احمد الصراف
هذا النص مقتبس من مقال السياسي البحريني ضياء الموسوي الذي أميل لوصفه بـ«رجل الدين السابق» بعد أن هجر العمامة إلى البدلة و هي بعنوان «مدنية النظام الملكي و خراب الاحزاب الديموقراطي». يقول ضياء إنه كان يتصفح كتاب فولتير «رسالة في التسامح» (هناك كتاب آخر يحمل العنوان نفسه و لكن للفيلسوف سبينوزا) فقادته المصادفة للتعرف على كهل و مثقف عراقي ، و بعد عبارات المجاملة بادره الكهل فور أن عرف أنه من البحرين قائلا إن ما يطالب به أهل البحرين من إسقاط للنظام هو جنون محض ، فلا يبدو أن أحدا اتعظ مما اصاب العراق و غيره من دمار و تخريب كامل . فالبحرين و دول الخليج الأخرى مقارنة بغيرها تعيش بخير يحسدهم عليه الكثيرون . فلديكم الحياة سهلة ، و المواد الاستهلاكية و الكهرباء و المحروقات بتصرف الجميع تقريبا ، و الشوارع نظيفة نسبيا ، و مجاريكم تعمل بكفاءة ، و مجمعاتكم فارهة و مستشفياتكم عصرية ، و جامعاتكم مفتوحة ، و أمنكم مستتب ، و لكن عليكم الحذر من أن تخدعكم الشعارات الدينية و القومية فهي التي قادت العراق لوضعه البائس و لما هو فيه من خراب و دمار . و قال : ليس هناك اليوم اكثر فقرا من شعب العراق مع أن لديه احتياطيات نفط بمئات المليارات ، فهل يتمنى شعب البحرين و الخليج أن يصبحوا مثل أهل العراق ؟ لقد اضاع الإيرانيون و معهم الأميركان العراق و ساعدهم في ذلك الكثير من ساسته الفاسدين فلا تستمعوا لأحد فمصيركم لا يهم اي طرف كان و عليكم تقبل الموجود و تطويره . و استمر الكهل قائلا : لقد طلب منا نحن الشيعة مرجعنا الديني في عشرينيات القرن الماضي أن نقاطع الحكومة السنية بحجة أنهم عملاء للإنكليز و فعلنا ما طلبوا ، فخسرنا الكثير منذ يومها و تخلفنا عن باقي مكونات الشعب العراقي فلا تستمعوا للفتاوى و لا تلتفتوا إلا للعقلاء منكم و حكموا العقل في مواقفكم فليس كل ما يقوله رجل الدين صحيحا . تعال إلى العراق و شاهد ما يحدث فيه خلال المناسبات الدينية و ستجد العجب العجاب ، فالجميع مشغول طوال العام تقريبا بهذا التأبين و ذلك العزاء دون نهاية و هو ما لم نكن نعرفه في عز حزننا فما ان تنتهي وفاة حتى تفاجئنا أخرى ، و انشغلنا عن العالم أجمع الذي يتحرك و يتقدم من حولنا و نحن منذ 13 عاما على الأقل نيام أو محلك سر ! اللعنة عليك يا صدام . و يختم الكهل كلامه قبل ان ينهض منصرفا قائلا : إن الشعوب الخليجية ستبكي غدا النعيم الذي كانت فيه و خاصة نعمتي الصحة و الأمان إن فشلت في المحافظة على أوطانها , و لم تحكم العقل في تصرفاتها ، و لم تضع أيديها بايدي قادتها فإن خربت البلاد فلن ينفعهم حينها لا داعش و لا البغدادي و لا أميركا و لا إيران و لا اي مرجع ديني او مرشد دنيوي .