بين  الشريعة و الفقه فرقاً مهماً وهو أن الشريعة هي الدين المُنَزَّل من عند الله  تعالى ، أما الفقه فهو فهم المجتهدين لتلك الشريعة . فإذا أصاب العلماء الحق في فهمهم  كان الفقه موافقاً للشريعة من هذه الحيثية ، و إذا أخطأوا لم يخرج اجتهادهم عن الفقه  و إن كان ليس من الشريعة حتماً . انظر "تاريخ الفقه الإسلامي" لـ د. عمر سليمان  الأشقر. و يمكن  حصر الفرق بين الفقه بمعناه الاصطلاحي عند المتأخرين و بين الشريعة بمعناها  الاصطلاحي العام في النقاط التالية :
 
1.  بين الشريعة و الفقه عموم  و خصوص من وجه حيث تشتمل الشريعة على الأحكام العملية و العقدية و الأخلاق بينما  يختص الفقه بالأحكام العملية فقط . و يشمل الفقه اجتهاد العلماء سواء فيما أصابوا فيه  أو أخطأوا ولا يُعَد من الشرع إلا ما أصاب فيه المجتهدون  فقط .
 
2.  الشريعة أكمل من الفقه  وهي المقصودة بقوله تعالى {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ  نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينَاً } [سورة المائدة – الآية 3]. و لذلك تتناول  الشريعة القواعد و الأصول العامة ، أما الفقه فهو استنباط المجتهدين من الكتاب  و السُنَّة اعتماداً على هذه القواعد و تلك الأصول .
 
3.  أحكام الشريعة صواب لا خطأ  فيها ، و أحكام الفقه التي استنبطها الفقهاء قد يدخلها الخطأ الناتج من فهمهم . و لكن  ينبغي التحذير من الدعوى الخطيرة – التي تولى كِبرها بعض الكُتاب المُعاصرين –  والتي ترمي إلى نزع الصفة التشريعية عن الاجتهادات الفقهية تمهيداً لنزع القداسة عن  الشريعة نفسها ، حيث يَعتبِر أصحاب هذه الدعوى الشريعة آراء رجال أكثر من أن تكون  أحكاماً إلهية . وهذا خطأ بَيِّن , فإن الشريعة أحكام إلهية و الفقه مأخوذ من تلك  الشريعة الإلهية ، و استنباط العلماء صائب في معظم الأحيان ومُعَبِّر عن هذه الأحكام  التشريعية ، و إنما الخطأ الصادر – أحياناً – يكون فقط من فهمهم الشخصي لبعض النصوص  والأدلة . انظر "تاريخ  الفقه الإسلامي" لـ د. عمر سليمان الأشقر و"النظام التشريعي في الإسلام" لـ د.  محمود محمد عبد الرحيم.
 فالفقه –  بلا ريب – علمٌ شرعي لأنه من العلوم المبنية على الوحي الإلهي و عمل العقل في  استنباط الأحكام ليس مطلقاً من كل قيد بل هو مُقَيَّد بالأصول الشرعية في  الاستدلال . انظر "مدخل  لدراسة الشريعة الإسلامية" لـ د. يوسف القرضاوي.
 
4.  الشريعة عامة بخلاف الفقه .  قال تعالى { وَمَا  أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } [سورة الأنبياء – الآية 17]. وهذا العموم  ملموس من واقع الشريعة و مقاصدها و نصوصها التي تُخاطب البشر  كافة .
 
5.  الشريعة الإسلامية  مُلْزِمة للبشرية كافة ، فكل إنسان إذا توفرت فيه شروط التكليف مُلْزَم بكل ما جاءت  به عقيدة و عبادة و خُلُقاً و سُلوكاً بخلاف الفقه المًستَنبَط من الأدلة الشرعية عن  طريق اجتهاد المجتهدين , فرأي أي مجتهد لا يُلزِم مجتهداً آخر . و الفقه قد يُعالج  مشكلات المجتمع في زمان أو مكان بعلاج يُمكن ألا يَصْلُح لمشكلات زمان أو مكان آخر،  بخلاف الشريعة الكاملة لكل زمان ومكان .
 
من  كتاب "تاريخ التشريع" إعداد لجنة من الباحثين بمركز البحوث و إعداد المناهج بالجامعة  الأميركية المفتوحة بالقاهرة ، إشراف ومتابعة د. محمد يسري