العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الثقافي
الإهداءات
البرواز و الصورة من الفوز بكاس اسياء : الف مبروك للمنتخب القطري الفوز بكاس اسياء للمرة الثانية على التوالي بعد فوزه بالبطولة الماضية عام 2019

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-2017 , 08:18 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,330
أخر زيارة : اليوم 02:40 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon37 تاريخ الآداب الفرنسية منذ عصر النهضة و حتى اليوم



هاشم صالح

اسمحوا لي بأن «أثرثر» قليلا على هامش هذا الكتاب الموسوعي الضخم المؤلف من ثلاثة أجزاء , و الذي ساهم في تأليفه ما لا يقل عن ثلاثين باحثا من أساتذة الجامعات الفرنسية . إنه يدعى : تاريخ فرنسا الأدبية . و هو يستعرض تاريخ الآداب الفرنسية منذ عصر النهضة و حتى اليوم ، لكن بالمعنى الواسع لكلمة أدب . فهو يضم التيارات الفلسفية و الفكرية ، بل و السياسية أيضا . و قد أشرف عليه كل من الباحثين جان شارل دارمون و ميشيل ديلون . و الأول هو أستاذ في جامعة سان كانتان و عضو المعهد الجامعي الأعلى لفرنسا . و أما الآخر فهو أستاذ الآداب الفرنسية في السوربون . و يتحدث الكتاب في أحد أجزائه عن معارك المفكرين في عصر التنوير ، و يقول : لا ريب في أن الحركة الانتقادية للعقائد المسيحية كانت قد ابتدأت في القرن السابع عشر ، لكنها لم تبلغ ذروتها إلا في القرن الثامن عشر , أي عصر التنوير الكبير . فالمفكر الفرنسي ريشار سيمون طبق النقد التاريخي على التوراة و الإنجيل منذ عام 1698 ، أي في أواخر القرن السابع عشر ، و دشن بذلك حقبة جديدة في التنوير الديني العقلاني . و كشف عن العلاقات الكائنة بين هذه النصوص و التاريخ بكل ملابساته اللغوية و الاجتماعية و الثقافية . فالنصوص الدينية لها علاقة بالتاريخ أيضا ، و ليست فوق التاريخ إلا بمقاصدها الروحية و الأخلاقية السامية . لكنه أثار عليه حقد التيار الأصولي في المسيحية ، فحاربوه و حاصروه إلى درجة أنه اضطر في آخر حياته بعد أن تجاوز السبعين إلى حرق مخطوطاته في البرية خوفا من أن يكبسوا عليه ليلا و يجدوها عنده و يتهموه بالكفر و الضلال . لكن ريشار سيمون هذا يظل رجل دين و لا يتحدث عن المسيحية من الخارج كما سيفعل فلاسفة التنوير لاحقا ، و إنما من الداخل . و مع ذلك فقد لاحقته الكنيسة و محاكم التفتيش و نغصت عيشه . فما بالك بالآخرين ؟ و الواقع أن «الإخوان المسيحيين» راحوا يلاحقون كل أتباع الأفكار الجديدة المتولدة عن الفلسفة الديكارتية . و راحوا يتهمونهم في إيمانهم و معتقدهم و ينعتونهم بالكفر و الإلحاد ، على الرغم من أن معظمهم لم يكن ملحدا أبدا ، و إنما فقط مؤمنا عقلانيا , أي مستنيرا . لكن الأصولي المتعصب لم يكن يفرق بين الإلحاد و الإيمان المستنير . فإما أن تؤمن مثله ، أي بطريقة عمياء مغلقة و طائفية متعصبة ، و إما أن يتهمك بالكفر و الخروج على الدين . و لهذا السبب اضطر الكثيرون من الفلاسفة إلى الهرب من فرنسا في ذلك الزمان خوفا على حياتهم . و أشهرهم فولتير الذي أمضى معظم حياته خارج بلاده لكنه عندما عاد بعد ثلاثين عاما استقبل استقبال الأبطال . و هذه هي حالة بعض المثقفين العرب اليوم , انظر تبعثرهم في أرض المنافي و الشتات من باريس إلى لندن إلى بروكسل إلى أميركا ، بل و حتى أستراليا . و ربما وصلوا قريبا إلى المريخ خوفا من زمجرات الفضائيات و رجال الدين . ثم ظهر في أواخر عصر التنوير ، أي عام 1793 كتاب مهم للفيلسوف كوندورسيه تحت العنوان التالي : رسم المخطط التاريخي للروح البشرية (1793). و فيه يقول المؤلف إن أساتذة الفكر الجديد في أوروبا هم الإنجليزي فرانسيس بيكون ، و الإيطالي غاليليو ، و الفرنسي رينيه ديكارت . فهم الذين قدموا المنهج العلمي الجديد لأوروبا . و قالوا بما معناه : منذ اليوم فصاعدا لا ينبغي علينا أن نقبل كل ما وصلنا عن تراث الأقدمين و كأنه حقائق مطلقة . هذا ما تقوله مؤلفة هذا الفصل من الكتاب على لسان كوندورسيه ، و هي الباحثة نيكول جاك لوفيفر الأستاذة في جامعة باريس - نانتير حاليا . ثم تردف قائلة على لسان كوندورسيه : لا ينبغي على الإنسان الأوروبي بعد اليوم أن يصدق كل ما جاء في كتب التراث المسيحي و كأنها حقائق مطلقة ، معصومة . لا يكفي أن يقول المطارنة و الخوارنة أو حتى البابا شيئا لكي نصدقه فورا . و إنما ينبغي أن نضع كل هذه المقولات و الفتاوى على محك الغربلة و التمحيص و النقد العقلاني لكي نكشف عن صحتها أو خطئها . فالله زود الإنسان بالعقل لكي يستخدمه لا لكي يلغيه كما يجبرنا على ذلك المتزمتون الأصوليون في المسيحية . فهم يحشون عقول عامة الشعب حشوا بأفكار التواكل ، و التسليم ، و الغيبيات ، و الخرافات ، و المعجزات . و هكذا يساهمون في إلغاء عقولهم : أي أفضل ما أعطاه الله لهم . ثم تردف المؤلفة قائلة : في الواقع أن رينيه ديكارت كان أول من أقام التمييز بين الاعتقاد الديني - و المعرفة العلمية العقلانية . و قد جاء ذلك في كتابه الشهير : تأملات ميتافيزيقية . و هو كتاب صدر لأول مرة عام 1641 , أي في النصف الأول من القرن السابع عشر . و بالتالي ، فديكارت هو أستاذ كل فلاسفة التنوير في فرنسا من فولتير ، إلى ديدرو ، إلى جان جاك روسو ، إلى كوندورسيه إلى عشرات الآخرين . فديكارت هو الذي دشن الثورة الراديكالية في تاريخ الفكر الفرنسي و الأوروبي كله . و كان ذلك عندما نص على المبدأ الأساسي التالي : ينبغي علينا أن نفكك كل التصورات و الأفكار الموروثة عن الأقدمين إذا ما أردنا أن نؤسس معرفة علمية دقيقة بالظواهر و القضايا أيا تكن . لا يكفي أن يقول رجال الدين شيئا ما لكي يصبح صحيحا بشكل أوتوماتيكي . و نحن نقول على أثره ما يلي : لا يكفي أن يكرر مشايخنا على الفضائيات نفس الكلام الخرافي صباحا و مساء لكي يصبح حقائق منزلة . فرجال الدين بشر في نهاية المطاف و لا عصمة إلا لله . و كفانا جهلا و جهالات!

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الرقـابة :

الساعة الآن 05:52 PM