تحولات كبيرة عاشها الشاعر الراحل حجاب بن نحيت ( 1944 _ 2018) في حياته بداية من حياة الفقر إلى الغنى و من الفن إلى الزهد و التورع عنه ، ساهمت في صناعة ذلك التحول صفات شخصية كانت تميز بن نحيت عن مجايليه فهو عدا الثقة بالنفس و الجرأة في اتخاذ القرارات ، يملك روح المجازفة و ليس هناك أبلغ من إقدامه على بيع بيته و مأوى أسرته و من ثم استئجاره و الدخول بمبلغه في صفقة تجارية مكنته من استعادة البيت بعد عام واحد هذا على الصعيد الاقتصادي ، لكن ماذا عن الصعيد الفني و الأضواء و الشهرة في مرحلة البدايات و كيف تشكلت تلك المرحلة المهمة في حياة حجاب بن نحيت ؟ هنا نسلط الضوء على ملمح من ملامح تلك التجربة ، يقول الناقد الفني في "صحيفة الرياض" عبدالرحمن الناصر : "حجاب بن نحيت اسم لمع كثيراً في بداية الستينات الميلادية ، و لأنه يعشق الفن منذ نعومة أظافره فقد ترك دياره و توارى عن الأنظار ليختبر قدراته الصوتية مع أحد الرواد ، و عضو أول فرقة موسيقية في نجد عبدالله بن نصار في حي (المقيبرة) وسط الرياض"، و أضاف : "أطلق صوته بمساعدة أجهزة صوتية بسيطة في عمر الخامسة عشرة ، حيث قال لابن نصار بكلمات حاسمة : (أريد أن أكون مغنياً) فكان الاختبار الأول ثم المحاولة و من ثم تسجيل أولى الأسطوانات ، و بعقد مالي كبير جعله في ذلك الوقت أغلى فنان سعودي حيث تقاضى 11 ألف ريال دفعة واحدة!". و بين الناصر أن العام 1964 شهد ولادة أول عمل فني بين الثنائي حمل اسم "يا بوي أنا" التي كانت ذائعة الصيت آنذاك و في تلك الفترة كانت الرياض تشهد افتتاح محلات بيع الأسطوانات الغنائية التي كان من أشهرها "الأسود فون"، و"نجدي فون"، و"الشعلة" و غيرها . بعدها انطلق حجاب يكتب الشعر و يلحن الكلمات و يغني باللهجة ذات الطابع البدوي ، رغم أن الأغنية النجدية و الحديث للناصر كانت في تلك الفترة تفتقد للدعم الاجتماعي إلا أن الفنان حجاب بن نحيت استطاع أن يضع لنفسه مكانة بين الفنانين و أن يسرق الأضواء و الإعجاب في وقت قصير . كان حجاب صاحب مبدأ في الأغنية و حياته الشخصية لم تكن عبثية و كان فناناً حقيقياً قارئاً جيداً للمشهد من حوله , و في فورة الشباب و النجومية ارتبط لديه الغناء و الحب و العاطفة الجياشة بالزواج و هذا سبب في تعدد زيجاته . و كان لدى حجاب شكل مختلف للقصيدة المغناة المعتمدة على المشهد الحواري الدرامي ، و تجلى ذلك في أغنيته الشهيرة "طرقت باب الهوى" و تكرر في أكثر من أغنية ، و رغم العمر الفني القصير للفنان حجاب بن نحيت الذي اعتزل في منتصف السبعينات إلا أنه استطاع أن يكون مؤثراً و أحد نجوم اسطوانات "الغرامافون" (البيكم) و أن يقدم أغنياته على مسرح التلفزيون جنباً إلى جنب مع نجوم تلك الفترة الذهبية في تاريخ الأغنية السعودية .