العودة   منتديات القطرية > ๑۩۞۩๑ المنتديات الفرعية ๑۩۞۩๑ > المنتدى الثقافي
الإهداءات
البرواز و الصورة من الفوز بكاس اسياء : الف مبروك للمنتخب القطري الفوز بكاس اسياء للمرة الثانية على التوالي بعد فوزه بالبطولة الماضية عام 2019

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-08-2021 , 02:39 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,320
أخر زيارة : اليوم 12:01 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon37 الفيلسوف عند مؤسس الفلسفة



ابراهيم المطرودي

العودة للأصول فرض على كل باحث همه معرفة قيمة الحال و إدراك ثمن البدايات ، فكثير من الناس يظن أن ما يعرفه وأَوْقفه أهلُ زمنه عليه لم يخطر قبل ألفي سنة على بال أحد ، و لم يدر بخلد بشر ، و هو لو عاد أدراجه للماضي البعيد و فتش ما تركه الذين كانوا قبله , لوجد ذلك أو قريبا منه ، و لَعاد من رحلته مُوقنا أن كثيرا مما يقلقه و يثير ذهنه قد سبقه إليه غيره و أراحه من جهته . و من تلك القضايا مفهوم الفيلسوف و صورته التي ينبغي أن يكون عليها ، و أول من يسأل عنه الأستاذ سقراط و تلميذه الراوي عنه . يقول بارتلمي سانتهلير (ت : 1895م) في مقدمة ضافية عن الفلسفة ، صدر بها كتاب أرسطو (الكون و الفساد) عن سقراط : "و قد أمكن القول لا من غير حق إن الفلسفة ولدت مع سقراط ، و الواقع أن لهذا الرجل العجيب من المقام ما يسمح بأن يسند إليه هذا الشرف العالي ، و أن يقرن اسمه بهذه الحادثة الكبرى". و غرضي من إيراد هذا التقريظ أن يفطن إلى أن هذه المقالة في تناول فكرة الفيلسوف راجعة إلى هذا المؤسس الممدوح و مبنية على ما وصلنا منه , إن كان قد جاء إلينا بعد هذه القرون كما أراده و ابتغى إيصاله ، و إن كنت في حديثي حوله قد أحسنت النقل عنه ، و فهمت المعنى منه , مع ما يعرض لي و يعرض للنص المنقول عنه من تغيرات تقدم القول عنها في المقال السابق ، و مع ما جد في القضية , و هو أن نسختي المترجمة من الجمهورية و نقولي هنا كلها عنها ، تختلف اختلافا غير قليل عن النسخة الإنجليزية التي يقرأ فيها بعض من أعرف . و قبل الخوض في الحديث عن صورة الفيلسوف يجدر بي لفت القراء إلى أمرين أراهما ضروريين ، أولهما : أنني لا أقصد أن هذا المفهوم الذي يقدمه سقراط نهائي و ليس بعده قول فحسبي فقط أن أعرضه و أنقل قوله فيه ، و ثانيهما : أنني أرى قوله صالحا أن يكون معيارا لكل إنسان يظن نفسه فيلسوفا فيختبرها بما ذكره الأستاذ و يعرضها عليه ، فإن وجد نفسه كما قال فهو فيلسوف ، و إلّا فليبحث لها عن صفة أخرى يطلقها عليها . يذهب سقراط أولا إلى أن الفيلسوف عاشق للمعرفة و هائم فيها ، و يرى أن الناس ينبغي عليهم أن يراعوا ذلك فيه و يحكموا عليه به ، و في هذا يقول : "إذا كان المرء ميالا إلى تذوق كل المعارف ، و كان عكوفا على اكتساب العلم ، نهِما إلى الاطلاع ، ففي هذه الحالة وحدها يحق لنا أن نسميه فيلسوفا". و يجعل الصفة الثانية له الوعي بما وراء الظاهر ، و الانتهاء إلى الأبدي الذي لا يتغير ، و في هذا يقول عن الفلاسفة : "أولئك الذين يتسنى لهم أن يرقوا إلى الجميل في ذاته , و أن يتأملوا ماهيته" و يقول أيضا : "الفلاسفة هم القادرون على إدراك الأبدي غير المتغير ، و لما كان العاجزون عن إدراكه تائهين في بيداء التغير و تعدد الصور فليسوا فلاسفة" فهم الذين يعرفون العلل الأولى ، و يغوصون إلى المبادئ الأساسية ، و غيرهم يعرف ما نشأ عنها و خرج منها . و السمة الثالثة للفيلسوف عنده السعي الدائم وراء الحقيقة ، و الاستعداد لها بكل قوة ممكنة ، و في هذه الصفة يقول : "لا بد أن يسعى من يحب العلم بحقٍ إلى الحقيقة طوال حياته و بكل ما أُوتي من قوة"، فليس هناك غاية ينتهي إليها الفيلسوف و محطة يقف عندها ، إن حياته كلها جهاد وراء الحقيقة ، و مطالبة بها . و الأمر الرابع الذي على الحكيم أن يتحلّى به عند سقراط هو "الصدق و محبة الحق و كراهية الزيف و عدم قبول الكذب في أية صورة من صوره" و هذا معناه أن الفيلسوف ليس باحثا في المعرفة دارسا لها فقط ، بل هو نموذج يقتدى به في الأخلاق . و الخلق الخامس الذي على الفيلسوف أن يتصف به هو عدم الجبن و عدم الوضاعة ، و فيه يقول سقراط : "من كان بطبيعته جبانا وضيعا لا يستطيع أن يسهم في الفلسفة الحقة بنصيب" و الفلسفة بما هي بحثٌ دائم عن الحقيقة ، لا معنى لها دون الشجاعة و المواجهة . و الطبيعة السادسة التي ينتظرها سقراط من الفيلسوف هي "اتصاف المرء منذ حداثته بصفات النزاهة و الرقة و حسن المعاملة". و يلخص بعضها مرة أخرى مضيفا إليها سرعة التعلم و قوة الذاكرة : " فأنت تذكر بلا شك أن هذه الطبيعة تستتبع الشجاعة و كبر النفس و سرعة التعلم و قوة الذاكرة". و الذي أحب أن ألمح إليه بعد هذا الحديث أمور ثلاثة : الأول : أن يقيس كل منتم للفلسفة نفسه حسب ما ذكره الأستاذ و أقره تلميذه عليه ، و يرى بعد ذلك في نفسه ما رأياه فيها . و الثاني و هو الأهم : أن الفيلسوف الذي هذه صفته لا ينبغي للمسلم أن يخاف منه و يتوجس من قِبله ! و الثالث : أن الفلسفة ما هي سوى جماع صفات الفيلسوف ، فكيف يحرمها الدين و ينهى عنها رجاله ؟!

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

أدوات الرقـابة :

الساعة الآن 02:12 PM