العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الثقافي
الإهداءات
البرواز و الصورة من الفوز بكاس اسياء : الف مبروك للمنتخب القطري الفوز بكاس اسياء للمرة الثانية على التوالي بعد فوزه بالبطولة الماضية عام 2019

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-06-2018 , 06:08 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,320
أخر زيارة : اليوم 03:38 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة متواجد حالياً

Icon37 الدين و التنوير العقلاني و السياسي



السيد ولد أباه

تساءلنا في مقالة الأسبوع الماضي عن طبيعة العلاقة بين ديناميكيات ثلاث عرفها المجتمع الغربي ، هي التنوير العقلاني ، و الدولة السيادية ، و التدبير القانوني للدين في الشأن العمومي ، من حيث مطالب و حاجيات المجتمع العربي الراهن . ما يتعين التنبيه إليه هو أن العلاقة بين الديناميكيات الثلاث ليست بديهية و لا تلقائية رغم الخيوط التي جمعت بينها في السياق التاريخي . فإذا كان التنوير نتاج موقف فلسفي اتسم بالعقلانية الكونية المتسامحة ، فإن الدولة السيادية لم تكن هي أفق مشروع التنوير ، بل هي الحل العملي للمشاكل التي طرحها التنوع الديني و الفكري في المجتمعات الحديثة ، بينما شكّل التدبير القانوني للدين حلاً للمشكل الذي طرحه الانفصام المتزايد بين الحقل السياسي و الحقل المدني . لابد هنا من التمييز بين طبيعة التجارب الثلاث الكبرى التي عرفتها أوروبا : التنوير الألماني الذي كان في جوهره ثمرة إصلاح ديني عميق و اتسم بالكونية الإنسانية أفقاً للاستخدام العمومي للعقل (كانط و مندلسون و ليسنغ)، و التنوير الإنجليزي الذي كان في عمقه إصلاحاً سياسياً انطلق من مركزية فكرة الحرية الفردية بما تقتضيه من تقييد لسلطة الدولة و تحييد للكنيسة في الشأن العمومي (هيوم و هوبز و لوك)، و التنوير الفرنسي الذي أخذ شكلا راديكالياً اصطدم بالدِين و اتجه إلى تعويضه معرفياً بالعقل الوضعي و اجتماعياً بالدولة الكلية المعبرة عن الإرادة الجماعية المشتركة (مونتسكيو و ديدرو و فولتير و روسو). ما يجمع هذه الحركيات الثلاث هو النزعة العقلانية الذاتية التي هي جوهر التنوير (الاستخدام العمومي الحر للعقل حسب تعريف كانط)، بيد أنها اختلفت أشد الاختلاف في طبيعة تصور و إدارة المسألة الدينية السياسية . في ألمانيا التي كانت تحكمها ممالك و دول متعددة و لم تكن فيها سلطة كنسية قوية نتيجة لنجاح حركة الإصلاح الديني (البروتستانتي )، برزت أطروحة الديانة الطبيعية العقلانية كتعبير عن الجوهر الأخلاقي في اللاهوت الديني و أطروحة الجماعة العقلانية كتعبير عن المجموعة الدينية الشعائرية . و في التقليد الإنجليزي ظهرت فكرة الدولة السيادية التي كانت حلا للإشكالية التي تولدت عن التعارض بين مقتضيات الفردية الذاتية في نزوعها ضد هيمنة و تحكم السلط الدينية و السياسية و مقتضيات النظم المؤسسية الضامنة و المجسدة للحريات الفردية . ما حدث عمليا هو تشكل «لاهوت سياسي للدولة الحديثة التي اعتبرها هوبز «إلها فانيا» تقدم له قرابين الطاعة و الخشية و الولاء . و في المسار الفرنسي حيث تركة الدولة الملكية المركزية و المؤسسة الكاثوليكية القوية ، ظل الصدام محتدماً منذ قيام ثورة 1789 بين مشروع التغيير الراديكالي العنيف الذي يستند لمدونة التنوير العقلاني في الهيمنة على المجتمع و تقويض الحريات الفردية بما فيها الحريات الدينية ومشروع البناء القومي للدولة الذي استند إلى المورث الرمزي للكنيسة الكاثوليكية , فكانت النظم الملكية في بداية القرن العشرين تطوراً طبيعياً في هذا المسار الاستثنائي في أوروبا . ما نستنتجه من التجارب الأوربية التي أشرنا إليها باقتضاب هو أن التنوير العقلي في قيمه النقدية و الذاتية و تصوره المتسامح للتنوع العقدي ، لا يتعارض مع ثوابت الدين و كلياته ، بل يمكن بسهولة صياغته وفق محددات و مفاهيم التقليد الإسلامي كما حاول دعاة الإصلاح الديني في الإسلام من الإمامين الأفغاني و محمد عبده إلى اليوم . كما أن الدولة المدنية الحديثة في منطقها الداخلي لم تقم على القطيعة مع الدين ، و إنما سعت إلى بلورة النظم القانونية لضبط الحقل المدني في تنوعه و تعدديته ، بما يعني نتيجتين أساسيتين هما : ترجمة المضمون المعياري للدين في قيم عقلانية كلية ، و الحفاظ على الحرية الدينية من حيث هي إحدى محددات الحرية الفردية المصانة . لقد ذهب المفكر التونسي هشام جعيط في كتاب صادر في سبعينيات القرن الماضي إلى أن الإسلام هو الذي شكل الأساس التاريخي و المرجع القيمي و الاجتماعي للدولة العربية في عصورها الوسطى ، كما كان الأساس الذي استندت إليه شرعية الدولة الوطنية الوريثة لحركة التحرر الوطني ، لذا فإن الدولة العربية الحديثة لا يمكن أن تتخلص في متخيلها السياسي من الدين و لا أن تتخلص منه مؤسسياً على غرار الدول الليبرالية الغربية . و الواقع أن عموم الدول العربية تبنت دستورياً الإسلام ديانةً للدولة ، و لذا فلا معنى لطرح الشرعية الدينية للدولة كما هو توجه جماعات الإسلام السياسي ، كما أن الإدارة العمومية للحقل الديني في المجتمعات العربية ضرورة حقيقية لإخراج الدين من التجاذبات السياسية و انتزاعه من مخالب الجماعات المتطرفة و العنيفة التي تحوله إلى معول لهدم المجتمعات و الدول .

تعليق : مقالات الكاتب يغلب عليها الطابع الفلسفي الفكري العميق , لذلك لازم تقراها أكثر من مرة حتى تستوعبها و تقدر الجهد الفكري الكبير و سعة الاطلاع للكاتب المميز . نظرتك و فكرك بعد قراءة أي مقال لهذا الكاتب راح تكون مختلفة للامور عما قبلها . بالتأكيد فيه كتاب كثير مميزين و تستفيد من فكرهم و تحليلهم لكن الأستاذ السيد ولد أباه شي مختلف .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مارتن لوثر و الإصلاح الديني الكبير البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 24-12-2017 03:07 PM
حاجة المسلمين إلى التنوير البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 20-12-2016 01:14 AM
العقل و الدين البرواز و الصورة المنتدى الاسلامي 0 17-02-2015 02:12 AM
بين العلمانية وفصل الدين عن الدولة البرواز و الصورة المنتدى العام 2 09-04-2014 05:29 AM
الدولة المدنية ليست تجاوزاً على الدين البرواز و الصورة المنتدى العام 0 05-09-2013 02:36 PM


الساعة الآن 06:21 PM