العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى العام
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-06-2017 , 02:11 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,360
أخر زيارة : 05-11-2024 10:04 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Ham اللحظة الليبرالية العربية



السيد ولد أباه

ما يعرفه العالم العربي اليوم من هزات عنيفة ، من مظاهرها تفاقم الفتن الأهلية وحالة التطرف الديني المتصاعدة ، يحيل إلى منعرج واحد هو دخول المنطقة اللحظة الليبرالية بمصاعبها و مخاضها العنيف . قبل سنوات انفجرت أحداث ما سمي بالربيع العربي و كانت في مجملها نتاج أزمات اجتماعية حادة عصفت بالعديد من الدول التي لم تستطع إدارة الملفات الإصلاحية المطلوبة ، فأفضت التحولات المفاجئة إلى تقويض مقومات الاستقرار و الأمن في هذه البلدان ، في الوقت الذي أدت طبيعة الأوضاع الانتقالية السريعة إلى إجهاض المسار الليبرالي باستيلاء جماعات الإسلام السياسي على السلطة ، و ما تلا ذلك من تدمير شامل للهياكل المؤسسية ، للدولة ثم لبنية الدولة ذاتها . في البلدان التي شهدت مسارات إصلاحية متدرجة سياسياً و تنموياً و اجتماعياً و هي في جلها بلدان محافظة ، تقف المجموعات الراديكالية المصنفة في خانة الإرهاب ضد الخيارات التحديثية باسم محاربة الليبرالية منظوراً إليها في شكل اختزالي زائف في «العلمنة اللادينية» و «التغريب القسري». و هكذا أصبحت الليبرالية في قاموس الأدبيات الإخوانية في الخليج العربي مثلا تعني معاداة الدين و المؤسسة الدينية ، رغم أن هذا المفهوم لا يعني في المجال التداولي المحلي أكثر من مطلب التحديث و الانفتاح و البناء المؤسسي للدولة و محاربة الغلو و التطرف . لا يختلف الأمر كثيراً في البلدان العربية الأخرى التي يشتد فيها حالياً الصدام بين مشروع تدمير الدولة الذي تتبناه المجموعات المتطرفة بذريعة الآليات الإجرائية في الديمقراطية التعددية التي لا تتبناها فكرياً و لا أيديولوجياً , و مشروع الإصلاح السياسي ضمن منظور الدولة الوطنية الحديثة ذات المقومات المؤسسية و الإدماجية الصلبة ، بما يفسر حالة العداء الشرس التي تظهرها جماعات الإسلام السياسي حالياً للقوى الليبرالية العربية التي تتهمها بالتحالف مع الأنظمة القائمة ضد «المكاسب الديمقراطية» في حين أن التوافق المقصود هنا هو الانحياز الشرعي والضروري للسلم الأهلي و للبناء المؤسسي للدولة ، و هو من مقتضيات و شروط المشروع الليبرالي نفسه . ما تتجاهله بعض الأوساط الغربية المتعاطفة مع الجماعات السياسية الراديكالية هو أن الحالة الليبرالية كما تبين التجربة الأوروبية نفسها ، لابد أن تسبقها لحظة بناء الدولة الوطنية القوية التي هي الدرع الذي يحول دون أن تتحول التعددية السياسية إلى مجرد واجهة للصراع الأهلي (الديني و القبلي و الطائفي)، و بدونها لا معنى حتى للذاتية الفردية الحرة التي هي مرتكز المنظور الليبرالي ما دامت ستغرق و تستلب في الولاءات و الهويات الاجتماعية العضوية التي تكرس الاستبداد و التفاوت و الانغلاق . و إذا كانت مختلف المدارس الليبرالية تتفق في مبادئ ثلاثة هي الحرية الفردية و التسامح و دولة القانون ، فإنها تتوزع إلى تقليدين متمايزين هما : الليبرالية السلبية المتمحورة حول الفرد و الليبرالية الإيجابية المتمحورة حول الدولة . التقليد الأول يتحدد وفق مطلب حماية الفرد من قبضة الدولة و تحكمها ، و التقليد الثاني يرى الدولة شرطاً للممارسة الإيجابية للحرية . الليبرالية بالمفهوم الأول مجرد مبدأ مثالي تؤكده مدونة حقوق الإنسان ، و هي بالمفهوم الثاني تجربة مجتمعية لها معوقاتها و شروطها و قيودها ، وهي بحاجة دوماً إلى «وسائط مؤسسية غير مكتملة» حسب عبارة الفيلسوف «بول ريكور». اللحظة الليبرالية في العالم العربي تحتاج باعتقادنا إلى شروط ثلاثة ضرورية : هياكل مؤسسية مركزية تمنح الدولة مناعتها و حصانتها من حيث دورها التحكيمي و الإجرائي ، إصلاح ثقافي عميق لبيئة النظم الليبرالية في النسيج العقدي و القيمي للمجتمع العربي الإسلامي ، و تحديث اقتصادي و اجتماعي جذري لتهيئة الأرضية الملائمة للتعددية السياسية . لا يعني الأمر هنا الرجوع لمنطق «الاستبداد العادل» الذي بنت عليه الأحكام العسكرية الاستثنائية «شرعيتها»، و لا لمنطق «الثورات الاجتماعية» التي تبنتها الأحزاب و التنظيمات اليسارية العربية في معاداتها لليبرالية و رهانها على التحول الراديكالي ، بل بخيار ليبرالي شامل و مكتمل يسمح بتجنيب البلدان العربية صدمة التغيير العنيف و خطر «الاستبداد الانتخابي» الناتج عن هيمنة الجماعات الراديكالية عن طريق المسطرة الإجرائية الانتخابية . آخر مرة قابلت المفكر الكويتي الراحل «أحمد الربعي» قبيل رحيله ، قال لي في لقاء مؤثر في أبوظبي إنه قضى جل حياته السياسية مدافعاً عن الليبرالية الديمقراطية التي لا تقصي طرفاً سياسياً و لا أيديولوجياً ، و قد أدرك مع التجربة العملية أن المفهومين في حالة انفصام موضوعي مرحلي في العالم العربي ، و قد فُرض علينا أن نختار ما بين ليبرالية تحد مرحلياً من التعددية أو تعددية بلا سقف تفضي إلى إلغاء الحرية . لقد كان الربعي يتحدث قبل انفجار أحداث «الربيع العربي» التي أثبتت في ما بعد بعد نظره و عمق استشكاله .

تعليق : مقال عميق و شامل . رحمة الله على الدكتور احمد الربعي المفكر الكويتي الرائع اللي اتفق معه في تحليله 100 % .


 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
"سزكين" و العلوم العربية البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 09-07-2018 10:25 AM
ما هي الليبرالية السعودية ؟ البرواز و الصورة المنتدى العام 0 12-12-2014 07:29 PM
ميوزيك تولز 3 - أقوى برنامج عربي متخصص في تنمية مهارات الأداء و المقامات العربية - Music Tools 3.0 Dataforcing منتدى الطرب و الفن 0 28-08-2014 06:27 PM
المسألة العربية .. الليبرالية هي الحل ! البرواز و الصورة المنتدى العام 0 20-08-2014 05:56 PM
كتاب تذوق الموسيقى العربية البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 06-04-2013 12:52 PM


الساعة الآن 08:00 PM