العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الثقافي
الإهداءات
البرواز و الصورة من الفوز بكاس اسياء : الف مبروك للمنتخب القطري الفوز بكاس اسياء للمرة الثانية على التوالي بعد فوزه بالبطولة الماضية عام 2019

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-06-2018 , 10:10 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,320
أخر زيارة : اليوم 03:38 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon375 كتاب الانسداد التاريخي لهاشم صالح



قراءة - ممدوح المهيني

يحمل هذا الكتاب عنواناً معبراً و قاتلاً بذات الوقت : «الانسداد التاريخي»، بقدر ما تعبر هاتان الكلمتان عن طبيعة المأزق الذي يعيشه العالم الإسلامي الذي يعاني فعلاً من انسداد تاريخي تجاوز الألف عام جعله يعاني من التأخر الحضاري ، بقدر ما توحي كلمة الانسداد بالإحباط و اليائس . فالانسداد بحد ذاته كلمة محبطة ، فكيف إذا كان تاريخيا ؟!. هذا الكتاب للباحث و الكاتب هاشم صالح ليس محبطا و لكنه لا يقلل من حجم المشكلة ، هاشم صالح من المفكرين المتفائلين و لكن العميقين الواقعيين ، و كما يقول دائما فإننا يجب أن ندفع ثمن الأصولية و التطرف و التراجع كاملا دماً و دموعاً قبل أن نتقدم إلى التنوير و التسامح و الإنساني . يعد هذا الكتاب أكثر كتب هاشم صالح إلهابا للعواطف ، في كل مقال لا بد أن تحس بالرغبة المشتعلة في القضاء على مرض الأصولية و الحب العارم لعصر التنوير الإسلامي المنتظر . و كما معروف فإن هاشم صالح يمنح عمره كله لهذه القضية ، و هي أكبر القضايا و أهمها في عالمنا العربي و الإسلامي . يحدث ذلك من خلاله ترجماته لمشروع محمد أركون أو من خلال كتبه الفكرية أو محاضراته أو مقالاته التي ينشرها في صحيفة الشرق الأوسط أو موقع الاوان . يكشف هذا الكتاب الصادر من دار الساقي و رابطة العقلانيين العرب بصفحاته ال 300 و عبر عدد كبير من المقالات و بعض الدراسات عن هذا الانسداد التاريخي . كما يعلن هاشم صالح دائما أن الأزمة لدينا في أصلها أزمة فكر ، فكر تغيب عنه الحرية و النقد و السؤال أدى في النهاية إلى انسداده . هذا الفكر الذي ظل مسيطراً و لا يريد التزحزح ، محروس كما يقول صالح ب» الرجال . هناك قوى كاملة بعددها و عدتها مستعدة في كل لحظة للانقضاض على من تسول له نفسه أن يقترب و لو مجرد اقتراب من منطقة السؤال . هناك جيوش كاملة من المراقبين و الشيوخ و الحراس و الموظفين . هناك أمة بأسرها كانت قد بنت مشروعيتها ، و قد أسست كيانها على طمس السؤال ، على تقييد السؤال بالأغلال». في أول مقالات الكتاب بعنوان « أما لهذا الليل من آخر » يكتب صالح روحه المختنقة التي تجعله يسير بدون هدى في شارع الشانزلزيه المتزين بالأضواء البديعة التي « لا تستطيع أن تبدد العتمات الداخلية ». يبدأ بعد ذلك في حديث داخلي مع نفسه يجعله يصاب بالإحباط فلا شيء لدينا فعلا يحدث . و من ثم يقول بألم و خضوع « كنت لا أزال أحلم في السنوات الأولى من إقامتي في باريس بزوال الكابوس يوما ما ، فإني أصبحت الآن متأكداً أنه ينبغي التفاوض معه بشكل أو بآخر لأنه لن يزول خلال الأمد المنظور . ينبغي التعايش معه و ربما تقبيل يديه و رجليه «. هذه الإنكسارة العاطفية الفكرية يعبر عنها صالح بانفتاح عندما تعتم روحه و يفقد الأمل . إنه يعمل كثيرا و يصيح بكل الاتجاهات و لكن لا شيء يحدث . و لكن هذه مجرد واحدة من انكساراته الشفافة و لا تعني فعلا تقاعسه أو حتى كما قال اقتراحه التفاوضي . من يقرأ لصالح يدرك أنه لا يؤمن أن الفكر يتم التعامل معه بطريقة تفاوضية ، هو أكثر من