حسام السكري
فى الأيام الماضية انشغلت كما انشغل كثيرون بحوارات على هامش الأحداث الجارية . و سواء أكان الحوار حول «جواز تهنئة غير المسلمين بالأعياد و تلقى الهدايا منهم» و هو ما طمأنتنا إليه دار الإفتاء ، أم كان حول جريمة قتل رسامى مجلة شارلى إبدو الفرنسية ، ينتهى الكلام إلى جدل حول طبيعة العلاقة التى يحددها «الإسلام الحق» لـ«المسلم الحق» بمن حوله . يحدث هذا و فى الخلفية أصوات يدعو بعضها لعدم إلقاء التحية على مخالفينا فى العقيدة , أما المتشدد من الأصوات فيدعو لحمل السلاح لتصفية المخالفين أو من يرى أنهم تجاوزوا فى حق معتقداتنا . اعتدنا كثيرا أن نطمئن أنفسنا بالحديث عن السماحة كما لو كان هذا هو المفهوم السائد فى المجتمع . لكن الواقع يشى بازدياد الهوة بين ما نفترضه من انتشار مفاهيم «السماحة و الاعتدال و الوسطية» و بين ما يحدث على الأرض من تغلغل لفكر الإقصاء المتسربل بعباءة الدين و المحتمى بتفاسير كتبت فى قرون غابرة . المثير للاستغراب أن حواراتنا تنتهى دوما بتناطح فريقين يتسلح كل منهما بطائفة مختلفة من النصوص و التفسيرات . واحد من الفريقين يخرج بآيات و أحاديث تكاد تفسيراتهم لها تجعل الكراهية فرضا واجبا على كل مسلم و تحيلنا إلى جماعة منغلقة يتبادل أفرادها الحب و الود فيمن بينهم ، أما «الأغيار» فلهم القسط. على مضض . و يقدم الفريق المنافس صورة معاكسة تستقى من آيات القرآن و متون الأحاديث إسلاما مغايرا بل و مناقضا لإسلام الطائفة المنعزلة , المسلم فيها منفتح و ودود و متسامح يقبل الاختلاف و تعدد الأفكار و العقائد , و يحقق فروض دينه بالإعمار فى الأرض و بمد وشائج الحب و المودة مع الآخرين , المسألة محيرة . و التصوران متناقضان فى عرضهما لعلاقتنا كمسلمين بالحياة و البشر و الكون لو تصادف و سمعهما غريب عن الثقافة أو الدين سيتصور أن لدينا قرآنين و رسولين مع أنه حاشا لله دين واحد و رسول واحد و قرآن واحد . لا شك لدى فى أن الجدل حول نصوص الجهاد أو التناحر لإثبات أن تفسيرا ما أجدر بالاعتماد من تفسير آخر سيستمر وقتا ربما لا يقل عما مضى من قرون استهلكت من وقت هذه الأمة و طاقتها و أرواح أبنائها الكثير . و لا شك لدى أيضا فى أن افتراض احتكار الحقيقة أو محاولة إرغام الآخرين على قبول ما نعتقده ليس إلا استمرارا للخوض فى نفس النفق المظلم . شعاع الضوء يظهر عندما نبدأ بتحديد نقطة البداية , من نحن و ماذا نريد أن نكون ؟ هل ترغب فطرتنا فى التناغم مع من حولنا و فى مد وشائج المودة مع الآخرين ؟ أم تنزع فطرتنا إلى المواجهة و الحرب و الإقصاء ؟ ما يدهش هنا هو أن من يقدمون صورة سمحة و فهما مشرقا للدين يقابلون عادة بموجة عارمة من الشك و الرغبة فى تحدى تفسيراتهم و تمحيص مصداقية ما يأتون به من أحاديث , و هو ما يتناقض تماما مع ما يحدث من قبول طوعى لتفسيرات الحالمين بالغزوات و السبايا و الغنائم و الجزية . و هو ما جعلنى أتساءل كثيرا : هل تسلل إلى نفوسنا و مجتمعنا ما أفسد الفطرة ؟ و لماذا يرى كثيرون أن التشدد و الغلو هو الأقرب لصحيح الدين فيما يصبح الشك هو رد الفعل التلقائى لمن يأتوننا من القرآن و السنة بما يؤكد أن السماحة و الحب هما أصل هذا الدين و منبعه ؟
تعليق : مقال في منتهى الاهمية انصح الجميع بقراءته و فهم المقارنة بين الفريقين أو التوجهين انقاذا" لانفسنا و ديننا من الغلو و التشدد و ايصال رسالة الدين السمحة التي ارسلها الله رحمة للعالمين و حولها المتطرفين إلى لعنة على البشرية و علينا . اوقفو الفكر المجرم المتطرف قبل أن يجرفنا الطوفان كلنا في الجهل و التخلف و خراب الاوطان . الاسلام السياسي مجرم و متخلف فابتعدو عنه .