العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الثقافي
الإهداءات
البرواز و الصورة من الفوز بكاس اسياء : الف مبروك للمنتخب القطري الفوز بكاس اسياء للمرة الثانية على التوالي بعد فوزه بالبطولة الماضية عام 2019

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-08-2013 , 02:19 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,330
أخر زيارة : يوم أمس 09:11 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon41 جورج أورويل متشرداً في باريس و لندن



جورج أورويل هو أحد عباقرة الرواية الإنجليز في القرن العشرين ، وصاحب التحفة الروائية الشهيرة (1984) التي تنبأت بالديكتاتوريات ذات القبضة الحديدية على الشعوب مستعينة بالتكنولوجيا الرقمية لمراقبة أفعال وسلوك الناس .. ومن تلك الرواية انتشر مصطلح (الأخ الأكبر) في الصحافة العالمية ، وبات عملة متداولة عند الحديث عن الدول ذات الأنظمة الشمولية . وبعيداً عن هذه الرواية التي حجبت كتب المؤلف الأخرى عن الأنظار ، نجد لجورج أورويل كتاباً بالغ الجاذبية هو «جوروج أورويل متشرداً في باريس ولندن» (ترجمة سعدي يوسف ، منشورات الجمل ، بغداد- بيروت، 2010) والكتاب صدر بلغته الأصلية في عام 1933 ولم يلفت الانتباه وقتها ، إذ لم يكن أورويل قد أصدر بعد روايته الخالدة تلك . و في هذا الكتاب الذي نتج عن معايشة شخصية لحياة التشرد والبؤس والجوع يرتقي جورج أورويل إلى مصاف الكتاب الإنسانيين العظماء ، حين تمكن ببراعة أسلوبه الأدبي من تصوير تلك الحياة السفلية وعقابيلها على النفس البشرية بصدق قل نظيره ، ونجاحه الخارق في تحليل المشاعر التي يمر بها الإنسان الجائع المفلس ، وكيف ينظر للحياة ويختصرها في كسرة خبز . لم أجد كاتباً يصف البؤس البشري بهذا العمق والدقة كما فعل جورج أورويل ؛ لأسباب لم يفصلها ، عاش المؤلف عاماً ونصف في حي الديك الذهبي بباريس .. يتكلم عن هذه الفترة من حياته بقوله : «كل البيوت فنادق ، موسوقة حتى قرميدها بالساكنين ، بولنديين وعرب وإيطاليين في غالبهم ، عند أسفل الفنادق كانت مشارب صغيرة حيث يمكن أن تغدو سكران بما يعادل شلناً واحداً . و في ليالي السبت يكون ثلث سكان الحي من الذكور متعتعين سكراً . العركات على النساء كثيرة ، والشغالون العرب الذين يسكنون أرخص الفنادق ألفوا القيام بمشاجرات غامضة يخوضونها بالكراسي وبالمسدسات أحياناً. أما عسس الليل فلا يدخلون الشارع إلا اثنين اثنين . إنه لمربع صاخب لكن وسط الضجة والقذارة يحيا حياتهم العادية أصحاب الدكاكين الفرنسيون المحترمون ، والخبازون ، والغسالات ، ومن يماثلهم ، مكتفين بأنفسهم ، مكدسين بهدوء ثروات صغيرة . درب الديك الذهبي يمثل حقاً حياً باريسياً فقيراً».(ص8). البؤس الذي اتصل به جورج أورويل للمرة الأولى في حياته بحسب قوله لم يهبط عليه دفعة واحدة ، بل ظل هو يهبط إليه درجة درجة حتى وصل بالفعل إلى القاع الأخير للبؤس ، وخبر المهانة التي تترتب عن وضعيته كبائس يضطر إلى بيع ورهن كل ما يملك ليبقى على قيد الحياة : «إنه لأمر ذو غرابة ، ارتطامك الأول بالبؤس . لقد فكرتَ طويلاً بالبؤس ، فهو الشيء الذي خشيته طوال حياتك ، الشيء الذي تعرف أنه سيحصل لك عاجلاً أو آجلا , لكن ما فكرت به مختلف كلية . أنت ظننت أنه سيكون في غاية البساطة ، غير أنه معقد جداً ، أنت حسبته رهيباً ، والحق أنه وسخ ومضجر فقط . إن ما تكتشفه أولاً هو الضعة الخاصة بالبؤس ، الحيل التي يضعك فيها ، الشح المعقد ، ومسح الفتات» (ص20). جورج أورويل كان لديه في البداية مدخرات جيدة ودخل أسبوعي وقدره 36 فرنكاً يتحصل عليها من إعطائه دروساً باللغة الإنجليزية ، ولكن لصاً إيطالياً نهب كل ما ادخره من مال ، فأصبح في وضع مالي حرج ، إذ لم تكن تلك الفرنكات القليلة التي يحصل عليها من التدريس