عرض مشاركة واحدة
قديم 29-09-2014 , 04:52 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,330
أخر زيارة : يوم أمس 02:40 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon375 هل هناك تهديد حوثي على الأمن القومي السعودي ؟

عبدالله حميد الدين

لا أحد يدري على وجه الحقيقة ما حدث في اليمن و لكن هناك بعض المؤشرات . يبدو أنه حصل توافق عالمي و إقليمي و يمني على ضرورة التخلص من «الإخوان المسلمين» و سيطرتهم على مفاصل مهمة في الحكومة اليمنية و الجيش . يظهر هذا التوافق من الصمت الرسمي التام عالمياً و إقليمياً على تطوّر الأحداث . هذا إضافة إلى التصريحات السعودية و الخليجية التي باركت اتفاق صنعاء . يمنياً فإنه ما كان ممكناً للحوثيين القضاء على علي محسن الأحمر و لا على الأطراف المسلحة من حزب الإصلاح لولا أن أبرز القيادات السياسية و العسكرية و القبلية أرادت ذلك . لقد كانت معركة شرسة بالفعل ذهب ضحيتها المئات من القتلى و الجرحى . و لو أرادت القوى اليمنية الأخرى أن تطيل الأمر لكان لها ذلك . في اليمن يصعب اقتلاع شيخ قبيلة صغير من موقعه بهذه السهولة فكيف بجنرال له قوّات عسكرية موالية و بحزب يشارك في حكم اليمن منذ ربع قرن . معظم الكتابات من السعودية استغربت الصمت أو الرضا السعودي ، إنها كلّها تعلم بأن ما كان ممكناً لأن يحصل ما حصل لولا أنَّ السعودية أرادته أو على الأقل أنها قرّرت السماح بحصوله . و كل تلك الكتابات وصفت الحدث بأنه سقوط لصنعاء في يد إيران . و بعض الآراء حذّرت من الإرهاب الدموي الذي سيحصل و أسلوب بعض الأطراف المحسوبة على «الإخوان المسلمين» ينبئ بأنهم يتمنون حمّام دمٍ في اليمن فقط لكي يثبتوا للحكومة السعودية أنّها أخطأت ، و لكي يقولوا لها إنها ستندم . و لكن ما حصل في اليمن لم يكن سقوطاً لصنعاء في يد إيران و لا حتى في يد الحوثيين . الأمر الوحيد الذي حصل فعلاً هو سقوط نهائي لحزب الإصلاح و لعلي محسن الأحمر و هما طرفان أساسيّان في تغذية الإرهاب و دعم القاعدة في اليمن . و صحيح إنَّ ما حصل رافقه صعود لنفوذ الحوثيين في اليمن و هذا الصعود ليس في مصلحة السعودية باعتبار التحالف الثلاثي الموجود بين حزب الله و إيران و الحوثيين . و لكن هذا النفوذ بكل ما فيه من مخاطر إلا أنه أقل خطورة من استمرار سيطرة «الإخوان المسلمين» و حلفائهم على الحكومة اليمنية . يبدو أن الحسابات التي دفعت القوى الدولية و الإقليمية و اليمنية للرضا عن صعود الحوثيين كانت الآتي :

1 - حزب الإصلاح كان دولة في «لا-دولة». أي هناك تيار متطرف يسيطر على مؤسسات حكومية سيادية و على كتائب عسكرية و ميليشيات قبلية ، و هناك تيار متطرف آخر - الحوثيون - لا يملك إلا قوّة عسكرية و ليس له جذور في مؤسسات الحكم في اليمن .

2 - لا يمكن القضاء عليهما معاً و لا يمكن أيضاً السماح لهما بالاستمرار معاً .
3 - التيار الأول أخطر بسبب عمق وجوده في الدولة ، و في الجيش ، و لسوابقه في دعم الإرهاب ، و هو حالياً أقدر على تهديد الأمن القومي الإقليمي . أي هناك تهديد فعلي من الإصلاح ، و تهديد كامن من الحوثيين .
4 - فكان القرار القضاء على التهديد الفعلي ثم التفرغ للقضاء على التهديد الكامن . هناك حساب آخر ربما أُخذ بالاعتبار عندما تمت الموافقة على السماح للحوثيين بالقضاء على التطرف الإصلاحي و هو أنَّ الحوثيين لا يمكنهم أبداً السيطرة على اليمن بالطريقة التي سيطر فيها حزب الإصلاح على اليمن سابقاً . أمام الحوثيين طريق طويل جداً قبل تحقيق ذلك ، و لن يحصل . الحوثيون ليس لديهم إلا خيار المشاركة مع الأطراف اليمنية الأخرى ، و حينها سيمكن تحييد أثرهم كثيراً . فهناك أطراف يمنية متعددة لن تسمح للحوثيين بالسيطرة الكاملة و ستفرض عليهم المشاركة في الحكم . لذلك فإنَّ مقارنة ما حصل في صنعاء 2014 بما حصل في بيروت 2008 غير دقيق . حزب الله سيطر على بيروت و هو دولة كاملة و حاضر في الجيش اللبناني و في الاستخبارات و في الحكومة اللبنانية نفسها , أما الحوثيون فليسوا إلا قوّة عسكرية .

