أحمد المسلماني
فاجأ العلماء الألمان العالم بقرب التوصل إلى دواء ضد الغباء .. اهتمت المواقع الأمريكية و الروسية بالنبأ المذهل و ما الذى يمكن أن يصل إليه العلم فى هذا الصدد . (1) فى «معهد الوراثة الجزيئية» فى ألمانيا يعمل فريق من العلماء على إنتاج عقارات جديدة فى إطار «الحرب العلمية العالمية» على مرض ألزهايمر . نجح العلماء فى التوصل إلى عقار جديد سيكون الأهم فى تاريخ هذه الحرب يعمل العلماء الآن على إنجاح تجاربهم على الفئران و هى خريطة طريق معتادة حيث يسبق الفئران الإنسان فى كل التجارب الطبية . لقد بدأت التجارب الإضافية من أجل «وقف النشاط الزائد فى بعض الخلايا العصبية لدى الإنسان» و «إحلال الاستقرار فى عمل المخ و تحسين قدرته على التفكير و التركيز». تقول مواقع ألمانية و روسية رصينة : إن الدواء الجديد سوف يستخدم كذلك فى علاج الغباء حيث سيكون بمقدور أى رجل أو امرأة أن يتناول ذلك العقار للحد من الغباء . (2) لقد جاءتْ عناوين الخبر فى الصحف العالمية تحت هذا العنوان المفاجئ : «دواء ضدّ الغباء». و إن المرء ليتساءل : إلى أين يمضى العلم ؟ و ما الذى سيتوصل إليه الإنسان ؟ و كيف سيكون وضع الإنسان فى منتصف هذا القرن و كيف سيكون عند نهايته ؟ إنه لأمر مثير و مفزع معًا أن نتابع بحوث الهندسة الوراثية و الجينات لنجد أننا نتجه إلى «المجهول العظيم» أو «المجهول المروِع» كلاهما قد يأتى معًا . يتحدث العلماء عن العلاج الجينى للعديد من الأمراض و عن آفاقٍ هائلة للطب الجينى ستنقل الصحة الإنسانية إلى مستوى غير مسبوق . و قد انتقلت هذه الآمال السعيدة من «الجسد» إلى «النفس» و بات العلماء يتحدثون عن الشعور و الوعى و العقل و عن الإدراك و التفكير و السلوك . و فى إشارة إلى المستوى الذى يمكن أن يكون عليه «إنسان المستقبل» أعلن العلماء فى «MIT» فى خريف عام 2014 التوصل إلى الجين المسؤول عن محو الذكريات و أنه يمكن التدخل لتعظيم نشاطه و محو كل الذكريات السيئة من حياة الإنسان ! (3) فى فبراير عام 2015 كشف باحثون للمرة الأولى فى علم الوراثة «خريطة الجينوم الأعلى» مما يتيح مواجهة بعض الأمراض الخطيرة التى يتعرض لها الإنسان و فى الشهر نفسه فاجأت بريطانيا العالم بالموافقة على آلية «الإخصاب الثلاثى» العلاجية التى يقول الأطباء إنها ستمنع توارث الأمراض المستعصية . و فى أغسطس عام 2015 جاءت النقلة الجديدة : دواء ضد الغباء ! (4) فى الجانب الآخر يتحدث علماء عن خطر على حياة البشر إذا استمر جنون الطب الجينى بلا توقف و من دون ضوابط أخلاقية . و وقع نخبة من كبار العلماء عريضة تطالب بوقف تجارب تعديل الجينات كما انتقد علماء بريطانيون قرار بلادهم بالموافقة على «الإخصاب الثلاثى» و قالوا : إنها خطوة نحو إنجاب «طفل حسب الطلب»! المؤكد - قطعًا - أن الطب الجينى سيكون الحدث الطبى الأهم فى تاريخ الإنسان و لكن المخاطر المحتملة ربما تكون أكثر شرًّا . ماذا لو تمكن العلم حقًا من تعديل السلوك أو تعديل الفكر أو تعديل القناعات و الذكريات ؟ ماذا لو قرر عدد من العلماء فى أحد المختبرات التدخل فى الجين الخاص عن محو الذكريات و قاموا بإلغاء «الدين» من حياة الإنسان ؟ ماذا لو ألغوا «الانتماء و الوطنية»؟! إن القدرة العلمية على التحكم فى جين محو الذكريات يمكن أن يعبث بكل شىء فى ذاكرة الإنسان و منها العائلة و الوطن و الدين ! (5) إن الحديث عن «دواء ضد الغباء» يدعو للتفاؤل للوهلة الأولى لكن التفكير العميق يجعل الأمور مفزعة للغاية ذلك ببساطة لأن إنتاج دواء ضد الغباء يعنى بالمقابل إمكانية إنتاج «دواء زيادة الغباء»! ثم إن أخذ الأمر على جانبه الإيجابى فقط هو خطير أيضًا . هل يمكن أن نتخيل أن كل الناس أذكياء كل الرجال و النساء أذكياء كل سكان القرية و الشارع و الحى و المدينة أذكياء ؟ هل يمكن تخيل أن يعيش الإنسان فى «القرية الذكية» أو «الدولة الذكية» التى لا يوجد فيها غبى واحد و لا تعدد أو تنوع أو تدرج فى مستويات الذكاء ؟