
مشاري الذايدي
الأسماء  ليست محايدة ، بالتحديد أسماء المواضع الجغرافية ، والمُدن وشوارعها  وساحاتها ومعالمها ، لكن نحصر الكلام هنا عن المواضع الجغرافية : الجبال  والأنهار والصحاري والبحار ... من  هذه البحار التي ينطوي اسمها على جدل وسجالٍ يخفي المُضمر السياسي  والخبيئة التاريخية ، المخلوق المائي الفاصل بين جزيرة العرب غربه , والدولة  الإيرانية شرقه . الدول  العربية وكثير من غير العرب يعرفونه باسم الخليج العربي منذ زمن ، كما  أن الإيرانيين وغير الإيرانيين يعرفونه باسم خليج فارس ، وهو مذكور في  المصادر الرومانية والإغريقية باسم خليج أو بحر فارس ، لكنه أيضاً عُرف في  المصادر نفسها باسم الخليج العربي ، كما شرح ذلك الباحث الكويتي المعروف  يعقوب الإبراهيم في بحثه « تسمية الخليج... قراءة في الأصول » نقلاً عن  المؤرخ الروماني «بليني» (79– 23 ق.م) الذي سماه «الخليج العربي». هذا  البحر عرُف بأسماء كثيرة عبر التاريخين القديم والحديث , القديم نعني منذ  أيام الأشوريين وحضارات الرافدين ، وكذا الحضارة البهلوية الإيرانية  القديمة ، وكذلك كان معروفاً ومسلوكاً ومذكوراً عند العرب قبل الإسلام  بكثير. في العهود الإسلامية الوسيطة والمتأخرة عُرف باسم خليج البصرة وخليج القطيف وغير ذلك ، كما هو معلوم في الخرائط العثمانية القديمة . قبل  أيام من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرياض ، وهي زيارته الخارجية  الأولى منذ تسلمه كرسي البيت الأبيض ، غير تطبيق الخرائط الشهير «غوغل» اسم  الخليج الفارسي لمستخدميه في منطقة الشرق الأوسط إلى اسم الخليج العربي . تزامن  ذلك مع ما كشفه مسؤولون أميركيون لـ«أسوشييتد برس» أن ترمب يعتزم تغيير  اسم الخليج الفارسي إلى الخليج العربي أو خليج العرب ، بدلاً من الفارسي  داخل الولايات المتحدة في إطار أعمال زيارته المقبلة للرياض . بالنسبة  للسلطة الإيرانية ، تتعامل مع المسألة من زاوية فخرٍ قومي وحمية «وطنية»  على طريقة نظام الشاه وعرش الطاووس ، مع أن المنطق «الإسلامي» يقول إن  الانتماء والحماس ينبغي أن يكون لإخوة الدين فقط ! 2006 :  قام المجلس الأعلى للثورة الثقافية في الجمهورية الإسلامية في إيران ،  بتسمية الثلاثين من شهر أبريل (نيسان) من كل سنة باليوم الوطني للخليج  الفارسي . 2010 :  أزمة بين إيران وبعض شركات الطيران الأجنبية بعدما حذر وزير النقل  الإيراني حميد بهبهاني ، أي شركة طيران أجنبية من استخدام مصطلح الخليج  العربي . أظن  أن المسألة ليست مجرد نزاع على تسمية بحر، فكم من دول متجاورة تختلف في  تسمية بعض البحار أو الأنهار والأمور بينها عادية سلسة ، إنها مسألة تعكس  قدْراً من حالة العداء والتنابز واستبطان النفي الثقافي والتاريخي . لو كانت الأمور حسنة والنيات طيبة ، لعادت المسألة إلى حجمها الطبيعي مجرد خلاف جغرافي قاموسي فقط .