عرض مشاركة واحدة
قديم 21-05-2015 , 06:54 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,330
أخر زيارة : اليوم 06:23 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة متواجد حالياً

Icon29 المؤسساتية : نجاح .. أم بلادة ؟



حمزة السالم

يتخرج جورج طالب أمريكي في جامعة مغمورة ببكالوريوس تخصص تاريخ قديم فيعين مباشرة في وظيفة مسئول التأشيرات في سفارة أمريكية لبلد ما فإذا به يقوم بعمله بكفاءة تامة من الساعة الأولى .. فكيف يُمكن إنجاز هذا ؟ أتوقع أن هذا الخريج الأمريكي يُسلَّم عند توقيعه لعقد التوظيف كتاباً أو كتابين ليقرأهما خلال سفره لمقر عمله الجديد .. و أتوقع أن يكون الكتاب عن الإجراءات المتبعة و عن بعض الجوانب من الثقافة المحلية للبلد التي قد يكون للثقافة آثار أو متعلقات متى فُهمت شرحت بعض التصرفات الغريبة أو المشبوهة لطالبي التأشيرة .. فإذا ما وصل جورج لمقر عمله و جلس على مكتبه فإذا هو أمام خطوات تفصيلية في رسوم بيانية شجرية تقود نفسها بنفسها للقرار اللازم اتخاذه .. فإذا صادفته حالة لم تجد لها خياراً مناسباً أبلغ رئيسه ليرشده على الإجراء المناسب . و عادة ما يكون هذا الرئيس يتمتع بصلاحيات واسعة مرنة و يكون مسئولاً عن قطاع واسع من أقسام السفارة مثلاً .. و أتوقع أنه يتم تحديث مخطط تسلسل إجراءت العمل ليحتوي الحالة الجديدة . و المدير يقيم مقدرات جورج القيادية و الإبداعية من خلال تخارجاته و حلوله للحالات الخارجة نوعاً ما عن المخطط التفصيلي .. فمصير المنظمة و الصناعة الدبلوماسية الأمريكية و مصير جورج معلق إذاً بمقدرة رئيسه على تقييم مستوى الإبداعية و التخارج بالحلول .. والداهية المبدع يدرك مدى عمق دهاء و إبداعية مَنْ أمامه و يقدر قيمتها .. و البليد يرى دهاء مقابله جنوناً و إبداعيته خبالاً .. و لذا الذكي المبدع لا يحسد الذكي و لكن ينافسه إيجابياً .. و البليد لا يسلم من حسده إلا الأشد بلادة منه . فهل المؤسساتية وسيلة حتمية تؤدي لتنظيم الأمور و تطوير المنظمة و التقدم بالصناعة المتعلقة بها ، و تضمن نجاح التنقيب عن العقول ؟ الجواب : لا .. ليس بالضرورة .. فقد تنجح المؤسساتية في تسيير الأمور بكفاءة منخفضة لا بكفاءة عالية .. كما لا تستطيع المؤسساتية أن تطور منظمتها كما لا تستطيع تطوير الصناعة إذا كان شاغلو المناصب الإدارية لا يحسنون - عجزاً أو قصداً أو تنظيمياً - تقييم المقدرات العقلية لموظفي المنظمة أمثال جورج . و الشواهد المشاهدة و المشهورة كثيرة فمنها النموذج المؤسساتي في إدارة بريطانيا لمستعمراتها الذي قصدت إدارته عمداً كبت المواهب القيادية الهندية و اقتصرت في المناصب الإدارية على البريطانيين الذين كانوا مؤهلين لإدراك عباقرة القياديين الهنود من أشكال جورج فاستخدم الإداريون البريطانيون مقدرتهم على تمييز العقل و الإبداع من أجل كشف إبداعية الهنود لإخمادها و قتل همة عباقرتهم . و هناك نموذج أرامكو المؤسساتي الذي استطاع مواكبة تسيير العمل بكفاءة بتكلفة قد تكون غالية الثمن و لكن مؤسساتية أرامكو عجزت عن تطوير الصناعة النفطية أو تطوير المنظمة و التطوير غير مسايرة