أحمد الصراف
من الأمور الغريبة عند البعض شعورهم بالسعادة عند استفزازهم لمشاعر الغير ، وتجاهل كونهم أصدقاء تاريخيين ، ومضايقتهم في عقيدتهم والسخرية من ظروفهم .. عمداً! ورد في إعلان صارخ بثته جمعية «خيرية»، يقول مقدمها : «شارك في شراء كنيسة وتحويلها إلى مسجد بـ10 دنانير فقط .. لا تفوتك الفرصة .. الأجر ناطرك». وأصبحت هذه الظاهرة تلقى قبولاً في مجتمعاتنا ، واستغلالاً من بعض المشرفين على الجمعيات الخيرية ، التي تقوم بين الفترة والأخرى ، بنشر إعلانات وإرسال فيديوهات ورسائل صوتية مماثلة ، تطلب من المواطنين والمقيمين التبرع ولو بمبلغ عشرة دنانير ، لشراء معبد أو كنيسة وتحويله لمسجد (أكرر ، شراء معبد أو كنيسة وتحويله لمسجد)، وكأن في ذلك انتصاراً على الآخر وسحقاً لعقيدته ، ويصاحب ذلك نشر أرقام تبيّن المبلغ المستهدف أو المطلوب جمعه للمشروع ، ووضع عداد تصاعدي يبين ما تم جمعه حتى لحظة ما ، وفي آخر محاولة من هذا النوع وجدت أن المبلغ المستهدف متواضعاً ، ولن يكفي من واقع خبرتي لشراء كنيسة على أربعة شوارع وتحويلها لمسجد ، مع كل ما يتطلبه ذلك من تكاليف مواد وتنفيذ وإشراف ، ورسوم بلدية وغيرها . هذا بخلاف ما سيتعرض له مبلغ التبرع من استقطاع بنسبة تقارب الـ12 بالمئة ، تكون من نصيب القائمين على جمع المال للمشروع داخل الكويت ، ونسبة أكبر قليلاً منها للجمعية أو من سيتلقون المبلغ خارج الكويت ، والتي تمثل أيضاً حصتهم من مبلغ التبرع . تأكدت شكوكي المتعلقة بتواضع المبلغ المستهدف ، فما أن تم الانتهاء من جمع المبلغ بالكامل ، قامت الجمعية بنشر بشرى نجاح الحملة ودشَّنت حملة جمع تبرعات جديدة . وهذه المرة لتغطية تكلفة تحويل الكنيسة لمسجد ، علماً بأن شعار الحملة الأولى كان جمع مبلغ لشراء كنيسة وتحويلها لمسجد . إن مساوئ مثل هذه الأنشطة أكبر بكثير من فوائدها ، فهدفها الأول ، كما تعلمنا من تجاربنا هو الالتفاف على التشدد الرقابي لوزارة الشؤون ، وتحقيق دخل للجمعية وللقائمين عليها . كما أن المشروع نفسه الذي يقع تحت سمع وبصر الحكومة ، وحصل غالباً على موافقة رسمية ، له دائماً آثار سلبية داخلياً وخارجياً ، ووسيلة إثراء ، وتتضمن إساءة لمشاعر مواطني المجتمعات الذين تم شراء المبنى منهم ، وتحويله لغرض معاكس تماماً لما كان عليه . وبالتالي من المحتم أن يصبح ضرره كبيراً ، خاصة إذا كان الطرف الآخر شعب دولة صديقة ، طالما لبت النداء وتدخلت بكل قوة وإخلاص لمساعدتنا . نطالب المخلصين في الحكومة والأخت الفاضلة وزيرة الشؤون ، التدخل ووقف هذه المهازل المسيئة والخطيرة لسمعة الكويت ، فمن يرد بناء مسجد في دولة خارجية وأوروبية بالذات ، فما عليه غير شراء أرض وبناء المسجد عليها ، وتجنب شراء بيوت عبادة الغير وإثارة أهالي المنطقة علينا ، والتسبب في خلق بغضاء وحزازات لا داعي لها .