عبدالرحمن الراشد
صحيح أن زمننا هذا من الغرابة لم نرَ زمنا مثله من قبل حيث بلغ التطرف مداه ! فـ«داعش» التنظيم المخيف لا تظنوا أنه يخصص معظم وقته الدعائي في تهديد الولايات المتحدة أو الحكومات العربية كما عهدناه يفعل من قبل بل يتوعد الجماعات المتطرفة من أمثاله . و هذا الشهر أشعلها حربا شعواء على السرورية ! السروريون هم جماعة متطرفة تنسب إلى محمد سرور زين العابدين مدرس رياضيات سوري كان يعمل في السعودية زرع فكرا حركيا يرفض السلفية التقليدية و شجع على التمرد الديني . و يعتقد أنه بسببه تبدلت السلفية و تغيرت السعودية . و قد اشتهرت هذه الجماعة باستخدامها سيف التكفير ضد الحكومات و المثقفين و كل من لا يتفق معها في الشأن الديني أو السياسي . الآن هذه الجماعة التي تسيدت الحسابات المتطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي و كانت تروع الناس أصبحت نفسها خائفة ! أصبحت مهمومة بتنظيم «داعش» دولة العراق و الشام الإسلامية الذي يعتبر السروريين كفارا يحل دماءهم و يتوعدهم بالقتال .و فجأة انقلب السروريون و الإخوان و من والاهم من كتّاب متشددين مثلهم يحذرون الناس من «داعش»! صاروا ضد التطرف و ضد من يصفونه بحزب الخوارج داعين إلى محاربة التنظيم ! و هذه الجماعة نفسها أي السرورية لا تقل شرا و عدوانا عن «داعش». الذي تغير أن الداعشيين صاروا يقفون على يمينهم يزايدون عليهم تطرفا و ينطقون بلهجة أكثر بذاءة . الحقيقة لم أتمالك نفسي مستغربا و ضاحكا من لغة «الدواعش» ضد رموز السروريين يتهمونهم بأسمائهم بأنهم عملاء للأنظمة و الغرب و ضد تطبيق الشريعة و إلى آخر الهراء الذي كانوا يؤذون به الآخرين من قبل . ما الذي يجعل هؤلاء المتطرفين الذين يسمون أنفسهم بالمشايخ و العلماء و طلاب العلم من تيار السرورية خيرا من علماء «داعش» و طلابه ؟ فالتطرف ملة واحدة جميعهم يمارسون التكفير و يحرضون على قتال الآخر . الآن تنظيم «داعش» يصعد حربه و يتوعد أسماء كبيرة من متطرفي الإسلاميين إخوانا و سروريين و«قاعدة» الذين أصابهم الرعب من «داعش» كما تشي بهم هستيريا لغتهم ، صدمتهم لغة التكفير و التحريض عليهم بعد أن كانت سلاحهم من قبل ضد المسالمين من المسلمين . إنهم يتذوقون من نفس الدواء المر الذي جرعوه غيرهم من قبل . التطرف مرض ينخر جسد الأمة و مع هذا القلة الشجاعة تقف بوجهه و القليل يتم فعله . «داعش» نتاج تعاليم السروريين المتطرفة و هم بدورهم نتاج تطرف من سبقهم و هكذا سلسلة الفكر المتطرف الذي بدأ بصغائر الأمور و كبر حتى صار اليوم غولا يخرج كل المسلمين من ملتهم .
نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط"