العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى العام
الإهداءات

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-07-2014 , 01:13 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,358
أخر زيارة : اليوم 01:50 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة متواجد حالياً

Icon375 ذكريات عن الهوى السوري بليلى العراقية (2)



غسان الإمام

في الحلقة الثانية والأخيرة من هذا الحديث أقول إن العلاقة السورية/ العراقية مرت بمرحلتين : علاقة العاطفة القومية المشتركة التي تحدثت عنها في الثلاثاء الفائت ثم علاقة المصلحة السياسية والاقتصادية. و كان انقلاب سامي الحناوي (1949) فاصلا «إنجليزيا» بين المرحلتين . و كان للإنجليز نفوذ وامتيازات في عراق نوري السعيد بحيث بدا استقلاله في نظر العرب مجتزأ وغير كامل . في الصراع على سوريا عاد هذا البلد العربي إلى «الحظيرة» الأميركية بانقلاب أديب الشيشكلي الذي كان أول من أرسى الديكتاتورية العسكرية في سوريا على حساب الديمقراطية الوليدة متجاوزا انقلابي حسني الزعيم و الحناوي اللذين شارك فيهما ! بات الشيشكلي شديد الوطأة على السوريين و الطبقة السياسية بحيث عاد العراق ليبدو الجار القريب المرشح للإنقاذ . لدهشة الديكتاتور البالغة فقد علم باحتمال لجوء قادة اليسار الاشتراكي والقومي (عفلق , البيطار , الحوراني) إلى عراق نوري السعيد , ثم تحولت الدهشة إلى صدمة عندما علم أيضا أن قوى اليمين السوري التقت سرا في ظل السياسي المخضرم هاشم الأتاسي و قررت إيفاد الشيخ معروف الدواليبي إلى بغداد. اقترح الشيخ الدواليبي في زيارته السرية أن يقود بنفسه «جيش الغزو» العراقي ! لكن نوري السعيد حاكم العراق الفعلي رفض الاقتراح جملة وتفصيلا مكتفيا بتقديم الدعم الدبلوماسي و بعض المال السياسي الذي «ترسمل» به بعض ساسة اليمين السوري في خمسينات الصراع العربي والدولي على سوريا . و كان بينهم نائب للرئيس جمال عبد الناصر (صبري العسلي) الذي سارع إلى الاستقالة نافيا ما ورد عنه في وثائق الانقلاب العراقي (1958). المغامرة السياسية تحتاج إلى الذكاء و أنا في مهنتي الصحافية أحب الذكاء في السياسي . و عندما نشرت في التسعينات هنا في هذه الجريدة تفاصيل «المقام البغدادي» في حياة الشيخ الدواليبي لتعريف الأجيال العربية ببعض ما خفي عليها من السياسات العربية سارع الدواليبي إلى نفي الزيارة على صفحات «الشرق الأوسط»! حرصت في حياتي الصحافية على عدم الدخول في جدل مع السياسي أو الصحافي أو القارئ لكن حرصي على مصداقية «الشرق الأوسط» جعلني أدعم روايتي للأحداث بالمذكرات التي نشرها لاحقا الدكتور فاضل الجمالي . و كان الراحل الجمالي رئيسا لحكومة العراق خلال زيارة الدواليبي , هنا يتجلى ذكاء الشيخ الدواليبي فأكبرت فيه عودته الجريئة إلى الاعتراف بالزيارة. و أضيف اليوم أن الدواليبي كان في الواقع أحد زعماء حزب الشعب اليميني الذي كان يتكتم هواه بليلى العراقية و كان الحزب صاحب الأغلبية النيابية في مجلس نواب الخمسينات . و مثلت قيادة الحزب الحلبية و في مقدمتها الدواليبي البورجوازية التجارية هناك التي استقطبت بنجاح قوى عشائرية , وإقطاعية , و ليبرالية و دينية . و غدت حلب شديدة الهوى بالعراق لكونها «الميناء» الذي يصدر عبر الساحل السوري المحاصيل الزراعية الوفيرة للشمال السوري والعراقي . سقطت ديكتاتورية الشيشكلي بانقلاب عسكري داخلي من دون تدخل عراقي و تجلت فطنة الرجل في انسحابه السريع إلى لبنان على الرغم من قدرته على سحق المحاولة الانقلابية ثم اعتزاله السياسة و هجرته إلى البرازيل حيث اغتاله هناك عام 1964 شاب درزي انتقاما من اجتياحه جبل الدروز بالقوة العسكرية. و لم يكن نظام شكري القوتلي في الأربعينات ثم الخمسينات من هواة الوحدة مع العراق , و قد رفض بشدة مشروع وحدة «سوريا الكبرى» الذي اقترحه فرع الأسرة الهاشمية المالك في الأردن مُؤْثرا الاقتراب من مصر والسعودية , هذا الاقتراب كلف القوتلي خسارة رئاسة الجمهورية عندما أحاله الرئيس عبد الناصر إلى «التقاعد» برتبة «المواطن العربي الأول». في عام 1956 استقدم الشيوعيون السوريون الشاعر العراقي الكبير مهدي الجواهري من منفاه في الدول الشيوعية للاستعانة به في تدمير ما بقي من جسور الوصل والاتصال بين اليمين السوري وعراق نوري السعيد . فألقى في الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لاغتيال العقيد عدنان المالكي قصيدته الشهيرة : «خلفت غاشية الخنوع ورائي/ وأتيت أقبس جمرة الشهداء». كان الحزب الفاشي «السوري القومي» اغتال المالكي نائب رئيس أركان الجيش بعد سقوط الشيشكلي أمام جمهور ملعب لكرة القدم . و باغتيال المالكي تحول العلويون من الرهان على الحزب الفاشي إلى الرهان على حزب البعث العربي الاشتراكي للوصول إلى السلطة . كان أكرم الحوراني (الذي وحد حزبه الاشتراكي مع البعث القومي) وراء إدخال ألوف العلويين الجيش السوري في الخمسينات , و جاء اغتيال المالكي رجله القوي في الجيش بمثابة تنبيه مبكر له لخطر تسييس و«تطييف» الجيش الذي ما لبث أن قضى على مستقبل الديمقراطية . و عندما أفاق الحوراني الذي كان المحرك للسياسة السورية (1943/1963) على الخطر الطائفي كان الوقت قد فات .

