[البرواز و الصورة]

توماس فريدمان

في الماضي، كان الأهالي الأميركيون المنتمون إلى الطبقة المتوسطة ليسعدوا - وكانوا سعيدين فعلاً - إن عرفوا أن المدارس الرسمية التي يقصدها أولادهم أفضل من تلك الواقعة في الحي المجاور . ولكن بالنظر إلى أن حجم العالم تقلّص ، بات الحي المجاور اليوم يقع في شنغهاي أو هلسنكي . وبالتالي ، كتبت في أغسطس الماضي عموداً ، نقلت فيه كلاماً لأندرياس شلايشر - الذي يُجري الامتحان العالمي الذي يقارن أداء من هم في سن الخامسة عشرة في المدارس الرسمية حول العالم في مواد القراءة ، والرياضيات ، والعلوم - قال فيه، تصوّروا أن تتمكّنوا بعد بضع سنوات من دخول موقع إلكتروني ورؤية كيفية مقارنة مدرستكم بأخرى مماثلة في أي مكان من العالم ، على أن تأخذوا تلك المعلومات بعد ذلك إلى المدير وتسألوه : «لماذا لا نبلي حسناً كما تفعل المدارس في الصين أو فنلندا ؟».

الواقع أن هذا اليوم أتى ، بفضل مشروع تجريبي ناجح يشمل 105 مدارس أميركية ، أنجزه فريق عمل شلايشر في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» ، الذي يعمل على تنسيق امتحان «برنامج تقييم الطلاب الدوليين»، إلى جانب فريق جون شنور في مؤسسة «أميركا أتشيفز»، الذي عقد شراكة مع «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية». وابتداء من الخريف القادم ، سيكون بإمكان أي مدرسة ثانوية في الولايات المتحدة تحديد مقامها بالمقارنة مع أفضل المدارس في العالم ، باستعمال أداة جديدة يمكن أن تشترك المدارس للحصول عليها عبر موقع WWW.AMERICAACHIEVES.ORG وهذه الطريقة قابلة للمقارنة بامتحان «برنامج تقييم الطلاب الدوليين»، وتسمح بقياس مدى نجاح التلاميذ في تطبيق مهارتهم في القراءة والرياضيات والعلم لحل مشاكل العالم الفعلية.

وقد أعطي وصف للدراسة التجريبية في تقرير عن «أميركا أتشيفز»، بعنوان «الطبقة المتوسطة أم المستوى المتوسط ؟» ويقارن التقرير التلاميذ الأميركيين من الطبقة المتوسطة بنظرائهم العالميين من ذوي المقام الاجتماعي ذاته ، بالاستناد إلى امتحانات «برنامج تقييم الطلاب الدوليين» لعام 2009م . أما الخبر السيئ ، فهو أن تلاميذ الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة متأخرون إلى حد كبير عن نظرائهم عالمياً . وورد في التقرير أن «كثيرين يفترضون أن الفقر في الولايات المتحدة يتسبب بخفض العلامات الأميركية الإجمالية ، ولكن عندما يقوم المرء بتقسيم كل دولة إلى أرباع اقتصادية اجتماعية ، قد يرى أن تلاميذ الطبقة المتوسطة الأميركية يتأخرون ليس فقط عن تلاميذ مدارس ذات مزايا مشابهة ، ولكن أيضاً عن تلاميذ بوضع أسوأ منهم في عدد من الدول الأخرى».

والجدير ذكره أن الطلاب الأميركيين المنتمين إلى الربع الثاني من حيث الميزة الاجتماعية الاقتصادية - ومعظمهم ينتمي إلى أعالي الطبقة المتوسطة - سبقتهم في الأداء 24 دولة في مادة الرياضيات ، و15 دولة في مادة العلوم ، وفقاً لما كشفته الدراسة . أمّا في الربع الثالث من حيث الميزة الاجتماعية الاقتصادية - حيث يأتي معظم التلاميذ من أدنى الطبقة المتوسطة - فيتفوّق إلى حد كبير على التلاميذ الأميركيين نظراؤهم في 31 دولة أو منطقة في مادة الرياضيات ، وفي 25 دولة في مادة العلوم . أما الخبر الجيد، على حد تعبير شنور ، فهو أنها «المرّة الأولى التي وثّقنا فيها الواقع الذي يفيد بوجود مدارس أميركية منفردة تتفوق فعلياً في أدائها على دول العالم كافةً».

