
عبدالله بن بخيت
أجمل ما في تويتر أنه يجعلك تسمع الكلام الذي لا تود أن تسمعه . بعيداً عن  الكلام الخادش للحياء و الكلام القبيح الذي يملأ الأرجاء أتكلم عن سماع  الرأي الآخر , الرأي الذي صممت آذاننا لكيلا تسمعه . من طبيعة البشر أن  الإنسان يحب أن يسمع ما يسره , عن صحته عن عمله عن ظروف حياته المختلفة .  عندما يقول له الطبيب : الحمد لله فحوصات الأشعة ممتازة , لا ينتظر حتى يسمع  فحصوات الدم أيضاً . هذه الانتقائية في الإنصات تمددت إلى الموقف السياسي  و الفكري و حتى الميول الرياضية , لا يريد المرء أن يسمع الحقائق غير السارة  عن فريقه . يدفعك التعصب إلى إنكار الواقع و الانحباس في دائرة المنتمين  لميولك وتعصبك , تميل إلى القطيعة مع المختلفين معك , لا تريد أن تسمع وجهة  نظرهم و حقائقهم و تفوقهم . يعيش المتعصب في عالم من السعادة الكاملة لا يمكن  أن يفرط فيها , كلما ازدادت عزلته ازداد تعصبه و كلما زاد تعصبه آثر المزيد  من العزلة . عندما تناقش إنساناً من بلاد الغرب في شؤون بلاده و تسرد عليه  عيوبها و تاريخها السيئ لا يثور و لا يتوتر كثيراً . يدافع عما يراه حقاً  و يعترف بما ارتكبته من أخطاء . قد يغالط و يراوغ و لكنه لا يشعر أنه في حاجة  إلى الهروب من النقاش أو اللجوء إلى العنف . اكتسب الإنسان الغربي النظرة  الواقعية التي يتمتع بها من النوافذ المفتوحة أمامه , صحافة حرة ، تنوع في  الاتجاهات الفكرية و الثقافية . الإنسان الغربي معرض يومياً لسماع ما يتعارض  مع قيمه و أمانيه و رغباته . فرضت حرية الرأي السائدة في الغرب على الإنسان  هناك سماع ما لا يسره . شعوب العالم الثالث عكس ذلك : تعيش في انكفاء ثقافي , لا تسمع فيه سوى ما يطربها من معسول الكلام , ما يمجد الأحلام و التاريخ  و تقاوم أي فحص أو مراجعة . السوشل ميديا في طريقها لفتح النوافذ , عندما  يفتح أشد المتعصبين حساباً في تويتر للترويج و الدفاع عن أفكاره التي لا  يطالها الشك سوف يصطدم بمن يعارضه , سوف يسمع الكلام الذي تم عزله عنه . يدخل  المتعصب تويتر متحمساً يريد تغيير الناس دون أن يدرك أن عقله سوف يضطر  للعمل . لا يرفض العقل الحقيقة إلا إذا أبعدت من طريقه أو تم تشويهها . في  اللحظة التي ينزل فيها للحوار تكون الحقيقة طرقت بابه . سيقاوم ثم يقاوم ,  أثناء عملية المقاومة يكون عقله أجرى تعديلات على تعصبه , سوف يسمع في تويتر  الكلام المعارض له و ما يظنه صحيحاً , سماعك للآخر مهما اختلف معك يعني أنك  أصبحت في طريق العقل .
تعليق : للاسف حتى السوشال ميديا اصبحت مقيدة , و لا تستطيع قول رأيك بحرية و أنا هنا اتكلم عن الدول البوليسية مثل الخليج و مصر و أغلبية العالم الذي لا يوجد فيه حرية رأي . للاسف لم تتعلم دول الخليج شي من التعسف و كتم الحرية و ضرره البالغ على الاوطان و التقدم و النمو . لا يعلم حكامنا أن الخوف لا يولد مواطن صالح بل مطبل و منافق , و هذا النوع هو أول ما يخون و يتخلى عنهم . كما أن هذا النوع لا يبني وطن ابدا" و عند انتهى وفرة المال الذي يسكت به الجميع تظهر العورات و المشاكل التي يمكن تجنبها بالحرية و العيش الكريم . لا اعلم لماذا يعتقد حكام الخليج ان الدولة البوليسية هي الحل ؟ الم يتعلمو من الدول العربية الأخرى ماذا جرى لهم ؟ حنا ممكن نصير مثلهم أول ماتخلص فلوس النفط و الغاز , لكن الفرق الان أنه عندنا فرصة لتصحيح الخطاء مادام الوفرة المالية موجودة لكن يجب أن نتذكر أن النافذة تضيق بسرعة .