علمنة الوعي و علمنة الدولة - منتديات القطرية




العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى العام
الإهداءات
البرواز و الصورة من الاجرام الاسرائيلي : قصف مناطق تلقي المساعدات في غزة جريمة حرب لا يجب السكوت عنها. نناشد الدول العربية قطع العلاقة مع هذة الدولة الارهابية. أخي تجاوز الظالمون المدى.

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-12-2014 , 09:40 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,420
أخر زيارة : اليوم 12:53 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة متواجد حالياً

Icon29 علمنة الوعي و علمنة الدولة



خالد الدخيل

ما هي علمنة الوعي ؟ إذا كانت العلمانية (بفتح العين و الميم و تسكين اللام) تشير إلى الحياة الدنيا بدلالتها الشاملة ، تصبح العلمنة هي عملية الوعي بالقوانين و النواميس التي تحكم الحياة الدنيا (الطبيعة و الإنسان و المجتمع و التاريخ) و ضرورة الاعتراف بها و بإكراهاتها ، و بالتالي التعامل معها بما يحقق مصلحة الإنسان و المجتمع . لكن عملية الوعي هذه ليست بالسهولة و البساطة التي يوحي بها هذا التعريف . على العكس علمنة الوعي هي عملية ثقافية اجتماعية سياسية طويلة و متدرجة مرت و تمر بصعوبات و معوقات متعددة منها ما يتعلق بدرجة التعليم و الوعي ، و منها ما يتعلق بهيمنة أيديولوجيا دينية أو غيرها أو بحال سياسية تعرقل أو تشجع صيرورة هذا الوعي . و الحقيقة أن علمنة الوعي بهذا المعنى هي في مقابل الوعي الديني بما في ذلك الوعي المذهبي عندما يتخذ صيغة أيديولوجية شاملة تهدف إلى السيطرة على الوعي الإنساني و التضييق عليه ليصبح في حال ارتياب من فكرة العلمنة . ظاهرة العنصرية التي عرفتها الولايات المتحدة حتى ستينات القرن الماضي و جنوب أفريقيا حتى أواخر القرن ذاته كانت تستند في ما تستند إليه إلى مبررات أيديولوجية دينية . كانت العنصرية تقاوم عملية علمنة وعي المجتمع بالحقيقة الطبيعية للإنسان و أن لون هذا الإنسان لا يعبر عن جوهره و لا عن شخصيته . في منطقتنا هناك حال الطائفية في الإسلام و هي مثال آخر على وعي ديني منحرف يجعل من المذهب الأصل في جوهر الإنسان و ليس الإنسان بتكوينه و طبيعته . و هذه الحال نعيش مأساتها الآن في العراق و سورية بشكل خاص . في كلتا الحالتين يسيطر وعي ديني منحرف و متطرف يضع حواجز و موانع أمام علمنة وعي الإنسان و من ثم الوعي الاجتماعي . لكن العلمنة في واقع الأمر عملية لا تتوقف , قد تتعثر و قد تتباطأ لكنها لم تتوقف في الماضي و لن تتوقف في الحاضر . هناك مثال التداوي بالسحر أو الاستعانة بالجن و التعويذات ، و الخوف من العين ،... الخ . هذه لا تزال موجودة لكن انتشار الطب و مؤسسات العلاج الحديثة مستمر و يضيق من مساحة تلك المعتقدات و الممارسات . و هذه علمنة مستمرة في موازاة ذلك الوعي الديني أو لنقل الوعي المؤسطر للدين . مساحة التوازي هذه أوسع من ذلك بكثير , فظهور الدولة بحد ذاته كعلامة من علامات علمنة المجتمع يتوازى مع وعي ديني لدى الفرد الذي يعمل في الدولة و في المجتمع الذي يخضع لحكمها . و هو وعي تخضع له الدولة أو تستخدمه لمصلحتها السياسية . كذلك انتشار التعليم و الشركات ، و المصارف ، و أسواق الأسهم ، و التأمين ، و مؤسسات الإعلام ، و الثورات التكنولوجية التي لا تتوقف . المشترك بين كل هذه العمليات و غيرها أنها تحتكم في سيرورتها إلى معطيات و قوانين دنيوية خالصة لكن من دون أن يعني ذلك اختفاء الوعي الديني و تلاشيه . و قد كشفت عملية الاكتتاب في أسهم «البنك الأهلي» السعودي الأخيرة تجاور و صراع وعي ديني يحرم الاكتتاب مع وعي علماني لا يرى مبرراً لهذا التحريم . و النتيجة أن الاكتتاب حصد أكثر من 300 بليون ريال سعودي بما جعله من بين أضخم الاكتتابات في المنطقة . من يعمل في سوق الأسهم - مثلاً - أو يتعامل معها معنيّ قبل أي شيء آخر بتحقيق الربح , طبعاً الربح الحلال . لكن هل هو حلال طبقاً للشريعة وفق الوعي الديني ؟ أم طبقاً للأنظمة التي تنظم عملية تداول الأسهم كجزء من عملية علمنة لا يمكن تفاديها ؟ هذا المعنى للعلمنة موجود في الحديث النبوي الذي أخرجه مسلم عن أنس بن مالك و هو أن رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) مرّ بقوم (في المدينة) يلقّحون النخل ، فقال «لو لم تفعلوا لصلح . قال فخرج شيصاً (أي تمراً رديئاً). فمرّ (الرسول) بهم فقال : ما لنخلكم ؟ قالوا : قلت كذا و كذا ... فقال : أنتم أعلم بأمور دنياكم». و في رواية أخرى أن النبي قال : «إنما أنا بشر ، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به , و إذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر». في هذا الحديث تمييز باكر و واضح بين أمر الدنيا و أمر الدين و مقتضى كل منهما . ففي أمر الدنيا يعترف الرسول للناس بأن هناك فسحة واسعة أمامهم للرأي و الاجتهاد وفق المصلحة . أما في أمر الدين فالواجب الأخذ بما جاء به . و موضوع النخل الذي ورد في هذا الحديث مثال على ضرورة الوعي بمتطلب التلقيح (أو التأبير) امتثالاً لقانون الطبيعة الخاص بنبات النخل و ذلك لتحقيق المصلحة , و هو بهذا المعنى وعي علماني (أو دنيوي). انطلاقاً من ذلك يمكن القول بعبارة أخرى إن العلمنة هي تمييز بين مجالات الحياة في المجتمع و من ثم الوعي بمقتضيات و متطلبات كل مجال منها . و هي بذلك خروج من سلطة تراث و تقاليد ، و من سلطة مؤسسة دينية لا تترك مساحة لضرورة هذا التمييز إلى سلطة أخرى أكثر رحابة و أقدر على الاستجابة لهذه الضرورة , و تلك هي سلطة المنطق و العلم و سلطة مؤسسة الدولة . و هذا ما يشير إليه الفيلسوف الإنكليزي برتراند راسل أثناء تناوله مسألة الحداثة في أوروبا و ذلك في كتابه «تاريخ الفلسفة الغربية». يقول في هذا الصدد : «تتميز الفترة الزمنية من التاريخ التي تعرف بأنها حديثة برؤية ذهنية تختلف عن رؤية فترة القرون الوسطى بطرق مختلفة , و من بين هذه الطرق تبرز اثنتان : تراجع سلطة الكنيسة و تعاظم سلطة العلم». (ص 454). بعبارة أخرى الحداثة هي الذروة التي وصلت إليها عملية علمنة الوعي حتى الآن , لكن المسار الذي تطلبه هذا التحول كان طويلاً . لذلك يضيف راسل أن العالم القديم وجد نهاية للفوضى في الإمبراطورية الرومانية لكن هذه الإمبراطورية كانت حقيقة (علمانية) متوحشة و لم تكن تجسيداً لفكرة . بدوره بحث العالم الكاثوليكي (في العصور الوسطى) عن نهاية للفوضى من خلال الكنيسة و مع أن الكنيسة كانت بالفعل فكرة إلا أنها لم تتجسد أو تنتظم بشكل كافٍ في حقيقة . و لذلك لا الحل القديم و لا حل العصور الوسطى كان كافياً و مرضياً . فالأول لم يكن قابلاً للتجسد في فكرة و الثاني كان معانداً للحقيقة الأمر الذي فرض الحاجة الى فلسفة جديدة . يمكن الاستنتاج مما قاله راسل بعد ذلك عن «الفلسفة الجديدة» ابتداء من عصر النهضة في إيطاليا حتى أوائل القرن الماضي أن علمنة الوعي في أوروبا أفضت أخيراً إلى علمنة الدولة ، أو أن عملية التمييز بين مجالات الحياة وصلت مرحلة متقدمة بحيث جعلت من علمنة الدولة أمراً لا يمكن تفاديه و هو ما يفرض هنا أكثر من سؤال : أحدها عن مسار علمنة الوعي في العالم العربي ، و الآخر عن الفرق بين علمنة «الوعي» و علمنة «الدولة» و لهذا حديث آخر .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
استقال الحريري ... هل انتهت مشكلة الدولة ؟! البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 31-10-2019 04:28 PM
الدين و الدولة : هل الإرهابي كافر ؟ البرواز و الصورة المنتدى الاسلامي 0 15-12-2014 01:41 AM
الملك و العلماء : المؤسسة السياسية البرواز و الصورة المنتدى العام 0 31-08-2014 04:10 PM
بين العلمانية وفصل الدين عن الدولة البرواز و الصورة المنتدى العام 2 09-04-2014 05:29 AM
كيان الدولة في خطر !! البرواز و الصورة المنتدى العام 0 28-04-2013 12:31 AM


الساعة الآن 01:05 PM