خولة مطر
تسابق الخليجيون أخيرا لنشر صور تبدو فى مجملها فضائحية أو مخجلة على أقل تقدير لممارسات كثير من السياح الخليجيين فى المدن الأوروبية العريقة .. تأتى التسجيلات بالصوت و الصورة لأعداد كثيرة من خليجيين استباحوا الحدائق العامة و الشوارع المكتظة و ضفاف الأنهار و حتى برج إيفل لم يسلم من بعض من تلك التصرفات التى تبدو شاذة جدا . كثير من تلك الصور يثير السخرية و لكن الأكثر فى حقيقة الأمر يؤكد على بعض من الخلل لابد و أن تقف دول الخليج أمامه بشكل من الصراحة و المباشرة و بعيدا عن التذرع مرة أخرى بالعادات و التقاليد .. فلم يكن من عادات أهل الخليج أبدا، و خاصة الدول الخليجية التى عمل أهلها بالتجارة لسنوات طويلة و كانت لهم زيارات للهند و بريطانيا و غيرها أن يستبيحوا الأماكن العامة بل على العكس , كان الخليجيون الأوائل أكثر احتراما لعادات و تاريخ و تقاليد الدول التى يزورونها و كانوا دوما على رغبة لتعلم الجديد . و قد انعكس ذلك على عادات و تصرفات و نظرة هؤلاء الأوائل لمفهوم الحياة و الحضارة و احترام الآخر و كذلك و الأهم احترام و تكريم النساء ، فقد علَّم الآباء التجار الأوائل بناتهم حتى المراحل التعليمية العليا و ألحقوهن بكليات و جامعات خارج دولهم فى مصر و لبنان على وجه التحديد . المشاهد التى تواردت فى مجملها تشير إلى تصرفات هى كلها دخيلة لم تطرأ على تلك المجتمعات إلا خلال العشرين سنة الأخيرة ، و ازدادت مع الوقت عندما طغت ثقافة عوائد النفط و الاستهلاك و الاقتصاد الريعى على الحياة العامة . فانتشرت أمراض مثل النظرة الدونية للآخر و التعامل السيئ مع اليد العاملة الوافدة خاصة التى تعمل فى وظائف متدنية حتى يقول بعض الخليجيين بكثير من الجهل «هذا هندى» بنظرة دونية لشعب لديه من الحضارة و التقدم و التطور التكنولوجى ما يتفوق على دول الخليج مجتمعة التى لا تعرف سوى الاستيراد و الاستهلاك و الثروة العقارية الزائفة التى لا تصنع دول حتما و بالطبع لا تصنع شعوب . و نتيجة لحرارة الصيف الشديدة التى لا يتحملها بشر يرحل الخليجيون بحثا عن نسمة هواء و هذا كله مشروع كما يفعل الأوروبيون فى الصيف و لكن بالتوجه نحو البحر بعيدا عن شتائهم الطويل بأيامه الغائمة . و حتى يكون هناك شكل من الإنصاف فإن بعضا من الأوروبيين كانت لهم تصرفات مشينة و مسيئة فى بعض المدن الساحلية الإسبانية أو الفرنسية و لكنها لا تبقى دون عقاب القانون الذى يفعل فعله بالردع . و كذلك ملاحظات و انتقادات الإعلام الوطنى بهذه الدول و التوجيه و النصح من قبل حكومات بعض من هذه الدول . أما فى الخليج فهناك أكثر من عامل مساهم فى مثل هذه الممارسات أولها النظرة إلى الآخر على أنه عبد أو على أقل تقدير أقل من الخليجى القادم بأمواله التى تشترى البشر و الحجر و ما بينهما . كل ذلك مبنى على فكرة تبدو مغمسة بكثير من الجهل و الكبت لمجرد أننا نملك المال أو بعضه حتى أصبحت هذه ثقافة أثرياء الخليج بل و حتى طبقاتها المتوسطة . كما أن فقدان