غيره يدرك أن الفكر جارف و قاتل و عاصف . ينقلنا بعد ذلك صالح برحلة فكرية ممتعة يتناول فيها باستمرار تجربة التنوير الأوروبي التي يصنفها صالح بأنها الأكثر جذرية في التاريخ البشري . لقد قلبت باختصار المعادلة بشكل كامل . يقول عن الإصلاح الديني الذي بدأ بأوروبا : «لو لم أجىء إلى أوروبا لم عرفت أن هناك طريقة أخرى لفهم الدين غير الطريقة الطائفية الموروثة منذ مئات السنين . كنت محصورا بالذهنية العتيقة معتقدا أنها هي وحدها الممكنة . كنت قد بقيت أعمى البصر و البصيرة !». و يشير في مقطع آخر إلى أهمية عصر التنوير بالمقارنة مع غيره حتى مع عصر النهضة ، يكتب :» وحده القرن الثامن عشر تجرأ على إحداث تلك القطيعة الابستمولوجية التي لم تجرؤ عليها أي حضارة بشرية حتى الآن . أي القطيعة العلنية الصريحة مع الرؤية التقليدية للعالم و إحلال الرؤية العلمية الفلسفية محلها». في واحد من أهم المقالات كان بعنوان « أسباب الانحطاط الحضاري للعالم العربي الإسلامي « استشهد برؤية المستشرق المعاصر مارتن كريمر المختص بالتاريخ العربي و الإسلامي الذي يصف تلك الحضارة بأنها كانت قوية و مزدهرة لدرجة أن كل من كان لا يتقن العربية لا يعد مثقفاً . و لكن تجمعت بعد ذلك أسباب الانحطاط منها الغزو الخارجي الذي كان أشرسه المغولي و التغير المناخي الذي بدأ بتصحر منطقة الهلال الخصيب و فقدانه لثرواته الحيوانية و كذلك الأزمة المال التي ضربت تلك المنطقة بتحول الخطوط التجارة عنها و أدت إلى أضعاف الطبقة البرجوازية الذي يعتبر وجودها بحسب ما يقول المفكر جورج طرابيشي قانونا تاريخيا لازدهار التنوير . يقول صالح : « فقد العالم العربي و الإسلامي حيويته الثقافية أو نسغه الداخلي كما تفقد الشجرة عصارتها فتذبل و تيبس و تموت . و بعد ان كان مزدهرا في مجال العلوم الدينية ، و الفلسفة ، و العلم الطبيعي ، و حتى التكنولوجيا بالنسبة لذلك الزمان أصبح جامدا ، متكلسا ، متحجرا ، و بعد أن كان العرب من أكثر الشعوب فضولا من الناحية المعرفية في العلوم الطبيعية و الفلكية من أجل معرفة سرن الكون أصبحوا وكأنهم ختموا العلم و لم يعودوا بحاجة إلى بحث و تساؤل». بعد تصاعد العمليات الإرهابية التي لطخت الساحات بدماء الأبرياء كتب صالح مقالاً حزيناً و شاجباً بعنوان «العالم العربي مريض بأصوليته فمن يشفيه؟!. كان هذا المقطع بعد مجزرة القاعدة في لندن ، يقول : « ذلك أن ماضربه الأصوليون في مدينة لندن العريقة و الجميلة هو فكرة الحضارة و طريقة معينة في الحياة و الوجود كما قال رئيس الوزراء توني بلير . أن ماضربوه هو فكرة الحرية و التعددية الروحية و الدينية و السياسية . إن ماضربوه هو حرية التعبير و التنفس و الكلام». و في موضوع آخر يشير إلى وباء الأصولية الذي وصل هولندا التي تعد أقدم البلدان الأوروبية ليبرالية و تسامحا و قبولاً للأديان و العقائد المختلفة . ففي دستورها عام 1579 كانت هناك مادة تنص على أن حرية الضمير مضمونة فيما يخص الشئون الدينية و العقائدية . في ذات الوقت الذي كان فيه الكاثوليك في فرنسا يعلقون المشانق للبروتستنانت . في ذلك البلد قتل الشاب المغربي محمد بويري المخرج فان غوغ عندما لم يكتف بطعنه بالسكين و الإجهاز عليه بالرصاص بل جز عنقه . هذا مايقول عنه صالح بحسب أحد الباحثين الفرنسيين : الإيمان الذي يقتل « الإيمان الأعمى الذي يقتل أو يدفع بصاحبه إلى ارتكاب جريمة القتل راضيا مرضيا . عندما تكون رأسي محشوة بأفكار التعصب و الكتب الصفراء و فتاوى فقهاء الظلام فإنه يحق لي أن أقتلك إذلم تكن تعتنق ديني أو مذهبي». ينقلنا المؤلف من الماضي إلى الحاضر