الزمن ، فغيرنا يطوِر و نحن نأخذ منه فنساير العصر .. و دليل نجاح المؤسساتية هو تطورها عاماً بعد عام لأن المنظمة تكتشف عباقرتها و مبدعيها عن طريق المؤسساتية عبر الزمن بطريقة تضاعفية .. و التطور غير التوسع فخذ شاهداً مثلاً كتطور شركات البترول العالمية تبدأ بحفارة و تنتهي بعد عقد أو عقدين و هي في أرجاء الأرض تنقب عن البترول و تحفر الآبار و تبني المحطات و تخترع الوسائل المبتكرة الجديدة .. بينما أرامكو بدأت بحفارة أمريكية و انتهت بآلاف الحفارات الأمريكية و النرويجية و غيرها ليس بينها حفارة سعودية . نجحت أرامكو في تسيير المهام كونها منظمة مؤسساتية و لكنها لم تطور الصناعة و لم تستغن عن الخبراء و الاستشاريين الأمريكيين . و ذلك لأن الخبراء الأمريكيين هم من وضعوا المخطط المؤسساتي بتفصيلاته الدقيقة تماماً كما وضعوا الحفارة . و هم ما زالوا كذلك من يغذي التجديد في هذا التنظيم المؤسساتي و تفصيلاته تماماً كما جلبنا نحن الحفارات المتقدمة من الخارج .. فنحن نساير لا نطور بل و لا حتى نصنع . و السعوديون هم من وضعوا المديرين في هذه المنظمة المؤسساتية .. فلوم تطوير أرامكو على المديرين السعوديين لا على الأمريكيين , فأرامكو مستقلة لا تتبع لأجنبي إلا بخيار من السعودي نفسه ، و الأمريكي و حكومته غالباً ما تبذل علومها لمن يريد ليس كطريقة الاستعمار البريطاني . و لذا قد يجد الإداري السعودي الخارج من أرامكو صعوبة في قيادة منشأة أخرى .. لأن هذا الإداري لم يشارك و لم يطور المؤسساتية التي خدمته في أرامكو و لم يفهمها .. كالضابط العسكري الذي اعتمد في السلم على النظام العسكري في قيادة الجند تراه يفشل في قيادتهم في الحرب لأنه لم يفهم القيادة بل استخدمها و لم يفهم التكتيكات العسكرية بل تبع تعليماتها . و هناك نموذج البنوك شبه المؤسساتي الذي استطاع تسيير العمل بكفاءة منخفضة و بأخطاء كثيرة و كبيرة و عجز مع ذلك عن اللحاق بالصناعة و مواكبتها فضلاً عن عجزه في تطوير الصناعة البنكية .. و هناك نماذج متنوعة من مؤسساتية الشركات و لكن كلها تدور حول النموذج المؤسساتي البريطاني في الهند المقتبس من منعهم العبيد تعلم القراءة و الكتابة لكي لا يصبحوا مفكرين قياديين فيتمكنوا من الاستقلالية الاقتصادية و بالتالي الاستقلالية السيادية .. حيث كان يشنق العبد أو يحرق إذا قرأ أو كتب .. بينما تراهم يعلمونه فنون القيام بالأعمال الإنتاجية في الزراعة و الصناعة .. فلا يعلَّم إلا ماذا يفعل لينفذ الأمر لا كيف يفعل ليفهم سبب الأمر . و نحن أحرار فتحت لنا الدنيا أبوابها بعز المال و بتقدير الإنسانية اليوم للعقل البشري لتعلمنا كيف نفعل و لكننا اخترنا بمشيئتنا و بأموالنا الاقتصار على علم ماذا نفعل .

تعليق : مقال مهم و عميق في معناة لتغير مسارنا للوجهة الصحيحة ما دام المال متوفر قبل فوات الاوان . و الكلام هنا موجة لكل مسؤول أن يخاف الله في مستقبل بلدة و امتة و أن نبداء من اصلاح التعليم بشقية الفني و الديني لانة مبين أن الموجود فشل فشلا" ذريعا" بحيث انتج لنا حفيظة و فكر القاعدة و داعش . يجب إلا نخجل من مناقشة عيوبنا فهذا أول طريق الاصلاح .