القدوة يبدو عاملا مؤثرا جدا , فإذا كان علية القوم أو المسئولون بتلك الدول يقومون باستباحة الأماكن العامة فلم لا يفعلها الخليجى البسيط ؟؟؟!!! لكل ذلك افترش الخليجيون الهايد بارك و وضعوا أراجيلهم و أصناف طعامهم و موسيقاهم الصاخبة بأعلى صوت غير مكترثين بالآخرين الذين لهم فى مثل هذه الأماكن العامة نصيب و حق مثلهم .. ثم تركوا أطفالهم لتعذب الطيور و الحيوانات الأليفة و رجالهم يخترقون بنظراتهم النساء الباحثات عن بعض من الاستحمام بالشمس فيما يجلسون هم بالقرب من نسائهم المتشحات بالسواد من رءوسهن حتى أخمص أقدامهن فى موجة حر أوروبية!!! و الآخرون فى المدن الألمانية و النمساوية خالفوا كل أعراف تلك الدول العريقة بفرض طريقتهم و تقاليدهم الدخيلة حتى فى العلاقات بين المرأة و الرجل التى بالطبع أثارت استفزاز العديد من الألمان و النمساويين و غيرهم من الأوروبيين بعد أن ناضلت نسائهم و رجالهم من أجل مساواة المرأة و كسر كل أصناف التمييز ضدها .. و لم تسلم منهم حتى مدننا العربية انظروا لأولئك فى فنادق القاهرة الفاخرة و هم يتربعون على الكراسى الوفيرة واضعين أقدامهم فوقها غير مكترثين بأنها للجميع و ليست خاصة بهم . و لا يكتفون بذلك بل يتعاملون و بكثير من التعالى مع العاملين فى مثل هذه الفنادق و غيرها .. كل هؤلاء لا يمثلون الخليج الذى نعرفه و لا الخليجيون الآباء و الأمهات الذين كانوا على درجة كبيرة من التواضع و الخجل و الاحترام للآخر و الرغبة العميقة فى التعلم من ثقافات الكون ، بل و الامتنان لكل أولئك المصريين و اللبنانيين و الفلسطينيين و غيرهم من العرب الذين علموا أجيالا من أبناء الخليج الأوائل ، و غيرهم ممن أسسوا الصحافة الخليجية فى مراحلها الحديثة و المسرح و المتاحف . و لايزال أبناؤهم يعلمون فى هذه الدول ليقدموا خلاصة تجاربهم و عصارة حضارة شعوبهم و بلدانهم و غيرها .. ماذا حدث للخليجيين ؟؟ ماذا حدث لنا ؟؟
تعليق : بعض الملاحظات اختلف معها مثل قولة وجود نساءهم متشحات بالسواد بجانبهم ؟ كل واحد حر يلبس اللي يريدة و هذا بديهي و مش محتاج مناظرة . و عن التواضع و التعالي مافية أكثر عنصرية و نظرة دونية للاخرين من الأوروبيين و اللي عاشرهم يعرف ذلك جيدا" لكن مظطرين للاسف للتعامل معهم و زيارة بلدانهم و شكل الكاتبة تنظر لشي ما تفقة فية أو بناء" على انطباعات من بعيد متأثرة بتقدم الغرب الحضاري أكثر منة أنساني . نعم الخليج عندة ازمة اخلاقية و حضارية نتيجة التعليم الردئ و الثقافة المتخلفة و اصلاح هذا يبداء من التعليم الجيد و التربية . و بالنسبة لموال علمناكم اللي يحلو للنخبة و العامة ترديدة بمناسبة و بدون , نقول لهم هذا شي تم بمقابل و قليل منة تم مجاني و ليس فية مجال للتمنن علي الخليج . بينما همرت على الدول العربية الاموال الخليجية الطائلة بدون منة أو معايرة على شكل منح و قروض ميسرة و استثمارات . كون رؤسائكم حرامية و فاسدين مش مشكلتنا فكفو عن هذة الاسطوانة المملة و المشروخة .