كافية لسداد إيجار غرفته بالفندق ودفع ثمن وجباته . حاول أن يعمل دليلاً في الشركات السياحية ، ولكن الحظ لم يحالفه ، كان عليه أن يقتصد بشدة ليتمكن من العيش بستة فرنكات يومياً ، وفي أحد الأيام ومع مجيء الصيف توقفت دروسه فجأة .. فاضطر إلى رهن كل ما يملكه من ملابس ، ولم يعد يملك سوى البذلة التي يرتديها . وصار الحصول على عمل ضرورة لكي لا يموت جوعاً . فكر في صديق روسي اسمه (بوريس) كان وعده بالمساعدة إذا احتاجها ، فذهب إليه ، فإذا هو يجد الروسي في حال من الإفلاس أسوأ من حاله ! قررا الخروج للبحث عن عمل ، طافا على المطاعم والفنادق المعروفة لدى (بوريس) ولكن سوء الحظ لم يفارقهما ، وظلا على هذا الحال النكد مدة ثلاثة أسابيع ، ولم يرغب أحد في استخدامهما ، لأن (بوريس) كان أعرج ، وجورج أورويل بلا خبرة . أي أنهما كانا يشكلان الثنائي الذي لا مثيل له في النحس وعدم التوفيق . ذهبا إلى جمعية سرية شيوعية بهدف أن يكتب أورويل مقالات للصحافة السوفياتية وذلك مقابل 150 فرنكاً للمقال الواحد ، واضطرا إلى دفع مبلغ اشتراك ، وعندما عادا في المرة التالية اكتشفا أن المكتب مغلق ، وأنهما تعرضا للاحتيال ، وأن أولئك لم يكونوا سوى جماعة من المنفيين الروس النصابين . وفي نهاية المطاف حصل جورج أورويل على وظيفة غاسل صحون في فندق «س». وقبل حصوله على هذه الوظيفة عاش ثلاثة أيام على الطعام المسروق الذي كان يجلبه له صديقه (بوريس) الذي سبقه للعمل هناك نادلاً . أعتقد أن أي شخص يقرأ ما كتبه أورويل عن طريقة تحضير الطعام في الفنادق الفخمة والمطاعم الفاخرة فإنه لن يذوق لقمة فيها أبدا , أورويل شاهد بعينيه القذارة التي لا تطاق في المطابخ ، والصراصير في مخازن المؤونة ، وبصاق الطباخين في الحساء ، وأصابع النادلين التي تلحس وتنغمس في كل طبق يحملونه ، واللحم الذي يسقط على الأرض بين الأوساخ ويمسح بالمناديل القذرة ويرسل للزبون .. وهو اكتشف أن ما يهم هذه الفنادق الضخمة ليس إعداد طعام نظيف ، بل وجبة مُعدة بدقة حسب الأصول . كما لاحظ أن المطاعم العادية التي تقدم وجبات بأسعار رخيصة هي التي تراعي فعلاً قواعد النظافة ، وشرح باستفاضة الأسباب . استمر أورويل يعمل لستة أسابيع في هذا الفندق الذي يعد واحداً من أفضل عشرة فنادق في باريس (للمفارقة هذا الفندق ما زال قائماً حتى اليوم بساحة الكونكورد ، وبنفس الاسم الذي يبدأ بالحرف س). ثم انتقل للعمل في مطعم يملكه روسي منفي بإلحاح من صديقه بوريس ، حيث كان يعمل غاسلاً للصحون من الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل دون راحة ، إلا فترات قصار لتناول وجبات طعامه ، ولم يكن ينام سوى خمس ساعات في اليوم . ولم يستطع التخلص من هذا الوضع القاتل للجسد والروح إلا عندما وجد بالكاد ربع ساعة من وقت الفراغ ، فكتب إلى أحد أصدقائه في لندن طالباً مساعدته . وبعد أيام قلائل وصلته النقود ، فتمكن أخيراً من مغادرة فرنسا . كتب أورويل فصلاً كاملاً عن حياة غاسلي الصحون محللاً أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ، وهو يخرج باستنتاج مفاده أن غاسلي الصحون - الذين يوجد منهم الآلاف في كل مدينة من مدن العالم - هم عبيد العصر الحديث . في لندن اتجه رأساً إلى صديقه الذي وعده بالعمل ولكنه فوجئ بأن العمل الموعود لم يعد مُتيسراً ، وعليه أن يصبر مدة من الزمن حتى تتهيأ فرصة أخرى .. كانت ضربة قاصمة لآماله ، ولم يفكر في الاستدانة بل قرر أن يعيش حياة التشرد مع المتشردين باختلاف ألوانهم : البيض والسود والملونين من الهنود . يذكر عن نفسه موقفاً ظريفاً : «رأيت في لامبث شخصاً هو متشرد واضح ، يتجه إليّ ، وعندما نظرت ثانية وجدته أنا نفسي في واجهة مخزن منعكساً» (ص 144). وحين نفدت نقوده كان يقصد (السبايك) وهي ملاجئ تقدم المبيت والطعام المجاني للمشردين .

