العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى العام
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-06-2014 , 08:00 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : 05-11-2024 10:04 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon375 من سومر إلى داعش



سمير عطا الله

أُطلقت على العراق عبر سنواته التاريخية الكبرى أسماء وألقاب كثيرة ، فهو بلاد سومر وأور ، و السابق في الحضارات حتى مصر ، وصاحب وصايا حمورابي حتى قبل الوصايا العشر ، وهو فوق كل ذلك أرض النهرين والمنّ والسلوى. لقبٌ جديدٌ يُضاف "إنه بلاد داعش", منذ أن اجتاح الزعيم الأوحد عبد الكريم قاسم ورفاقه القصر الملكي 1958 وقصَّبوا جميع من فيه باسم الثورة والتغيير والمستقبل والثورات تتوالى على العراق ، كل مرة تحت اسم جديد وشعار آخر ، أهمها بالتأكيد ذلك الشعار الثلاثي "وحدة حرية إشتراكية". الوحدة التي رسمها الاستعمار في دفاتر مارك سايكس وفرنسوا جورج بيكو تتفتت الآن مثل حَصى النهرين . والحرية لم يعرف العراق شيئاً من الحرية في أي لحظة من أيامه . والاشتراكية نسيٌ مَنسي ومجرّد تعبير عُلِّق على مداخل بيوت العشائر وقصور الحُكم التي زاد عددها على 48 قصراً قُيِّدت جميعها باسم الشعب. اختصر الكاتب حسام عيتاني حال العرب في نصف القرن الماضي بأنهم وقَعوا تحت أحكام رجال "محدودي الكفاءة". المشكلة أن شهواتهم السلطوية كانت بلا حدود ، فلا مكان للناس ، ولا احترام لحياتها وحتى وجودها. فقد تصرّف الحاكم العربي بالبلدان والشعوب كأنها قطعان مسخَّرة يأخذها إلى الحروب ولا يعيدها منها , وإذا ما فكَّر يوماً في السلم يكون ذلك دائماً في الذُّل والخسارة. في مثل هذا المناخ من التشقّق والعبودية والصمت وعدميّة الحوار وعبادة الشخص وارتفاع السوط تفتَّقت أمّة منعدِمة المستقبل , معدومة التطوّر والتقدّم والتعلّم ، محرومة جميع طرق الأمم العادية ودروبها ومسالكها , حروبها أكثر من سلمها ، وتخلُّفها أعمق من رؤيتها.

وُلدت "داعش" من رَحِم مخاض طويل من التقهقُر والتفلّت والظلام الطائفي والتحجّر المذهبي وانغلاقات النور وإسكات جميع محاولات الفكر ودعوات الحرية والمساواة والعدالة . وفي مجمَّع الألفاظ الفارغة هذا لم يتردّد نوري كمال المالكي في أن يُطلق على العراق اسم "دولة القانون"، فيما كانت اختلاسات كهرباء البصرة وحدها – مثلاً - تزيد على 300 مليار دولار . وقد أصرّ على المسمّى فيما كانت الانفجارات تمزّق أحشاء العراق كل يوم وتصطاد المدنيين في الشوارع ، و فيما كان الرعب يدبّ في جميع البيوت ، والآمنون يخافون الزعران والفوضى والخوّات والفظائع. طوال السنوات الخمسين الأخيرة كانت هناك حقيقة واحدة هي حقيقة الألفاظ والألقاب وكتّاب السلطان , شعوب مرتعِدة ، أو مهاجِرة ، أو حائرة بين سجنها النفسي الذاتي والسجون الأسوأ من مرض الصدور . لقد أسقطت الثورات المزعومة جميع أشكال المؤسسات ، و أنست الناس جميع أشكال القانون ونِعَمه ، وأفقدتهم أي أمل ممكن أو محتمَل خارج الخضوع للسلطة والشراكة المذلّة معها . وهي شراكة غير منصفة أو متعادلة أو مقبولة ، و إنما خاضعة بكل علانية لنظام السخرة الذي تعمّم في كل شيء ، من القضاء إلى الجندية إلى الجامعة ، و خصوصاً طبعاً إلى الحزب والهيئات الحاكمة. أي نوع من المجتمعات كان يمكن أن ينشأ في ظلّ هذه العتَمات السائدة ؟ أي شباب كان يمكن أن ينمو في دول تؤلِّه القوة والسطوة والتهديد , و تُغلق جميع منافذ القَول والتفكير والحق في أن تحلم بمستقبل سويّ ؟ إن "داعش"، وما قد يُصبح أسوأ منها في نشر الظلام وتفتيت الأمة هي في نهاية الأمر وليدة العصر الذي لم يقدّم للعرب شيئاً سوى السطوة والفقر واليأس و اليَباب في الأرض والقحْط في الرؤية والتدهور في جميع المقاييس البشرية المعمول بها. هذه مئوية جرجي زيدان أحد أعمدة عصر النهضة , عندما تَعرض أعلام ذلك العصر تصل إلى خلاصة مُفجعة , جميعهم نشأوا في ظلّ الاستعمار. واجههم التحجّر التركي في بيروت فهاجروا إلى مصر عبر ميناء الإسكندرية مدينة العلماء والجغرافيين والرياضيات وزينة زينات حواضر المشرق . عندما توّلى عليها عمرو بن العاص كتب إلى الخليفة "دخلت مدينة أستطيع فقط القول إنها تضم 4 آلاف قصر و4 آلاف حمام و400 مسرح و1200 بقالة خضار".

المدن التي تجتاحها "داعش" تعلِّق على مداخلها قواعد السلوك الاجتماعي وأصوله : الكتب والإذاعات والموسيقى والسينما وتماثيل المعرّي وطه حسين أعمال من الشيطان . هناك نوعان من السلطة في العالم العربي ، إما "متديّنة" أوكل إليها وحدها تفسير مشيئة الله ، وإما "علمانية" أعطيَت وكالة عامة باسمه أرضاً وسماءً وبين بين . الرجل الذي أطاحه عبد الكريم قاسم وقتلَه وقتل عائلته في أسرَّتهم كان يُسمى ملِكاً , أما اللواء عبد الكريم فقد أصبح على الفور "الزعيم الأوحد" و"ماكو زعيم إلا عبد الكريم"، وكان له ابن خالة يُدعى أمين المهداوي نصَّبه قاضي قضاة الثورة وترك له إصدار أحكام الإعدام بالشوالات. ظلّ الملازم معمر القذافي يهرِّج على الوحدة حتى سخَّفها , وتمادى في استملاك دولة في نصف حجم أوروبا حتى أصبحت وحدتها صعبة من بعد سنواته المعتلَّة . ليس أمام البشر سوى خيارين : القانون و يفضي إلى دول طبيعية و لو غير كاملة مثل بولونيا أو فرنسا أو إيطاليا ، و الغاب ويفضي إلى "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، فيفيق شعب أعرق وأهم دولتين في العرب فإذا الموصل والرقّة والطريق إلى بغداد تحت العلم الأسود. فرّ الجيش من الموصل فدقّ نوري المالكي النفير في "دولة القانون" على المتطوعين و على عصائب الحق . الجيوش العربية تذوب وتتراجع أمام عدوّها الداخلي الناس بعد سلسلة مما يُسمّى النكبات والهزائم مع عدوّها الخارجي . كان يفترض أن الجيش العراقي هو القوة العسكرية الرابعة في العالم ، فأعلن الحرب على إيران وعاد بنصف مليون قتيل وعشرات آلاف من المصابين وبحر من الأيتام . خاض العرب حروبهم الكبرى في بلاد العرب : مصر في اليمن ، ومنظمة التحرير في عمّان وبيروت ، واشترى معمر 5 آلاف دبابة لتحرير فلسطين لكنه لم يخُض سوى حرب واحدة (خاسرة طبعاً) في التشاد . الظاهرة المؤلمة (لمن لا يزال لديه إحساس) هي أن الجيوش النظامية تغيب وتحلّ مكانها جيوش الطوائف وهذه لا تعترف بمواثيق الحروب ومعاهدات القتال . فالآخر لا وجود له ، و لا قيمة له ، سوى أنه مجرد أشلاء في أسواق بغداد ، و رقم بعد فاصلة في المقابر الجماعية . ولم يعد لها عنوان , البريد الوحيد المضمون في هذه الأمة المختنقة بدمائها والمطمورة برماد الخيبة الجيش يفرّ في ثانية مدن العراق ورئيس "دولة القانون" يُنادي على المتطوّعين في البيوت و المساجد على الحرب الأهلية التي كانت تنتظر من يُطلق نفيرها.