الهوى السوري بالعراق شديد التداخل بالحياة السياسية السورية و اضطررت لاقتصار الرواية على حكايا الهوى . و لعل العمر إذا طال بي يسمح بنشر كتاب عن حكايات السياسات السورية العاصفة والغامضة على أجيال سورية متعاقبة فقد كنت شاهدا على العصر. كان الأمير عبد الإله بن علي الوصي على العرش العراقي الذي قضى في الانقلاب العسكري الدموي يكابده وَجْدُ الجلوس المستحيل على عرش سوريا. من هنا كان الفرع العراقي للأسرة الهاشمية أكثر انفتاحا على اليمين السوري من فرعها المالك في الأردن. ظلت علاقة المصلحة والسياسة مستمرة بين سوريا والعراق الجمهوري لكن رمال الصحراء بددت الفائدة من القمة السرية التي عقدت في بادية الشام بين رئيس جمهورية الانفصال الدكتور ناظم القدسي و حاكم العراق العسكري عبد الكريم قاسم للتنسيق ضد عبد الناصر الذي دمر «الهيكل» على رأسه ورؤوس ساسة سوريا في الستينات. و لعل عبد الناصر أخطأ عندما رفض المصالحة مع «البعث القومي» العراقي والسوري و تحالف مع البعث العلوي الطائفي (صلاح جديد وحافظ الأسد) الذي ورطه في حرب «النكسة» مع إسرائيل فيما كانت نخبة قواته تقاتل على بعد ثلاثة آلاف كيلو متر في اليمن . الانقلابات العسكرية والتقلبات السياسية العاصفة لم تقض على الهوى السوري بالعراق , فقد لجأ إلى عراق صدام جناح البعث القومي بقيادة ميشال عفلق بعد ما أسقطه البعث الطائفي (1966). و أساء صدام إلى عفلق بأسلمته المزعومة له و تمرير جثمانه من مسجد في الطريق إلى الضريح . و لجأ إلى عراق صدام فريق من قادة الإخوان المسلمين بعد فشل اعتصامهم في حماه ثم عادوا فلجأوا إلى الأردن ثم إلى لندن فيما كان إخوان الأردن يتوسطون لمصالحتهم مع نظام الأسد و جمد الإخوان السوريون معارضتهم له . و بايعوا سياسة المقاومة و الممانعة التي «اخترعها» الأسد الابن للتغطية على تبعيته لإيران. في مكره السياسي عرض الأسد الأب على صدام مشروع وحدة حزبية بين البلدين (1979) قبل أن يتحالف مع إيران الخميني في الحرب ضد العراق . و في سذاجته السياسية رفض صدام المشروع و أعدم قادة حزبه الذين رحبوا بالعرض السوري و أرسل رئيسه أحمد حسن البكر «للتقاعد» في حديقة بيته فمات غما فيها . و بعد ماذا بقي لي شخصيا وأنا أخرج من هذا العرض السريع لفيلم الذكريات ؟ كان قلبي على اليسار وكان قلب رشدي الكيخيا زعيم حزب الشعب على اليمين . أمانتي مع نفسي ومهنتي تفرض علي القول إني لم أعرف في حياتي الصحافية الطويلة زعيما سياسيا بنزاهة الكيخيا , وكبريائه و نبل ديمقراطيته . رفض رشدي الكيخيا المناصب , غادر رئاسة مجلس النواب بل رفض منصب رئيس الجمهورية عندما أجمع الإلحاح السياسي على ترشيحه فقدم التزامه بالديمقراطية على هواه السياسي المتكتم بليلى العراقية : «اليد التي وقعت ميثاق الوحدة (مع مصر) تأبى أن توقع مراسيم الانفصال». للأسف بات رشدي الكيخيا نسيا منسيا لم يعرف هواة السياسة اليوم هذا الأنموذج المثالي من الساسة بإلغاء الأسد الأب والابن الحرية , و الديمقراطية , و السياسة و التاريخ ، مات رشدي الكيخيا في منفاه القبرصي فقيرا متزهدا (1988) على الرغم من أملاكه الواسعة في تركيا التي لم يستفد منها.

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عندما كان الهوى السوري بالعراق وحدويا (1) البرواز و الصورة المنتدى العام 0 16-07-2014 12:26 AM
رضا علي مطور الأغنية العراقية يلاقي "المتنبي" ببغداد البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 27-04-2013 02:46 PM


الساعة الآن 02:24 AM