجي يقال إنه المصري محمد خليل الحكايمة الذي كان مقيمًا بإيران كصهره صالح القرعاوي مؤسس كتائب عبد الله عزام , و فيه تنظير مسهب لكيفية نشر الرعب و تهشيم سلطة الدولة و الاستباحة العامة. مما جاء في ذلك الكتاب الخبيث دعوة المتعاطفين من المتطرفين للقيام بعمليات نكاية لتشتيت تفكير سلطات الدولة لتسهيل الأمر لـ«الجهاد القادم من الخارج» و رشحت : الأردن و ليبيا و الجزائر و نيجيريا و باكستان و اليمن و«بلاد الحرمين» يعني السعودية ، أهدافًا مثالية . كما دعا الكتاب لضرورة قتال الحكام و الشرطة من المسلمين بوصفهم «مرتدين» و قتالهم مقدما على قتال «الكفار» أي الأجانب مثل أميركا و حتى إيران فهي «كافرة» لا مرتدة بنظرهم . و هناك كتاب آخر للمنظر الإرهابي فارس آل شويل يدعو فيه أيضًا لقتل ضباط الأمن . هذا الإلحاح على نقل الفوضى و التوحش إلى البلدان العربية المستقرة الغرض منه بث الإحباط من تحقيق الانتصار على الإرهابيين بتشتيت تركيز الأنظار الأمنية و أيضًا استثمار هذه «الجرائم» كما يراها الأسوياء في أغراض الدعاية لتجنيد المزيد من المراهقين و المخابيل ، بتصوير هؤلاء القتلة مثل الصبي قاتل خاله في الرياض بوصفهم «فتية» الجهاد الذين لا يوالون أعداء الله و لو كانوا من ذوي القربى . المهم هو الاستمرار في الحرب الأمنية عليهم و إغلاق منافذ التجنيد في العالم الحقيقي و العالم الافتراضي على الإنترنت . إما نحن وإما هم .