يختم جورج أورويل كتابه الشيق بخلاصات ثاقبة :

«لكني قادر على الإشارة إلى أمر أو أمرين تعلمتهما جيداً في محنتي ، لن أفكر ثانية بأن كل المتشردين هم أوغاد سكيرون ، ولن أتوقع أن يكون متسول ممتناً حين أعطيه بنساً ، ولن يدهشني أن يكون العاطلون يفتقدون الطاقة على العمل ، وأن يشتركوا في جيش الخلاص ، وأن أرهن ملابسي ، وأنني لن أرفض إعلاناً يدوياً ، ولن ألتذ بوجبة في مطعم فاخر» (ص 238). يعج الكتاب بالشخصيات ، ويقدم أورويل دزينة من الأشخاص مع تحليل ودراسة لسلوكهم . أحياناً تكفي بضعة أسطر للإمساك بالتكوين النفسي الشديد التعقيد للنفس البشرية . لا شك أنه أستاذ في فهم الروح وعذاباتها ولواعجها ، وذو مقدرة غاية في الدهاء على كشف المعدن الذي يتكون منه الرجل أو المرأة ، ومن خلال موقف عابر في الحياة .


تعليق : من هذة المقدمة يبدو الكتاب ممتع و يستاهل الواحد يقراه خصوصا" عندما يكون لكاتب بحجم جورج أورويل . أكثر ما شد انتباهي هي خلاصة تجاربه و نصائحه التي ذكر الكاتب بعض منها في التقرير , و التي لن يتمكن من صياغتها غير من مر بالتجربة الصعبة جدا", و هي تجربة الفقر الشديد و التشرد في اثنتين من أكبر المدن العالمية و العمل في مهن شاقة مثل غسل الصحون .

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :
المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
متشرداً في باريس و لندن البرواز و الصورة المنتدى الثقافي 0 15-07-2017 08:54 PM
بيروت .. باريس .. مدريد البرواز و الصورة المنتدى العام 0 31-05-2015 01:22 AM
خليجيون يدفعون 19 ألف دولار يوميا لإيجار سيارة في لندن البرواز و الصورة منتدى السفر و السياحة 0 22-09-2013 01:18 PM
قطر تشتري فندق انتيركونتيننتال وسط لندن ب 600 مليون دولار البرواز و الصورة منتدى الاخبار العربية و العالمية 0 29-03-2013 07:06 PM


الساعة الآن 02:35 PM