وورد في التقرير أن مدرسة «بيسيس تاكسون نورث» الثانوية غير الانتقائية التي تخدم تلاميذ من الطبقة المتوسطة ، من ذوي الأوضاع الاقتصادية الوضيعة ، تخطّت متوسط أداء المدارس في دول العالم كافّة ، في مواد القراءة والرياضيات والعلوم». وأضاف أن «ثلاث مدارس ثانوية غير انتقائية في فيرفاكس بولاية فانكوفر تفوقت في أدائها عن متوسط الأداء المسجل في كل دول العالم تقريباً». ومن بينها مدرسة «وودسون» التي تفوقت على كل مناطق العالم ، باستثناء شنغهاي ، في مادّة القراءة ، لكنّ الدراسة التجريبية كشفت أيضاً عن قدر من خداع الذات ، وقال شنور في هذا الصدد : «تتأخر إحدى المدارس ، التي تعلّم تلاميذ شبيهين بأولئك الذين يدرسون في «وودسون»، عن 29 دولة في مادة الرياضيات ، ولكنها حصلت على علامة «أ» على نظام مساءلتها ، وقد استندت في ذلك بشكل أساسي إلى الامتحان الخاص بتلك الولاية».

يتبوأ بول بامبريك-سانتويو منصب مدير إداري في «نورث ستار أكاديميز» في نيوارك ، وهي شبكة مدارس غير عادية تضم تسع مدارس مستقلة تلقى تمويلاً حكومياً لذوي الدخل المتدني شاركت في البرنامج ، ودخلت قائمة أفضل عشر مدارس في العالم. وأخبرني قائلاً ، «لطالما كانت لدينا امتحانات حكومية واختبارات «سات»، ولكننا لم نعتمد يوماً معايير دولية. وكانت تلك فرصة ذهبية لمعرفة مقامنا - في حال كنّا نريد أن نعدّ أولادنا للنجاح ، ليس فقط في هذه الدولة ، ولكن في السوق العالمي أيضاً». وقال إن ما حمّسه بشكل خاص هو الواقع الذي يفيد بأن الأطفال من ذوي الدخل المتدني في شنغهاي «قادرون على التفوق» على معظم مدارس الولايات المتحدة ، الأمر الذي وفّر لمدرسته نظيراً دولياً فعلياً يكون بمثابة مرجع.

وأضاف جاك ديل ، مدير مدارس مقاطعة فيرفاكس ، قائلاً ، «لدينا تعليقات ممتدة على 157 صفحة» جرّاء اشتراكنا في البرنامج التجريبي ، وهو أمر بالغ الأهمّية لأن امتحان «برنامج تقييم الطلاب الدوليين» يكشف عما إذا كان تلاميذ المدرسة الثانوية قادرين على تطبيق مهاراتهم في الرياضيات والعلوم والقراءة لحلّ مشاكل القرن الحادي والعشرين . وقال أيضاً «إن أحد المسؤولين لدي قال لي: ليست هذه المعايير المعتمدة في فيرجينيا لامتحانات التعلّم». وبالتالي ، ما هو سر أفضل المدارس من حيث الأداء ؟ الواقع أنه ما من سرّ أبداً . وقد كشفت الدراسة أن أفضل المدارس تتمتّع بركائز وثقافات قوية ، وتؤمن بأن كل شيء ممكن بالنسبة إلى أي تلميذ.

تعليق : هذة رسالة إلى كل مدير مدرسة أو مسؤول في التربية و التعليم للاستفسار عن طريقة التقييم هذي حتى يعرف مستوى طلابة مقارنة مع العالم لان هذي هي الطريقة للمنافسة و التطوير المستمر حتى يستفيد الجميع من نوعية التعليم و تحسينة .