عدم سيطرة الحوثيين على اليمن مستقبلاً لا يعني أنَّ صعودهم لا يشكل تهديداً على الأمن القومي الخليجي و ذلك بسبب تحالفهم مع إيران . و السؤال ما الخيارات لمنع هذا من الحصول ؟ للإجابة عن السؤال لا بد من أخذ مجموعة حقائق بالاعتبار : أولاً يبدو أنَّ السعودية و إيران في طريقهما إلى التفاهم حول خلق نظام إقليمي جديد يقوم على توازن قوى بين حلفاء البلدين . و قد رأينا بدايات هذا في العراق حيث أدركت إيران أنها لن تستطيع السيطرة عليه و لن تستطيع إقصاء حلفاء المملكة من الحكم و أظن أن هذا ما سيحصل في اليمن . أي سيكون هناك صيغة للمشاركة في الحكم بحيث لا يكون للحوثيين – حلفاء إيران – هيمنة على اليمن و إنما يكونون قوّة بين قوى أخرى . ثانياً : السعودية تعلم بأن قوّة الحوثيين معتمدة على تحالفات قبلية واسعة , و هي تعلم أن هؤلاء الحلفاء ليسوا مرتبطين بالحوثيين ارتباطاً عقائدياً و أنهم قاتلوا معهم لوجود عدو مشترك لهم جميعاً . أي الحوثيون هم في الحقيقة نتيجة اتحاد العقائديين و هم قلّة مع القبائل و هم كثرة . و بعد ذهاب العدو المشترك فإن الجناح القبلي سيفرض شروطه و التي منها الحفاظ على العلاقة الإيجابية مع السعودية . فالغالبية الكاسحة من قبائل الشمال و الجنوب لن تقبل إطلاقاً بتهديد المملكة . ثالثاً : الحوثيون أنفسهم منقسمون , فيهم من ينظر إلى المملكة نظرة آيديولوجية و لكنهم قلّة , و هناك جناح براغماتي . إحدى تجليات البراغماتية الحوثية كانت في استعدادهم للتحالف مع علي عبدالله صالح و هو الذي أشعل عليهم فتيل ست حروب و قتل منهم المئات و شرّد الآلاف . هذا الجناح يُدرك أنه على المدى البعيد فإنَّ الجار السعودي هو الأهم و يعلمون أنّهم بالنسبة لإيران مجرّد ورقة سيتم الاستغناء عنها لو ضعفوا قليلاً . و هذا الجناح يعلم أنَّهم كجماعة لن يستطيعوا الاستمرار طويلاً في الحفاظ على موقعهم القويّ الآن و بالتالي فإنهم يفكّرون بضرورة فتح قنوات مع السعودية و هم في مركز قوّة قبل أن يضطروا إلى ذلك و هم في مركز ضعف . الجناح البراغماتي الحوثي يعلم أن اليمن ليست لبنان ، و أنَّ ما تحقق لحزب الله في لبنان لا يمكن أن يتحقق لهم في اليمن . فالمعطيات الاجتماعية و السياسية مختلفة تماماً . كما إن الحوثيين يعلمون أنّه بعد غياب العدو المشترك فإنَّ السعودية قادرة على قلب الطاولة عليهم و إدخالهم في صراعات لأعوام طويلة تستنزفهم تماماً . رابعاً : لا يوجد في اليمن مشكلة سنيّة - شيعية ، و لا يوجد طائفية . الطائفيّون هم المتطرفون من الإصلاح و هؤلاء خرجوا من الصورة و المتطرفون من الحوثيين و هؤلاء لن يسمح لهم بالتحرك . بالتالي فإنّه لن يحصل سيطرة شيعية على السنّة كما يحلو للبعض أن يتخيّل . خامساً : العلاقة بين السعودية و بين الهاشميين و الزيدية في اليمن كانت على الدوام علاقة ود . و معظم الزعامات الهاشمية و الزيدية تعلم أن السعودية وقفت معهم كثيراً و دعمتهم مالياً و عسكرياً في أكثر من موقف . و يعلمون أنَّ الحرب على الزيدية من بعض الأجنحة السلفية المتطرفة لم تكن بموافقة من الحكومة السعودية و إنما بسبب أجندات بعض السلفيين المتطرفين . على ضوء هذا فإن خيارات منع سيطرة إيران على اليمن واسعة جداً لعل أهمها ، أولاً : العمل الديبلوماسي السعودي الهادئ لإقصاء الشرائح المتطرفة الحوثية . ثانياً : تكثيف المصالح بين القبائل المتحالفة مع الحوثيين و بين السعودية من خلال مشاريع تنموية سعودية تقع في مناطقهم مباشرة . ثالثاً : دعم الحكومة اليمنية و تقوية مؤسساتها بحيث يمكن لها بسط سيطرتها التدريجية والبطيئة على اليمن كاملاً . بمثل هذا يمكن إبعاد شبح إيران عن اليمن و ضمان ألا تتحول اليمن إلى شوكة في خاصرة السعودية .


* نقلا عن "الحياة" اللندنية


تعليق : هذا المقال كافي لمعرفة ما صار في اليمن من سيطرة للحوثيين و كيف راح تتطور الاوضاع في المستقبل . تحليل منطقي و عميق للوضع يغني عن الكثير و يزيل التشويش الذي حدث بعد سيطرة الحوثيين بهذة السرعة . قريت كثير عن هذا الموضوع و لم يشبع رغبتي لمعرفة ما حدث مثل هذا المقال فشكرا" للكاتب على مجهودة و تحليلة المميز .