أعطت الأنظمة العربية أفضل ما عندها , مناضلو العراق الذين كانوا يهتفون ضد الاحتلال الأميركي يناشدون باراك أوباما إرسال الأساطيل , أليس هو مَن التقطت له تلك الصورة التاريخية مع المالكي يسلِّمه عَنان العراق في المكتب البيضاوي ؟ تأمّل خريطة كوكب الأرض من بوادي منغوليا إلى جبال الإنديز , بُقعتان فقط خارج مسار التقدّم وسياق الرقيّ ومسار الزمن , كوريا الشمالية وبلاد الخراب ... وحدها كوريا الشمالية (المرتبة 175) تسبقنا نحو الخلْف ، ولذلك نحبّها ونطيّر برقيات التهاني إلى زعيمها المبجّل , والزعيم المبجّل يُرسل إلى الموت فيمَن يُرسل زوج عمّته. السلطة لها كرسي واحد و من ليس جسراً أو تكّاية , يُزال في سبيل الوطن وخير الشعب. تأمّل هذا الكوكب وفكّر في المسافة التي قطعتها الهند والصين وأندونيسيا وأميركا الجنوبية وأنت ليس لك من البرازيل سوى رفع علمها في الحازمية و في بعبدا ... فليَعش الفريق الألماني. و ماذا تلاحظ أيضاً في كعب الصورة ؟ ترى بقعة صغيرة من الأرض جميع أبوابها مفتوحة كالمعتاد ، جميع نوافذها تصفّق في الريح كالمعتاد ، جميع حدودها سائبة إلا ما جاءت الأمم كلها لحراسته. وباب وحيد مُغلق , باب الجمهورية , باب الأمل برجل يعرف كيف يفتح قلبه للناس و يوسّع صدره لهمومها . آلة الرياسة سِعَة الصدر ، قال الإمام علي " ضيِّقو الصدور يمتنعون ".

نقلاً عن صحيفة "النهار"

تعليق : هذا مقال موجة لكل عربي غيور على بلاد العرب بغض النظر عن دينة أو مذهبة , احسنت اية الكاتب المبجل .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
داعش و القاعدة الأم و الولد البرواز و الصورة المنتدى الاسلامي 0 21-06-2015 09:19 PM
داعش يهدر دم شعبان عبد الرحيم و هو يرد البرواز و الصورة منتدى الاخبار العربية و العالمية 0 18-11-2014 11:23 PM
قراءة موضوعية في منهج داعش البرواز و الصورة المنتدى الاسلامي 0 14-11-2014 12:11 PM
داعش و كلب الروم البرواز و الصورة المنتدى الاسلامي 0 11-09-2014 08:38 AM
مفتي العراق يصف داعش بالإرهابي ويشيد بتحرير الموصل و يدعو الجميع للتعاون مع الثوار البرواز و الصورة منتدى الاخبار العربية و العالمية 0 13-06-2014 03:12 PM


الساعة الآن 01:58 AM