و العكس ، على المستوى الغربي و العربي الإسلامي و كل ذلك بهدف الكشف و التوضيح . و في مرات يقصد التحفيز و الإلهام . ينطبق ذلك على موضوعه بعنوان « عندما كانت قرطبة منارة للفكر البشري »، فقرطبة في عهد الخليفة الأموي عبدالرحمن الثالث كانت « إحدى تحف العالم الخالدة من حيث الفن المعماري و الزخرفة و الأعمدة التي لا تنتهي و الهيبة الدينية الإسلامية التي تشع منه .. كان هذا الأمير مسلما متسامحا يستقبل العلماء من كل الأديان و يحتفي بهم و يغدق عليهم العطايا و الهبات لكي ينتجوا و يبدعوا .. و هكذا اشتغل العلماء المسلمين جنبا إلى جنب مع علماء المسحيين و اليهود بكل وئام و انسجام و ترجموا الكتب الأغريقية و سواها و أبدعوا في مختلف العلوم .. و قد وصل بالخليفة الأموي الانفتاح الفكري إلى حد أنه اتخذ مطران قرطبة المسيح ريسموند صديقا و مستشاراً له . و أما طبيبه و سفيره فكان اليهودي هسادي بن شاتبروت . و هكذا اجتمعت الأديان التوحيدية الثلاثة في ظل الخلافة العربية الإسلامية و شهدت فترة من التعايش و التعايش قل نظيرهما إبان العصور الوسطى . هذه التحفة العربية الإسلامية المتحضرة و المتعددة تحولت بحسب ما يقول الفليسوف الفرنسي الشهير روجيه غارودي إلى مركز علمي كبير للبحث و الترجمة و التأليف . و قد شهدت ظهور فلاسفة كبار مثل ابن مسرة و ابن حزم و ابن باجة و ابن الطفيل و ابن رشد و ابن عربي أما من الجهة اليهودية فكان هناك موسى بن ميمون و ابن غابيرول . و كذلك كان هناك مفكرون مسيحيون . لقد شهدت قرطبة تسامحا دينيا و ثراء فكريا و حضاريا و لكن بعد موت الخليفة عبدالرحمن الثالث (الناصر) عام 976 بدأ الأصولية بخنقها ناصبة محاكم التفتيش للفلاسفة و العلماء مما اضطرهم إلى الهرب مثل عالم الهندسة عبدالرحمن الملقب ب « أقليدس الاسباني » أو سعيد الحمار مؤلف رسالة في الموسيقى و كتابا بالفلسفة بعنوان « شجرة العلم » اضطر إلى الهرب إلى صقلية . لاشك أن سيطرة الظلام و الجهل و التعصب تؤدي إلى التفكك و النهاية المحتومة كما حدث لقرطبة التي أصبحت ماضيا بالنسبة لنا الآن . يتناول الكتاب أفكاراً و نظريات عدد كبير من الفلاسفة من كانط و هيجل و حتى مكسيم ردنسون و بول ريكور الذي كتب صالح كلمات رقيقة حزنا على وداع هذا الفليسوف الذين جمع بين العلم و الإيمان . كما تناول أفكار المفكر عبدالوهاب المؤدب و مالك شبل و سواهما . و في الكتاب رغم نبرته الفكرية المشحونة بالعاطفة القوية العدد من المقاطع الطريقة التي لا بد ان تجعلك تضحك من القلب . المفكر صالح قادر إضحاكنا بطريقة سودواية . ففي تأييده لنقد طرابيشي لنقده حسن حنفي في كتابه « ازدواجية العقل : دراسة تحليلية لكتابات حسن حنفي « يذكر صالح هذا الرأي لحنفي : « أريد تحجيم الغرب و رده إلى حدوده الطبيعية !!. و يرد عليه هنا قائلا : « و من أنت حتى تحجم الغرب أيها الفهلق العظيم ؟! إذا كنت عاجزاً عن فهم نظرياته العلمية و الفلسفية ، مجرد فهم ، فكيف يمكن أن تتجاوزه أو أن تحجمه ؟!. كتاب «الانسداد التاريخي» يجعلك تحبط و تتفاءل ، تحزن و تضحك ، تتذكر و تتطلع ، تفهم أكثر ، و تتعمق أكثر ، إنه ككل كتابات هاشم صالح الرائعة ، تشعل في عقلك و روحك حب التنوير و الخير و الإنسانية .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وفاة النجم الكوميدي سعيد صالح البرواز و الصورة منتدى الاخبار العربية و العالمية 2 02-08-2014 11:19 AM
كتاب جديد يعيد "ألف ليلة وليلة" إلى أصولها العربية البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 15-07-2014 01:25 AM


الساعة الآن 08:25 PM