مُعَلَّقَةُ الْكَرَى وَالْهَوَى
يَا لَيْتَ لِلشِّعْرِ الْمُنَمَّقِ تَعْشَقُ *** لَكَتَبْتُ شِعْرًا لَا يُنَالُ وَيُسْبَقُ
وَدَعَوْتُ جِنَّ الشِّعْرِ كُلَّ وُفُودِهِمْ *** فَأَتَتْ إِلَيَّ جُيُوشُهَا تَتَدَفَّقُ
وَلَكَانَ أَيْقَظْتُ الْفَطَاحِلَ كُلَّهُمْ *** مِنْ عَهْدِ آدَمَ حِينَ بَانَ الْمَنْطِقُ
لَأَتَى إِلَيَّ نَوَابِغٌ وَفُحُولُهَا *** مِمَّنْ قَصَائِدُهُمْ تُجَلُّ تُعَلَّقُ
بِدْءً مِنَ الْكِنْدِيِّ حَامِلِ رَايَةٍ *** مِنْ خَلْفِهِ زُمَرُ الْقَوَافِلِ تَلْحَقُ
وَلَهُمْ صَهِيلٌ لَا يُشَقُّ غُبَارُهُمْ *** فِي كُلِّ قَافِيَةٍ حُرُوفٌ تُوثَقُ
حَتَّى أَتَوْا زَمَنِي وَمَرْبَطَ نَاقَتِي *** وَلَدَى خِيَامِي قَدْ أَنَاخَ الْفَيْلَقُ
فَهُنَا جَرَيرٌ قَدْ أَتَى وَرُوَاتُهُ ***وَهُنَاكَ قَدْ حَمَلَ الدُّوَاةَ فَرَزْدَقُ
وَابْنُ الْحُسَيْنِ أَتَى يَجُرُّ ذُيُولَهَ *** قُرْطَاسُهُ أَقْلَامُهُ وَالْمِبْرَقُ
وَكَأَنَّ حَافِظَ حَافِظٌ لِمَوَدَّتِي ***وَكَأَنَّ شَوْقِي لِلِّقَا يَتَشَوَّقُ
كُلٌّ يُعَانِقُنِي وَيَبْسُطُ كَفَّهُ *** فَالْأَمْرُ أَمْرُكَ فَالْبَيَانُ مُطَوَّقُ
فَهُنَا طُلُولٌ إِنْ تَشَاءُ وُقُوفَهَا *** وَإِذَا تَشَاءُ فَأَنْهُرٌ وَخَوَرْنَقُ
أَوْ بِالْحَدَائِقِ إِذْ يَتِيهُ رَبِيعُهَا *** وَزُهُورُهَا وَبِهَا النَّدَى تَتَفَتَّقُ
وَكَأَنَّ لِي لَيْلَى أَتِيهُ بِحُبِّهَا *** وَبُثَيْنَةٌ تُبْدِي الْغَرَامَ وَتَعْشَقُ
أَوْ عَزَّةٌ حَرَّى أُبَادِلُهَا الْهَوَى *** وَكَذَاكَ عَبْلَةُ بِالْمَحَبَّةِ تَرْمُقُ
وَكَذَاكَ عَفْرَاءٌ تَحِنُّ وَعُتْبَةٌ ***وَلَّادَةٌ زَيْدُونُهَا فَمُطَلَّقُ
لَكِنَّنِي عِفْتُ الْغَرَامَ مَعَ الْهَوَى *** إِلَّا الَّتِي قَلْبِي لَهَا يَتَعَشَّقُ
وَصَدَدْتُ كُلَّ الْعَاشِقَاتِ وَلَمْ أَمِلْ *** إِلَّا إِلَى تِلْكَ الَّتِي لَا تَرْفَقُ
لَوْ نِلْتُ مِنْهَا الْحُبَّ أُصْبِحُ شَاعِرًا *** يَجْرِي بِمِضْمَارِ الْهَوَى لَا يُلْحَقُ
لَوْ أَنَّهَا قَبِلَتْ بِنَبْضِ مَحَبَّتِي *** إِذْ كَانَ قَلْبِي بِالْمَحَبَّةِ يَخْفِقُ
لَكَتَبْتُ فِيهَا مَا يَرِقُّ لِعَيْنِهَا *** تُصْغِي إِلَيْهِ طُيُورُهَا وَتُصَفِّقُ
وَكَتَبْتُ مَا يَأْتِي الزَّمَانُ وَمَا مَضَى*** وَعُيُونُ بَحْرِ الشِّعْرِ فِيَّ تُحَدِّقُ
وَمَلَئْتُ شَهْدَ الْحُبِّ كُلَّ إِنَائِهَا***صَفْوًا نَقِيًّا سَلْسَلًا يُتَذَوَّقُ
وَلَكَانَ قَيْسٌ كَاللُّبَابِ جُنُونُهُ ***وَلَكَانَ عَنْتَرُ كَالْجَبَانِ يُحَمَّقُ
وَلَكُنْتُ أَشْعَرَ مَنْ يَسِيرُ عَلَى الثَّرَى *** كُلُّ الْقَصَائِدِ فِي الْهَوَى سَتُمَزَّقُ
لَكِنَّهَا صَدَّتْ وَرَدَّتْ وَرْدَتِي *** كَيْفَ الْوُرُودُ إِذَا الْمَشَاعِرُ تُغْلَقُ
مِنْ أَيِّ نَبْعٍ أَسْتَقِي لِدَفَاتِرِي *** مَهْمَا أَقُولُ فَإِنَّنِي سَأُهَرْطِقُ
نَامُوا فَقَدْ نَامَتْ فَتِيلُ قَصَائِدِي***وَوُقُودُ أُغْنِيَتِي فَكَيْفَ أُصَفِّقُ
عُودُوا مَعَ الشُّكْرِ الْجَزِيلِ قَوَافِلِي *** فَلَرُبَّمَا يَوْمٌ يَجِيءُ فَأَغْدَقُ
وَأَفَقْتُ مِنْ نَوْمِي فَمَا أَحْلَى الْكَرَى *** قَدْ كُنْتُ ثَرْثَارًا سُدًى أَتَشَدَّقُ
شعر/بكر موسى هارون هوساوي -2/8/1442ه
#بكر_موسى