الموضوع: العقل و الدين
عرض مشاركة واحدة
قديم 17-02-2015 , 02:12 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,330
أخر زيارة : 08-05-2024 05:35 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon37 العقل و الدين



محمد ناهض القويز

يكتسب العقل أهمية كبيرة في الإسلام , فلا تكليف بلا عقل كما أن العقل شرط لازم في التكاليف و في العقود . و لكن تم للأسف تحييد العقل في عصر مبكر من الإسلام حيث اشتهر بين المجتهدين الأوائل "السلف" قولهم بأن الدين ليس بالعقل و لو كان الدين بالعقل لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره في محاولة منهم للجم كل من يفكر خارج الصندوق . و برغم خطأ الاستشهاد و بطلان الاحتجاج به إلا أنه لقي قبولا لدى من جاء بعدهم . و هكذا أتاح تحييد العقل للعديد من الجُمل البشرية أن تكتسب قدسية كاذبة, و استمرت تلك الجمل بعوارها إلى يومنا هذا و زاد عليها المتأخرون جملا مشابهة مع العودة لمسح باطن الخف بدلا من ظاهره عند اللزوم . مقابل إسقاط دور العقل في الإسلام و أحكامه من قبل المجتهدين الذين يعتقدون بفعلهم هذا أنهم يحمون الدين من جور العقل أكد القرآن الكريم مرارا و تكرارا على أهمية دور العقل و الفكر في قضايا الإيمان و التشريع ، بل إن هناك استنكارا واضحا من القرآن على من لايُعمل عقله و فكره أو من يغفل التدبر في الآيات و في القرآن ذاته . و في القرآن الكريم ما يفوق العشرين آية تربط الإيمان و الشرائع بالعقل ربطا مباشرا أحيانا أو تستنكر تعطيل الإنسان للعقل صراحة هذا غير آيات التدبر . و هذه بعض الشواهد من الآيات الكريمة : "كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون"الروم 28 , "ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون"العنكبوت 35 , "و ما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله و يجعل الرجس على الذين لايعقلون"يونس 100 , هذا الحث على التفكر و التدبر و إعمال العقل من القرآن يقابله رهاب غير مبرر من قبل رجال الدين . و الحقيقة أن هذا الرهاب للعقل من قبل رجال الدين لم يكن حصرا على الإسلام فقط فقد أصاب الأديان الأخرى مما نتج عنه عداء مستحكم بين العلم و العلماء و بين رجال الدين ، و نشأ في المسيحية مصطلح "لاتفكر بل آمن" كان السلاح المستخدم للجم العقل هو الرمي بالهرطقة و الزندقة مبررا لفظائع ارتكبت في حق العلماء . و تاريخ الكنيسة مليء بأمثلة كثيرة للسحل و القتل لعلماء قالوا بغير ما يعتقده رجال الدين في مسائل الحياة و الكون ، و كذلك حرق مؤلفات تخالف رأي الكنيسة حتى و لو كانت مؤلفات علمية بحتة . و ربما كان ذلك هو السبب الذي حدا بكبير القساوسة في عصر الظلمات إلى أن يغض الطرف عن حبر متبحر في النصرانية و يرفض أن يضمه لكنيسته رغم التزكيات الكثيرة و الثناء على علمه من قبل العارفين . أعلنها كبير القساوسة صريحة و قال لا أريد عالما صاحب رأي يملك زمام فكره و يعمل عقلا لا أعرف له ضوابط ، بل أريد عقولا طرية "أطفالا" أشكلها كما أريد فتشب على ما نعلمها و يصبح هو الحق و ما سواه باطلا ثم نختار منهم من يحمل رسالة الكنيسة من بعدنا و بهذا نضمن استمرار نهجنا .