العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى العام
الإهداءات
البرواز و الصورة من الفوز بكاس اسياء : الف مبروك للمنتخب القطري الفوز بكاس اسياء للمرة الثانية على التوالي بعد فوزه بالبطولة الماضية عام 2019

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-12-2014 , 09:40 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,320
أخر زيارة : يوم أمس 03:38 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon29 علمنة الوعي و علمنة الدولة



خالد الدخيل

ما هي علمنة الوعي ؟ إذا كانت العلمانية (بفتح العين و الميم و تسكين اللام) تشير إلى الحياة الدنيا بدلالتها الشاملة ، تصبح العلمنة هي عملية الوعي بالقوانين و النواميس التي تحكم الحياة الدنيا (الطبيعة و الإنسان و المجتمع و التاريخ) و ضرورة الاعتراف بها و بإكراهاتها ، و بالتالي التعامل معها بما يحقق مصلحة الإنسان و المجتمع . لكن عملية الوعي هذه ليست بالسهولة و البساطة التي يوحي بها هذا التعريف . على العكس علمنة الوعي هي عملية ثقافية اجتماعية سياسية طويلة و متدرجة مرت و تمر بصعوبات و معوقات متعددة منها ما يتعلق بدرجة التعليم و الوعي ، و منها ما يتعلق بهيمنة أيديولوجيا دينية أو غيرها أو بحال سياسية تعرقل أو تشجع صيرورة هذا الوعي . و الحقيقة أن علمنة الوعي بهذا المعنى هي في مقابل الوعي الديني بما في ذلك الوعي المذهبي عندما يتخذ صيغة أيديولوجية شاملة تهدف إلى السيطرة على الوعي الإنساني و التضييق عليه ليصبح في حال ارتياب من فكرة العلمنة . ظاهرة العنصرية التي عرفتها الولايات المتحدة حتى ستينات القرن الماضي و جنوب أفريقيا حتى أواخر القرن ذاته كانت تستند في ما تستند إليه إلى مبررات أيديولوجية دينية . كانت العنصرية تقاوم عملية علمنة وعي المجتمع بالحقيقة الطبيعية للإنسان و أن لون هذا الإنسان لا يعبر عن جوهره و لا عن شخصيته . في منطقتنا هناك حال الطائفية في الإسلام و هي مثال آخر على وعي ديني منحرف يجعل من المذهب الأصل في جوهر الإنسان و ليس الإنسان بتكوينه و طبيعته . و هذه الحال نعيش مأساتها الآن في العراق و سورية بشكل خاص . في كلتا الحالتين يسيطر وعي ديني منحرف و متطرف يضع حواجز و موانع أمام علمنة وعي الإنسان و من ثم الوعي الاجتماعي . لكن العلمنة في واقع الأمر عملية لا تتوقف , قد تتعثر و قد تتباطأ لكنها لم تتوقف في الماضي و لن تتوقف في الحاضر . هناك مثال التداوي بالسحر أو الاستعانة بالجن و التعويذات ، و الخوف من العين ،... الخ . هذه لا تزال موجودة لكن انتشار الطب و مؤسسات العلاج الحديثة مستمر و يضيق من مساحة تلك المعتقدات و الممارسات . و هذه علمنة مستمرة في موازاة ذلك الوعي الديني أو لنقل الوعي المؤسطر للدين . مساحة التوازي هذه أوسع من ذلك بكثير , فظهور الدولة بحد ذاته كعلامة من علامات علمنة المجتمع يتوازى مع وعي ديني لدى الفرد الذي يعمل في الدولة و في المجتمع الذي يخضع لحكمها . و هو وعي تخضع له الدولة أو تستخدمه لمصلحتها السياسية . كذلك انتشار التعليم و الشركات ، و المصارف ، و أسواق الأسهم ، و التأمين ، و مؤسسات الإعلام ، و الثورات التكنولوجية التي لا تتوقف . المشترك بين كل هذه العمليات و غيرها أنها تحتكم في سيرورتها إلى معطيات و قوانين دنيوية خالصة لكن من دون أن يعني ذلك اختفاء الوعي الديني و تلاشيه . و قد كشفت عملية الاكتتاب في أسهم «البنك الأهلي» السعودي الأخيرة تجاور و صراع وعي ديني يحرم الاكتتاب مع وعي علماني لا يرى مبرراً لهذا التحريم . و النتيجة أن الاكتتاب حصد أكثر من 300 بليون ريال سعودي بما جعله من بين أضخم الاكتتابات في المنطقة . من يعمل في سوق الأسهم - مثلاً - أو يتعامل معها معنيّ قبل أي شيء آخر بتحقيق الربح , طبعاً الربح الحلال . لكن هل هو حلال طبقاً للشريعة وفق الوعي الديني ؟ أم طبقاً للأنظمة التي تنظم عملية تداول الأسهم كجزء من عملية علمنة لا يمكن تفاديها ؟ هذا المعنى للعلمنة موجود في الحديث النبوي الذي أخرجه مسلم عن أنس بن مالك و هو أن رسول الله (صلّى الله عليه وسلم) مرّ بقوم (في المدينة) يلقّحون النخل ، فقال «لو لم تفعلوا لصلح . قال فخرج شيصاً (أي تمراً رديئاً). فمرّ (الرسول) بهم فقال : ما لنخلكم ؟ قالوا : قلت كذا و كذا ... فقال : أنتم أعلم بأمور دنياكم». و في رواية أخرى أن النبي قال : «إنما أنا بشر ، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به , و إذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر». في هذا الحديث تمييز باكر و واضح بين أمر الدنيا و أمر الدين و مقتضى كل منهما . ففي أمر الدنيا يعترف الرسول للناس بأن هناك فسحة واسعة أمامهم للرأي و الاجتهاد وفق المصلحة . أما في أمر الدين فالواجب الأخذ بما جاء به . و موضوع النخل الذي ورد في هذا الحديث مثال على ضرورة الوعي بمتطلب التلقيح (أو التأبير) امتثالاً لقانون الطبيعة الخاص بنبات النخل و ذلك لتحقيق المصلحة , و هو بهذا المعنى وعي علماني (أو دنيوي). انطلاقاً من ذلك يمكن القول بعبارة أخرى إن العلمنة هي تمييز بين مجالات الحياة في المجتمع و من ثم الوعي بمقتضيات و متطلبات كل مجال منها . و هي بذلك خروج من سلطة تراث و تقاليد ، و من سلطة مؤسسة دينية لا تترك مساحة لضرورة هذا التمييز إلى سلطة أخرى أكثر رحابة و أقدر على الاستجابة لهذه الضرورة , و تلك هي سلطة المنطق و العلم و سلطة مؤسسة الدولة . و هذا ما يشير إليه الفيلسوف الإنكليزي برتراند راسل أثناء تناوله مسألة الحداثة في أوروبا و ذلك في كتابه «تاريخ الفلسفة الغربية». يقول في هذا الصدد : «تتميز الفترة الزمنية من التاريخ التي تعرف بأنها حديثة برؤية ذهنية تختلف عن رؤية فترة القرون الوسطى بطرق مختلفة , و من بين هذه الطرق تبرز اثنتان : تراجع سلطة الكنيسة و تعاظم سلطة العلم». (ص 454). بعبارة أخرى الحداثة هي الذروة التي وصلت إليها عملية علمنة الوعي حتى الآن , لكن المسار الذي تطلبه هذا التحول كان طويلاً . لذلك يضيف راسل أن العالم القديم وجد نهاية للفوضى في الإمبراطورية الرومانية لكن هذه الإمبراطورية كانت حقيقة (علمانية) متوحشة و لم تكن تجسيداً لفكرة . بدوره بحث العالم الكاثوليكي (في العصور الوسطى) عن نهاية للفوضى من خلال الكنيسة و مع أن الكنيسة كانت بالفعل فكرة إلا أنها لم تتجسد أو تنتظم بشكل كافٍ في حقيقة . و لذلك لا الحل القديم و لا حل العصور الوسطى كان كافياً و مرضياً . فالأول لم يكن قابلاً للتجسد في فكرة و الثاني كان معانداً للحقيقة الأمر الذي فرض الحاجة الى فلسفة جديدة . يمكن الاستنتاج مما قاله راسل بعد ذلك عن «الفلسفة الجديدة» ابتداء من عصر النهضة في إيطاليا حتى أوائل القرن الماضي أن علمنة الوعي في أوروبا أفضت أخيراً إلى علمنة الدولة ، أو أن عملية التمييز بين مجالات الحياة وصلت مرحلة متقدمة بحيث جعلت من علمنة الدولة أمراً لا يمكن تفاديه و هو ما يفرض هنا أكثر من سؤال : أحدها عن مسار علمنة الوعي في العالم العربي ، و الآخر عن الفرق بين علمنة «الوعي» و علمنة «الدولة» و لهذا حديث آخر .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مدنية الدولة الوطنية البرواز و الصورة المنتدى العام 0 09-04-2019 12:35 AM
الدين و الدولة : هل الإرهابي كافر ؟ البرواز و الصورة المنتدى الاسلامي 0 15-12-2014 01:41 AM
الملك و العلماء : المؤسسة السياسية البرواز و الصورة المنتدى العام 0 31-08-2014 04:10 PM
بين العلمانية وفصل الدين عن الدولة البرواز و الصورة المنتدى العام 2 09-04-2014 05:29 AM
كيان الدولة في خطر !! البرواز و الصورة المنتدى العام 0 28-04-2013 12:31 AM


الساعة الآن 12:36 AM