[البرواز و الصورة]

علي الرز

وأخيراً كشف وزير السياحة اللبناني فادي عبود المستور ولم ينتظر قارئي الفناجين والبصّارين والمتوقِّعين والمنجّمين. تبيّن ان الرجل "مكشوف عنه الحجاب"، او ان علاقاته بدوائر الاستخبارات العالمية أقوى من علاقات ميشال سماحة بدوائر الاستخبارات السورية.

اكتشف عبود، لا فضّ فوه، سرّ "المؤامرة الخليجية الكبرى" ضدّ لبنان. قال ان مطالبة دول خليجية مواطنيها بعدم السفر الى بيروت سببها الرغبة في تنشيط السياحة في الامارات العربية المتحدة.

سامح الله دولة الامارات. الآن، ومن خلال الوزير عبود، اكتشف اللبنانيون انها هي مَن أرسلت شباب "حزب الله" بالقمصان السود الى شوارع بيروت فارضين بالسلاح تغييراً في كل المعادلة السياسية التي أنتجتها صناديق الاقتراع.

وسامح الله الامارات، فبعدما اعتقد اللبنانيون انها أرسلت خبراء لنزع الالغام التي خلّفتها اسرائيل في الجنوب، اتّضح، ومن خلال عبود ايضاً، انها هي مَن جنّدت المسؤول الأمني السوري علي مملوك الذي جنّد ميشال سماحة القريب من فريق وزير السياحة اللبناني السياسي وحمّلته ألغاماً ومتفجرات لزرْعها في المآدب الرمضانية وتفجير لبنان وطوائفه.

وسامح الله الامارات لانها أوقفت مواطناً قطرياً في أحد فنادق بيروت وأرادت تلبيسه تهمة "قاعديّة" وأخرى "جهادية" وثالثة "تخريبية" ثم أفرجت عنه بعدما هدّدت دولٌ خليجية بان موقفها إزاء الافتراءات والتلفيقات سيكون مخالفاً لما اعتادت بيروت سماعه.
وسامح الله الامارات لانها انشأت "أجنحة عسكرية" للعائلات والعشائر اللبنانية ودفعتها الى خطف عمال سوريين ورجل أعمال تركي وإقفال طريق مطار بيروت، ثم تبع ذلك تهديد عشرات المسلحين علناً وأمام كاميرات التلفزيون بأن أيّ خليجي سيأتي الى لبنان سيُخطف، بل ذهب هؤلاء الى الطلب من الخليجيين ان يغادروا لبنان عبر البحر لان مَن سيفعل عبر المطار لن يصل الى المطار. طبعاً، شاهد الجميع "الحال المزرية" التي غادر بها الخليجيون المطار بمواكبة أمنية وكأنهم خارجون من حصار ستالينغراد، كما تيقّن الجميع ان عشرات المسلّحين عادوا الى منازلهم من دون ايّ مساءلة من الحكومة اللبنانية التي يلعب وزير السياحة وفريقه السياسي دوراً "فاعلاً" فيها.

وسامح الله الامارات لانها خطفت المواطن الكويتي عصام الحوطي من منزله في البقاع اللبناني، وهو قال بلسانه إن الخاطفين اعتقدوا للوهلة الاولى انه سعودي وأرادوا نقله الى سورية ليعترف امام الفضائيات بأنه "من مموّلي المجاهدين والجيش الحرّ"، ولولا علاقة الرئيس نبيه بري "الخاصة جداً" بالكويت لما عاد الحوطي الى بلاده ولكان الآن ورقة ابتزاز سورية - خليجية.

وسامح الله الامارات لانها أرادت تصدير الأزمة السورية الى طرابلس اللبنانية من خلال تزويد المقاتلين من الطرفيْن هناك بجميع أنواع الاسلحة.

وسامح الله الامارات لانها أرسلت سيارة مفخخة لاغتيال وسام الحسن ابرز شخصية أمنية، اعترف رئيس الحكومة اللبنانية، اي رئيس عبود، بان اكتشاف مخطط سماحة هو السبب الرئيسي لهذا الاغتيال.

للأسف الشديد، كشفتْ "عبقرية" الوزير عبود ان الامارات ودول الخليج فعلتْ ذلك كله في لبنان من اجل ألف او عشرة آلاف سائح اضافي الى فنادقها.

عندما كانت المطربة صباح تصدح بأغنية "جيب المِجوز يا عبّود"، كان قائد الفرقة عبّود عبد العال يطلب من العازف النافخ في المجوز (نوع من الأبواق) ان يواكب الأغنية بصوت أعلى ويعطيها نكهة فولكلورية خاصة ويغطي على نشاز بعض العازفين. والوزير فادي عبود ينفخ بمجوز سورية و"حزب الله" وايران اليوم علّه يغطي على نشاز سياساتها وعيوب ممارساتها. ينتقل بتصريحه "الذكي" الى مقدمة المسرح اللبناني في محاولة لتلميع كل الانتهاكات التي ارتُكبت بحق لبنان وعلاقاته العربية والدولية، بل ويمهّد (بطلبٍ ممّن دفعه) للاساءة الى اللبنانيين في الخارج الذين استضافتْهم دول الخليج وعاملتْهم كمواطنيها وفتحت لهم القلوب قبل الأبواب.

ليْته ما عزف بهذا النشاز ... وليْته يدرك ان عزفه لن يؤدي إلا الى خروج الافعى برأسها أكثر.

* نقلا عن "الراي" الكويتية.